Friday 23rd January,200411439العددالجمعة 1 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
الإساءة إلى الوالدين ظاهرة عقوق
سلمان بن محمد العُمري

«ابن» يضرب والدته ويحاول الاعتداء عليها وعلى شقيقاته!
عاق يطعن والدته.
طالب يطعن والده ب «مفك كهربائي»!
ترصّد لوالده أثناء عودته من الصلاة وطعنه من الخلف.
معلم يضرب أباه وزوجته لزواجه على والدته.
ابن عاق يضرب والده ضرباً مبرحاً!!
شاب يعتدي على والدته وأشقائه ب «ساطور» في جدة.
يقتل والده إمام المسجد أثناء نومه.
تلك هي بعض العناوين التي رصدتها في صحافتنا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وهي تحمل في طياتها نذير خطر لوجود مثل هذه السلوكيات المشينة في مجتمعنا. إن تلك الأخبار تقشعر لها الأبدان، وتشمئز منها النفوس، ويصاب العقل حين سماعها بالذهول.. ويتساءل الإنسان هل هؤلاء أسوياء؟! هل تغيّر مجتمعنا وبدأنا نقرأ مثل هذه الأخبار المفجعة؟! أم تحررت صحافتنا وبدأت تنشر مثل هذه المآسي المؤلمة!
ألم يقرأ هؤلاء قول الحق تبارك وتعالى: {وقّضّى" رّبٍَكّ أّلاَّ تّعًبٍدٍوا إلاَّ إيَّاهٍ وبٌالًوّالٌدّيًنٌ إحًسّانْا إمَّا يّبًلٍغّنَّ عٌندّكّ الكٌبّرّ أّحّدٍهٍمّا أّوً كٌلاهٍمّا فّلا تّقٍل لَّهٍمّا أٍفَُ ولا تّنًهّرًهٍمّا وقٍل لَّهٍمّا قّوًلاْ كّرٌيمْا . واخًفٌضً لّهٍمّا جّنّاحّ الذٍَلٌَ مٌنّ الرَّحًمّةٌ وقٍل رَّبٌَ ارًحّمًهٍمّا كّمّا رّبَّيّانٌي صّغٌيرْا}.
ألم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور».
إن وجود مثل هذه الأعمال المشينة في هذا المجتمع المسلم مؤشر خطير يتطلب المبادرة باحتوائه ومعالجته قبل استفحاله وانتشار ضرره، فإذا كان الوالدان يتعرضان لأشد أنواع الضرر من أبنائهما فما بالك ببقية أفراد المجتمع ومؤسساته.
إن ما نسمعه من مظاهر عقوق الأبناء لآبائهم عقوق يصل إلى درجة الشتم واللعن بل الضرب والقتل ، مؤشر ينذر بانهيار منظومة الأخلاق والقيم الخاصة بالمجتمع المسلم، العقوق حالة مزرية يصل إليها بعض البشر، فتحيلهم لبشر شكلاً، لا مضموناً، بشر يتصفون بصفات غير إنسانية، بشر بالشكل، أما العقل والفكر والعمل فلا، إن العقوق يشتمل على حالة من النكران لأفضال وأتعاب الوالدين، وهدر لحقوقهم التي أمر الله بها عز وجل والتي ينتظمها قول الحق تبارك وتعالى: {واعًبٍدٍوا اللَّهّ ولا تٍشًرٌكٍوا بٌهٌ شّيًئْا وبٌالًوّالٌدّيًنٌ إحًسّانْا}.
يذكر أحد المحبين للكلام في المجالس بمناسبة أو بغيرها أن هؤلاء الذين نشرت حالتهم وسائل الإعلام حالات شاذة، وموجودة في كل المجتمعات، ولا تدعو للدهشة والاستغراب.. وهؤلاء يتم إيقاع العقوبة الشرعية بهم من تعزير أو سجن أو حتى قتل أحياناً وتنتهي المشكلة!!
أيعقل مثل هذا الكلام.. فهل مشكلة كهذه يتم القضاء عليها بهذه الطريقة وحدها.. إنه يجب علينا التفكير في طرق الوقاية قبل العلاج.. ولا بد من دراسة متأنية جادة تقوم بها الجهات المسؤولة مع نخبة مختارة من أساتذة الشريعة والاجتماع والتربية وعلم النفس وغيرهم لبحث حالات هؤلاء قبل عقابهم.. فمن أوجد هؤلاء النشاز سيُوجد غيرهم في ظل هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن والمتغيرات، وتعددت وسائل الاتصالات والتقنية والتأثير، وأمر آخر مهم هل نشر مثل هذه الحوادث على صفحات الجرائد بهذه الطريقة يعين على حل المشكلة أم يسهم في تشجيع آخرين مترددين في الإقدام على أفعال مماثلة حياء فتكسر هذه الأخبار الحاجز النفسي لديه وتعطيه مبرراًَ - وإن كان غير مقبول بانه ليس وحده الذي يفعل ذلك؟.
ألا يمكن إعادة النظر في نشر هذه الحوادث، أو على الأقل النظر في أسلوب مناسب يضمن معه عدم إسهامه في وقوع حوادث مماثلة، خاصة ان بعض الصيغ تأتي وكأنها تحريض على مزيد من هذه الحوادث والأفعال المشينة.
لذا أقترح إن كان لا بدّ من نشرها، أن تكتب بأسلوب فيه استهجان هذا الفعل الذي لا يدل على مروءة ولا كرامة، ولا مقابلة الجميل بالجميل، مؤيداً بالشواهد القرآنية والأحاديث النبوية، والأمثال العربية.. والله من وراء القصد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved