* بغداد - د. حميد عبد الله:
فيما يؤكد المرجع الشيعي علي الحسيني السيستاني على ضرورة بقائه بعيداً عن المشاركة المباشرة في العملية السياسية في العراق، وفيما يدعو الشيعة (إلى التعاطي مع الأخطاء الأمريكية بمزيد من الصبر) يدعو في الوقت نفسه الى ان يحذوا حذو أجدادهم أبطال ثورة العشرين الذين قارعوا الاستعمار الإنكليزي بأمضى وأقوى سلاح وهو سلاح الإرادة. المرجع الشيعي قالها بنحو صريح ومباشر لوفد مجلس الحكم الذي زاره في مقر إقامته في النجف في الأسبوع الماضي (انه لن يقبل بتنصيب دكتاتور جديد في العراق) وقد تلقف أعضاء المجلس من ممثلي الأحزاب الشيعية الحاضرين ضمن الوفد كلمة السيستاني فحولوا تلك العبارة إلى جذوة حماس يشحذون بها الشارع الشيعي باتجاه أهدافهم وهكذا بدأت موجة التظاهرات تجوب مدن العراق الشيعية منذرة ببدء صفحة جديدة من العلاقة بين الشيعة والأمريكان.
ويبدو ان لحظة الافتراق بين الجانبين قد بدأت بالاقتراب بعد ان ظلت العلاقة بين الطرفين يسودها الرضا والتراضي غير المعلن حيث الشيعة ممتنون للأمريكان بسبب إطاحتهم صدام والأمريكان يراهنون على الصمت الشيعي في مواجهتهم الدامية مع المثلث السني، لكن نذر الافتراق والقطيعة بين الطرفين بدأت تلوح في الأفق ويكمن وراءها عاملان جوهريان هما الجوع وقداسة المذهب الذي يرى الشيعة ان الأمريكان تجاوزوا عليها أو تخطوها عن عمد ومن غير مبالاة، وما يجعل الوضع أكثر خطورة هو التزامن بين التصعيد السياسي حول الانتخابات التي يدعو اليها بإصرار وبدون تراجع السيد السيستاني وترفضها قوات التحالف بنفس الحدة والوضوح، وبين التظاهرات العارمة التي تشهدها المدن الشيعية ولخمسة أيام متتالية حيث يخرج الآلاف من الجائعين والعاطلين عن العمل وهم يهتفون ب(الموت لأمريكا) و«نعم» للسيد السيستاني وخاصة في مدينتي الكوت والعمارة اللتين تقلدان في معظمهما السيستاني وتأتمران بأمره.
|