Friday 23rd January,200411439العددالجمعة 1 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة
محمد بن سعد السعيِّد ( * )

لا يخفى أن الله عز وجل أمر بالاعتصام بكتابه ونهى عن الفرقة والشتات قال تعالى: {واعًتّصٌمٍوا بٌحّبًلٌ اللَّهٌ جّمٌيعْا ولا تّفّرَّقٍوا} فلابد من الألفة والمحبة بين المسلمين والاجتماع على الحق، والتعاون والتكاتف، وأن يكونوا يداً واحدة وصفاً واحداً، لما في ذلك من القوة والمنعة للمؤمنين والعز والتمكين لهم، ولما في الفرقة والشتات من ضعف المسلمين وتسلط الاعداء عليهم، وكسر شوكتهم والنيل منهم، لذا ذمّ الله المتفرقين والمختلفين وتوعدهم بعذاب عظيم قال سبحانه: {ولا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ تّفّرَّقٍوا واخًتّلّفٍوا مٌنً بّعًدٌ مّا جّاءّهٍمٍ البّيٌَنّاتٍ وأٍوًلّئٌكّ لّهٍمً عّذّابِ عّظٌيمِ، يّوًمّ تّبًيّضٍَ وجٍوهِ وتّسًوّدٍَ وجٍوهِ فّأّمَّا الذٌينّ اسًوّدَّتً وجٍوهٍهٍمً أّكّفّرًتٍم بّعًدّ إيمّانٌكٍمً فّذٍوقٍوا العّذّابّ بٌمّا كٍنتٍمً تّكًفٍرٍونّ} [آل عمران: 105 ـ 106]. وما ضعفت الأمة واستكانت إلا من بعد اختلافها وتفرقها وظهور بعض الفرق الضالة التي تخالف مذهب أهل السنة والجماعة ومن أبرز هذه الفرق الضالة حديثاً وقديماً فرقة الخوارج، وسموا خوارج لأنهم خرجوا على علي رضي الله عنه فهم الذين قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم خرجوا على علي وطالبوا بدم عثمان بل كفّروا علياً رضي الله عنه وانشقوا عليه. ومن عقائدهم أي الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر وإن مات ولم يتب فهو خالد في النار، ويخرجون على إمام المسلمين لمجرد الزلة والخطيئة وهذا خلاف مذهب أهل السنة والجماعة الذين يرون أن مرتكب الكبيرة يعتبر ناقص الإيمان، مؤمناً بايمانه فاسقاً بكبيرته، ولا يعتبر كافراً ما لم يستحل الكبيرة أو يحل حراماً أو أن يحرم حلالاً، وإذا مات ولم يتب فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه ولا يخلد في النار إلا المشرك لقوله تعالى: {إنَّ اللَّهّ لا يّغًفٌرٍ أّن يٍشًرّكّ بٌهٌ ويّغًفٌرٍ مّا دٍونّ ذّلٌكّ لٌمّن يّشّاءٍ} [النساء:48] ومن عقيدة أهل السنة والجماعة: لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين ما لم يأمر بمعصية الله قال تعالى: {وأّطٌيعٍوا الرَّسٍولّ وأٍوًلٌي الأّمًرٌ مٌنكٍمً} [النساء: 59] وعن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبدٌ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة». رواه ابوداود والترمذي. لما في طاعة ولي الأمر من الترابط والتماسك وعدم الفرقة وحقن دماء المسلمين ونشر العدل والخير والأمن والاطمئنان وصيانة الانفس والاعراض والأموال لكن الخوارج مع تنسكهم وزهدهم وعبادتهم لا يتورعون من حمل السلاح على المسلمين والخروج على ولي أمر المسلمين وتكفير الحكام والعلماء ومن خالف مذهبهم ورأيهم فيستحلون بذلك سفك الدماء وحرمة الأنفس المعصومة والأموال، فيشيعون الفوضى والرعب والخوف بين المسلمين، وينقضون العهود والمواثيق ويستحلون أنفس المعاهدين وأهل الذمة ضاربين بالنصوص الشرعية عرض الحائط كقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل ذمياً أو معاهداً لم يجد عرف الجنة (أي ريحها) وأن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة» رواه البخاري. وأعظم من ذلك قتل المسلمين لاتفه الأسباب متجاهلين قوله تعالى: {ومّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا وغّضٌبّ اللَّهٍ عّلّيًهٌ ولّعّنّهٍ وأّعّدَّ لّهٍ عّذّابْا عّظٌيمْا} [النساء: 93]، فو أسفا على بعض شباب الأمة ممن انحرفوا عن جادة الصراط المستقيم ممن زلت بهم الأقدام وضلت بهم الاهواء والافكار الهدامة وسلكوا مسلك الخوارج فصاروا وبالاً على انفسهم ومجتمعاتهم وعلى أمة الإسلام فنهجوا منهج التفسيق والتبديع والتكفير مما جرهم ذلك للتفجير والتدمير وحسبوا ان ذلك من الجهاد وأن من يموت بهذا الأسلوب شهيد، وأيم الله أن ذلك بعيد كل البعد عن منهج الإسلام وما ذلك من الجهاد في شيء ولا يعتبر فاعله شهيداً بل قاتل لنفسه ومنتحر وهذا من أبشع الجرائم والموبقات وفي الحديث: «قاتل نفسه في النار». فيا شباب الإسلام ويا رجال المستقبل ويا عدة الأمة ورصيدها وأملها ويا من زلت بهم الأقدام عودوا الى الله عوداً حميداً وتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه والزموا جماعة المسلمين، واحذروا من الاجتهادات الخاطئة والفتاوى المضللة والافكار الهدامة عبر وسائل الإعلام العالمية المختلفة والتي قد يُراد منها تفريق كلمة المسلمين ونشر الذعر والخوف بينهم والنيل من حكام هذه البلاد وعلمائها ومواطنيها، وذلك لنزع الثقة والمحبة، وإحلال الحقد والبغض بين الحاكم والمحكوم، والعالم والعامي، فإذا اتسعت الفجوة برزت الفتن وسفكت الدماء واختل الأمن وعمّ الفساد، وانتشر الظلم، وضعفت الأمة وهانت على الأعداء.

( * ) إمام جامع سلطانة الشرقي بالرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved