أشارت دراسة خليجية نشرت مؤخراً إلى أن نسبة الإصابة بالسمنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وصلت إلى (60%)، وهذه النسبة تفوق كثيراً مثيلاتها في الدول المتقدمة، وأوضحت الدراسة أن السمنة أكثر انتشاراً عند النساء مقارنة بالرجال.
ووفق أحدث إحصائية أعدها د. عبدالحليم الجوخدار (المستشار الإقليمي للتثقيف الصحي بمنظمة الصحة العالمية) فإن معدل انتشار زيادة الوزن والسمنة عند النساء من (42%) إلى (68%)، ويشير د. محمد المنصور (خبير التغذية بمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط) إلي أن نسبة النساء البدينات في المملكة العربية السعودية تصل إلى 24% من السكان، بينما نسبة البدانة في الرجال 16%.
وقد أكدت دراسة عالمية أخرى بأن السمنة هي أكثر الأمراض التي تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية والغذائية بعضها مع بعض، لذلك نجد أن الإحصائيات تشير أيضاً إلى أن البدناء في الولايات المتحدة الأمريكية يقومون في كل عام بإنفاق أربعة بلايين دولار من أجل (التخسيس)، والبحث عن الرشاقة!
وفي هذا الحوار تعرِّف لنا د. ابتسام بنت عبدالكريم سردست (أخصائية الأطفال بمستشفى الحمادي بالرياض) البدانة بأنها التراكم الزائد للدسم تحت الجلد وبقية الأنسجة، وبأنه ليس هناك حد واضح يفصل بين التغذية الجيدة والتغذية الزائدة.. وعملياً يتم تشخيص البدانة من مظهر الطفل أكثر منه من الوزن الزائد، كما تتطرق د. سردست إلى أسباب البدانة، والوقاية منها..
* في البداية سألنا د. ابتسام عن أسباب حدوث البدانة؟
- فأجابت قائلة: تحدث البدانة عادة بسبب التناول الزائد للأغذية، والناجم عن زيادة الشهية للطعام، والتي يمكن أن تتأثر بعوامل مختلفة منها: الاضطرابات النفسية، وإضطرابات ما تحت السربر، والاضطرابات النخامية، أو الآفات الدماغية الأخرى، وكذلك زيادة الأنسولين بالدم.. وهناك الاستعداد الوراثي للبدانة، ولا يجب أن ننسى أن نقص النشاط والحيوية قد يكون مسئولاً عن البدانة، على الرغم من أن كمية الطعام المتناولة قد لا تكون زائدة، ومن هنا فإن الأمراض التي تستوجب بقاء الطفل في السرير لفترات طويلة قد تسبب أيضاً البدانة.. وهناك بعض الاضطرابات الغددية كداء كوشينغ.
* وهل هناك أسباب أخرى لحدوث البدانة؟
- قد تحدث البدانة بسبب زيادة عدد الخلايا الشحمية، أوحجمها، إذ يزداد عدد الخلايا الشحمية بسبب زيادة المتناول من السعرات الحرارية، خاصة خلال أشهر الحمل، وأثناء السنة الأولى من العمر.. وتستمر زيادة عدد الخلايا الشحمية بوجود المحرض لها (وهو زيادة المتناول من السعرات الحرارية)، ولو بمعدل أقل خلال فترة البلوغ، حيث إنه خلال فترات المراهقة يحدث نقص الحجم على حساب نقص حجم الخلايا الشحمية وليس عددها.. قد يصبح السمين مقاوماً للأنسولين، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة الأنسولين في الدم، وينقص الأنسولين انحلال الدسم ويزيد تركيبه، ومن المهم معرفة أن السكاكر النقية، والوجبات الغنية بالبروتينيات قد تسبب إفرازاً أكبر للأنسولين من الكربوهيدرات المعقدة.
ويجب تذكير الأمهات أن إعطاء زجاجات الحليب باستمرار كاستجابة لبكاء الأطفال، هذا يمكن أن يوجد عند الطفل عادة طلب الطعام عند الشعور بالإحباط، وإذا بدأت السمنة باكراً فإنها تميل لأن تستمر، وكذلك فإن تقديم الأغذية الصلبة الغنية بالسعرات الحرارية وبشكل مبكر قد يؤدي إلى زيادة سريعة في الوزن، وبالتالي إلى البدانة.
وسريرياً يمكن أن تظهر البدانة في أي عمر، لكنها أكثر شيوعاً في السنة الأولى من العمر، وفي سن 5-6 من العمر، وأثناء المراهقة، كما أن الطفل الذي تنجم بدانته عن زيادة المتناول من الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية لا يكون فقط أكثر وزناً من أترابه، ولكن أيضاً أطول، ويكون العمر العظمي متقدماً وتكون ملامح وجهه غير متناسبة، وإذا توضع الشحم في المنطقة الثديية عند الذكور فقد يكون علامة مميزة في التفريق بين البدانة وتطور الثديين لدى الذكور، ويكون البطن ضخماً ويكون فيه خطوط بيضاء.
وتبدو الأعضاء التناسلية الظاهرة عند الذكور، صغيرة ولكنها في الحقيقة بالحجم الطبيعي المناسب للعمر وقد يحدث البلوغ باكراً ونتيجة لذلك فإن الطول النهائي للبدين يكون أقل مما هو متوقع لذات العمر.
* وماذا عن الإناث؟
- عند الإناث يكون تطورالأعضاء التناسلية الظاهرية طبيعياً لدى معظمهن، ولا يتأخر عادة بدء الطمث، أما فيما يتعلق بسمنة الأطراف المحيطة، فتكون عادة أشد في الأقسام العلوية من الساعد والفخذ، وأحياناً تكون محصورة في هذه المناطق، حيث تكون اليدان صغيرتين نسبياً، وتكون الأصابع دقيقة، ولا يجب أن ننسى الاضطرابات النفسية الشائعة عند الأطفال البدينين، حتى ولو بدا الطفل ظاهرياً لا يعاني من أية مشاكل نفسية فإن الفحص النفسي الدقيق يظهر دائماً مشاكل نفسية مستبطنة، وهذه الاضطرابات النفسية قد تختلط في البدء مع الأسباب الأخرى المؤدية إلى البدانة، وتعتبر عادة عاملاً إضافياً لاستمرار البدانة.
* وما هي طرق الوقاية من البدانة؟
- الوقاية من حدوث البدانة تكون منذ الولادة، وذلك بإعطاء الطعام للرضيع عند وجود علامات الجوع فقط، وعدم إثارة شهية الطفل بالأطعمة المشهية، أو بوضع نظام للأكل ضمن أوقات زمنية منتظمة، وتعليم الطفل أن يأكل فقط عندما يجوع، هذه الطرق قد تساعد إلى حد بعيد في منع حدوث البدانة وفرط التغذية، وكذلك يجب تشجيع الطفل على النشاط والحركة.
وإذا كان الطفل ابناً لوالدين بدينين أو إخوة ذوي أوزان زائدة، يشجع هذا الطفل على تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة، وكذلك ممارسة الأنشطة الرياضية باستمرار، وفي علاج السمنة تطبق النظم الغذائية ذات السعرات الحرارية المنتظمة، والتي لا بد لنجاحها من كون الطفل البدين متعاوناً وراغباً في انخفاض وزنه، ولا يجب أن ننسى إعطاء الفيتامينات، خاصة فيتامين (د)، خاصة للأطفال في طور النمو، ومن غير المستحب حصول انخفاض سريع للوزن، كما يجب أن يتم تطبيق الحمية تحت إشراف طبي شامل مع وجود العلاج النفسي الداعم إذا لزم الأمر.
|