الأمن من أهم مقومات السعادة والاستقرار وأهم أسباب تقدم الشعوب ورقيها واعتلائها قمم الجبال، فالأمن حاجة إنسانية ملحة، ومطلب فطري لا تستقيم الحياة بدونه ولا يستغني عنه فرد من أفراد المجتمع، فلا تتصور الحياة بلا أمن بل لا يمكن أن تقبل أو تطاق، فإذا فقد الأمن تعطلت مصالح الناس وتوقفوا عن طلب العيش والكسب، بل وقد يتوقفون عن أداء كثير من العبادات التي كانوا يؤدونها بكل طمأنينة وخشوع في أيام الرخاء والأمن، فتنحصر هممهم في طلب الأمن لأنفسهم ومن تحت أيديهم، ودفع الظلم والعدوان الواقع أو المتوقع عليهم، فتتعطل بذلك المصالح وتتوقف أنشطة الحياة، وتدب الفوضى ويشيع الفساد إذا فقد الأمن.
فكيف يتأتى للإنسان أن يبدع وهو يتوجس ا لخوف ويتوقع المصيبة في أي لحظة؟ وكيف للإنسان أن يتمكن من السعي في الأرض لطلب الرزق وهو يخشى اللصوص وقطع الطرق؟
بل كيف يستطيع الإنسان القيام بواجبات الإيمان وأداء شعائر الإسلام الظاهرة من صلاة وحج وعمرة وأمر بمعروف ونهي عن منكر وهو خائف على نفسه وأهله وماله؟
فضرورة الناس إلى الأمن لا تقل عن ضرورتهم إلى الطعام والشراب إن لم تزد عليها، يدل على ذلك قول الحق تبارك وتعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} سورة البقرة آية 126 فقد دعا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ربه أن يوفر الأمن في البلد الحرام، قبل أن يدعوه بأن يوفر لأهله الطعام والشراب.
ولما كان الأمن بهذه الأهمية كان تحقيقه من أهم واجبات الدول والحكومات على مر العصور والأزمان، ولذا فلقد كان من أولويات العمل على توحيد هذه البلاد المباركة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيب الله ثراه- أن قام بتوطيد الأمن وتحقيق الاستقرار ونشر العدل في البلاد وبين العباد، ومازالت بلادنا ولله الحمد مضرب المثل في الأمن والاستقرار من بين شعوب العالم.
وما تعيشه بلادنا هذه الأيام يتطلب من الجميع التكاتف والوقوف صفاً واحداً في وجه كل من أراد أن يفرق صفنا ويخل بأمننا، فالمحافظة على الأمن واجب محتم على كل فرد من أفراد المجتمع كل بحسب موقعه ومسؤوليته وعلى قدر طاقته وإمكاناته.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه والحمد لله رب العالمين.
|