ما كان يطرح في سنين ماضية من شعارات، ومطالبات مثل حرية الرأي وحقوق الإنسان، وغيرها من الضروريات الإنسانية، لم تعد هذه الأيام من المواضيع التي تطرح للمطالبة بها، إذ إن تمتع الشعوب والمجتمعات أصبحت من المسلمات ومن الضروريات التي لا يجوز حرمان أي مجتمع منها، بل أصبح الأمر ليس فقط محرجاً للدول التي تحرم شعوبها منها، بل أكثر من ذلك أصبحت عرضة للوم بل، وحتى المحاسبة، والمحاكمة لرؤساء الدول، حتى بعد سقوط أنظمتها، وقد تجلى هذا بوضوح في المحاكمة الدولية التي تجري للرئيس اليوغسلافي السابق ميلوسلوفتش، وما يتهم به الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين من جرائم ضد الإنسانية، وسلب حقوق الإنسان العراقي من قبل النظام الذي كان يرأسه.
المرحلة الحالية التي تعيشها البشرية الآن من شيوع قيم حقوق الإنسان، بكل ما تعنيه هذه القيم من حرية التعبير، وحقوق المرأة والطفل والتنمية والبيئة، واكتساب هذه القيم قوى دولية كبرى، لا تكتفي بدعم هذه القيم والدعوة إليها، بل أيضاً بالدفاع عنها، وفرضها بالقوة إن تطلب الأمر.
وعلى طريقة وقول الرئيس اليمني علي عبدالله صالح «الحلاقة الذاتية» التي أوجزها بقوله لنحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون، بادرت جامعة الدول العربية لإعداد مشروع عربي موحد لحقوق الإنسان يظهر وحسب ما نشر عنه في بعض الصحف العربية، ومواقع الإنترنت تطوراً ومواكبة لما يشهده العالم من تبني واتساع مساحة الالتزام بحقوق الإنسان ويظهر أن واضعي المشروع أصبحوا أكثر قناعة بأن تتم الحلاقة بأياد عربية، ولهذا جاء المشروع أكثر تطوراً في الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أعد عام 1994م، والذي مر عليه قرابة ثماني سنوات دون أن تلتزم به الحكومات العربية.
الآن مشروع جديد لحقوق الإنسان العربي.. والمشروع متطور، وجيد وشامل وسيطرح على القمة العربية القادمة لإقراره بأمل أن يتمتع العرب بتطبيق جيد
لحقوق الإنسان بأسلوب عربي، قبل أن يفرض علينا بأسلوب ونكهة غربية.
|