يسير الإنسان وبذات المسلم في هذه الحياة وفق منهج وشريعة واضحة تأخذ مساراً ثابتاً على الدوم يقوم على أنه مراقب من قبل الله سبحانه وتعالى على أفعاله وأقواله فهي أساس المحاسبة، وقد ميز الله الإنسان بأن منحه العقل الذي هو شعلة تضيء طريقه حتى بلوغ أجله، فإن طوعه نحو التدبر في خلق الله مع الاستفادة في حياته النفعية فقد فاز بحياة مثمرة وناجحة بإذن الله.
والمسلم مهما جاهد نفسه في هذه الدنيا على السير كما شرع الله لابد أن يقع في الإهمال والتقصير والخطأ وإن اختلفت درجة هذا الأخير وتفاوتت في الوقوع فيه لكنه يحصل والمسلم ليس معصوماً وقد لا يكون هذا الخطاء أحياناً متعمداً بل يكون ناتجاً عن سوء فهم للمسألة أو الحدث أو الموقف فيأخذ بالأفعال والأقوال الواردة على لسان فقيه أو عالم ممن اجتهد من الجدال غير المجدي وكذلك الاختلاف أحياناً وخاصة لدى من هو غير مطلع بشكل كافٍ في هذا الأمر، ومع هذا يظل أن الذي اجتهد لم تكن آراؤه وطرحه حجة فيمكن الأخذ بها أو ردها فإن كانت مناسبة لعصره فإنها لا تناسب عصراً آخر، وإذا أخذنا مسألة الاختلاف فإنه يعد أمراً طبيعياً، وقد حدث في تقارب زمني محدد وهذه الصورة تتضح من خلال المذاهب الأربعة وبين الأئمة أنفسهم مع أن بعضهم يتفوق على الآخر بغزارة علمه وقوة حجته، ومثال ذلك أبو حنيفة الذي كان بارعاً في زمانه في الفقه والرأي، وكان يعد هذا الاختلاف بمثابة رحمة ارتكز في حقيقته على ظروف وحالة المكان الذي يعيش فيه الإمام.. ومن هنا نشأت المذاهب الأربعة إلا أن هذا ليس بيت القصيد، فنحن عرجنا على ذلك لمجرد التذكير، أما العنوان الذي سوف يكون هو الركيزة في التوضيح هو أنك إذا أردت أن تقيم تحصيناً دينياً سليماً فكيف يمكن أن تبنيه وما هي الطريقة الصحيحة لبلوغه؟.. وهنا تكمن الحقيقة التي نريد أن نبحث عنها ونستوضحها، فالملاحظ هو أن الكثير ممن انكب وبشكل جارف نحو الاستزادة والاستفادة وهنا يقع الخطاء الجسيم الذي يؤدي أحياناً إلى التشتت وعدم الفهم الصحيح وكذلك إلى التشدد والغلو فالخطاب الديني أي كان نوعه يواجه اشكالية في التوجيه فيخلط في بعض الأوقات الحابل بالنابل فيخاطب الصغير بمسائل شائكة وكبيرة ويخاطب الكبير بمسائل سهلة وبسيطة، ونحن لا نريد وأد هذا الخطاب أو التقليل من أهميته ولكن نوضح هنا كيف يمكن يتبع لإيجاد تسلسل في الطرح يفيد بدلاً مما نواجهه في واقعنا من تلك الصورة المشتتة للذهن والعقل؟.. فهناك قول يقابله قول آخر فهذا أخذ بالرأي الأرجح وهذا اختلفت الروايات عليه وهذا قول مأثور وهذا مصدر اختلاف، فيجب أن نوجه ذلك الخطاب حسب ثقافة المتلقي وعمره والتسلسل والتدرج في العرض بداية بالأهم، ونحن في هذا العصر صار هناك تبادل منافع مع الكثير من الدول والأقطار مما استوجب السفر والترحال وحصل اختلاط ونقاش وحوار، وهنا يبرز دور التحصين الديني الذي قد يبرز وينجح في التغلب على محاوره، فقط في جانب يقوم على بيان الظلم والعدالة والأخلاق بين الدول ويفشل ويخسر المواجهة والمحاورة في مقابلة فرد هناك أياً كانت درجة ثقافتة، والذي يقرأ غير الذي يسمع أو يشاهد، فيجب أن يكون هناك إلمام كامل بكل نواحي الحياة، ولعل بعض الذين عايشوا الوضع هناك ولفترة طويلة لا بد وأن يكون قد مر عليهم سؤال عن تعدد الزوجات في الإسلام، وكذلك سؤال عن قطع يد السارق ولا أعرف كيف سيجيب الذي لا يملك تحصين ديني سليم وكافٍ؟ فالمطلوب وضع التصور الصحيح عند التوجيه والذي يشمل التبسيط الميسر غير الموغل في المسائل المختلف عليها إضافة إلى التركيز على مخاطبة عقل المتلقي وفق التعامل مع الحاضر المتغير الذي حدث فيه تقدم هائل في المعلومات ووسائل الاتصال وليس حصر الأمر وتكبيله في حيز ضيق يقوم فقط على ترديد المواقف والأقوال والأفعال التي وقعت في الماضي وكأننا نعيش لوحدنا على هذا الكوكب هذا يعد مخرجاً من تلك الحالة التي أوجدت تياراً فكرياً منغلقاً على نفسه لم يدرك أهمية المتغيرات والتفاعلات الحاصلة في العالم والتي تقوم في مجملها على التخطيط للمستقبل.
|