إغفال السلام من الخطاب الأمريكي

خطاب حالة الاتحاد هو الخطاب الذي يأخذ أولوية قصوى في اهتمامات أي رئيس أمريكي حيث يتناول أهم الشؤون المحلية والدولية، وعلى الرغم من أهمية القضية الفلسطينية فقد أغفلها جورج بوش في خطابه الأخير الأمر الذي رأى فيه أهل المنطقة والفلسطينيون في المقام الأول بادرة خطيرة تشير إلى تخفيف الاهتمام الأمريكي بالقضية.
وعلى الرغم من أن الخارجية الأمريكية أسرعت إلى توضيح الأمر مؤكدة التزام واشنطن بعملية السلام وأنها سترسل دبلوماسيين كبيرين إلى المنطقة لتنشيط عملية السلام وفقاً لخطة خريطة الطريق فإن خلو الخطاب الرئاسي من أي إشارة لفلسطين يعني غياب المبادرات الجادة للتسوية وعدم رغبة الولايات المتحدة في التحرك بصورة فاعلة.
عدم التحرك يعني ترك الأوضاع على ما هي عليه.. والأوضاع في وضعها ا لراهن تنذر بشرور لا حد لها من قبل إسرائيل.. فهناك هذا الجدار العنصري الذي يتلوى في أراضي الضفة الغربية ويقضم المساحات التي يفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية، كما أن هناك حملات التوغل العسكرية الإسرائيلية بكل ما يصاحبها من تنكيل وقمع بأبناء الشعب الفلسطيني، وهذه عمليات مرشحة للزيادة في غياب أي أمل بالتحرك لوقف التدهور المريع في أوضاع الفلسطينين.
إن مجرد إرسال موظفين كبيرين من واشنطن للمنطقة ليس كافياً للاقتناع بأن هناك رغبة أمريكية جادة في السلام، لكن القناعة ستتأتى إذا لجأت أمريكا إلى تغيير لهجتها المنحازة بشدة إلى إسرائيل واتباع سياسة متوازنة تجاه الأطراف المعنية بالسلام.
لكن أن يصاحب الانحياز الأمريكي لإسرائيل إغفال واضح للقضية الفلسطينية في أهم خطاب أمريكي، فإن ذلك سيشكل دافعاً لإسرائيل للمضي قدما في كل ما ترتكبه من قطاعات، فالتحرك الجاد نحو السلام يفترض أن يبدأ بوقف هذا العبث الإسرائيلي أما إغفال السلام فهو لصالح إسرائيل ولصالح كل ما ترتكبه من جرائم.