Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المتاجرة بالعبادة في حملات الحج المتاجرة بالعبادة في حملات الحج
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

برزت حملات الحج في السنوات الأخيرة صنوا للمساهمات العقارية في العبث بأموال المواطنين والتغرير بهم، إلا أن المساهمات العقارية لم تتخذ العبادة مجالاً لتلاعبها على الرغم من استفحال أمرها وتكرار سلبياتها التي استمرت على امتداد اربعين عاماً ولا زلنا نسمع في هذه الأيام صيحات المتحسرين على ضياع أموالهم عند أصحاب المساهمات العقارية، ولنا أن نتساءل عن تجارة العقار أليس لها من ينظمها؟ فأين وزارة التجارة من مشاكل المساهمات وما يحصل فيها من المأسي للمساهمين الذين تغريهم الإعلانات فيندفعوا الى اهداء أموالهم ورميها في فم الحوت؟ وأنى لهم اخراجها بعد ذلك؟
إن البحث عن الثروة بالطرق الملتوية طريق يسلكه من طمع في السلامة من العقاب، وقد سلم من العقاب كثيرون ممن اكلوا أموال المواطنين، حتى ان ظواهر برزت لم تكن معهودة في هذه البلاد مثل ظاهرة الطوير الذي كان يشتري السلعة بضعف ثمنها أو أكثر.
وحملات الحج ظاهرة جديدة اغرت كثيراً من التجار بأرباحها ففي أقل من اسبوع يكون صاحب الحملة قد ربح مليونين أو أكثر أو أقل بحسب حجم الحملة، وبما ان التلاعب في الحملات أخذ في الازدياد فإن من واجب المثقف حماية البلاد من العبث صيانة لأموال المواطنين وتنبيهاً للمسؤولين، فالارباح تعمي صاحبها فيتمادى في غيه ولا يبصر إلا طريق الكسب. ان الفساد أنواع وأنماط يعرفها الناس جميعاً ولكنهم يغفلون عن فساد التجار الذين يأكلون أموال الناس بالباطل او يبيعونهم ما يجلب لهم الامراض وقد يبيعون أدوية للمرضى تزيد مرضهم، وأصحاب حملات الحج تجار منهم من يندفع الى الربح ويفغل ما دونه وان كان مجال التجارة هو الركن الخامس من اركان الإسلام.
لقد برزت المتاجرة بالعبادة في حملات الحج في صور كثيرة من أبرز سلبياتها: عدم الوفاء بالعهود، نجد ذلك في استئجار حافلات من خارج المملكة لا تتوافر فيها وسائل السلامة بالاضافة الى تلاعب اصحابها بأصحاب الحملات، وأصحاب الحملات يعرفون ذلك ولكنهم يتغاضون عنه رغبة في نزول أسعار تلك الحافلات مقارنة بأسعار الحافلات من داخل المملكة.
إن العاملين في كثير من الحملات من طباخ ومنظف وحلاق هم من المتخلفين الذين لا يحملون إقامات، أما سلامتهم من الأمراض المعدية فلا يعرفها أحد، وقد ينتشر مرض بين الحجاج يكون مصدره هذا المتخلف الذي تستر عليه صاحب الحملة لانه يشتغل بأقل مما يشتغل به صاحب الإقامة.
إن الأكل لا تتوافر فيه الشروط التي سمعها الحجاج من أصحاب الحملات وقت تسليم النقود.
إن السكن لا تتوافر فيه الشروط المسموعة في مكتب الحملة.
يقتصر نقل الحجاج بالحافلات على المطار وعرفات وتتنصل الحملة من طواف الإفاضة والذهاب الى مكة.
في عرفات لا يقدم إلا القليل من الطعام في كثير من الحملات ولا تعرف القهوة ولا الشاي بحجة منع اشعال النار.
في مزدلفة لا تقدم أكثر الحملات أي خدمة للحجاج من طعام او قهوة أو شاي أو فرش مع انهم تعهدوا بذلك.
اختفاء الحافلات منذ الوصول الى الجمرات في ليلة العيد حتى الخروج الى المطار مع ان الحملة تعهدت بنقل الحجاج من منى الى مكة متى ارادوا.
مما يؤسف له حرص أصحاب الحملات على الدعاية المتمثلة في الاعلان عن مرافقة الشيخ الفلاني للحملة وحرصهم على إذاعة الأحاديث بمكبرات الصوت على مدار الساعة حتى ان الحجاج لا يستطيعون النوم، والوعظ في مكبر الصوت يحرُم الكلام في تقصير الحملة ويكرر ذلك في يوم عرفة، وعلى الرغم من هذه المظاهر الإيمانية في ظاهرها إلا ان أصحاب بعض الحملات يلجأون الى أعمال مشينة لا يقرها الدين ولا عاداتنا المعتمدة على الحياء والحشمة منها توجيه العمال الى الاختفاء في حمامات النساء عندما تداهمهم الجوازات لإثبات إقامات العاملين لديهم، وقد سمعت من بعض الحجاج الثقات ان ذلك حدث في عدة حملات وانه حدث في بعض مخيمات النساء صراخ وفزع عند ما فتح رجال حمامات النساء وهن بداخلها، فهل يلجأ الى هذا العمل رجل شريف فضلاً عن كونه صاحب دين.
إن الطمع يعمي صاحبه ولابد من رقابة دقيقة على أصحاب الحملات تشترك فيها التجارة والصحة وأمانة العاصمة لسلامة المواطنين وحفظ أموالهم، ولكننا لم نر - شيئاً من ذلك-، فهل يستمر التلاعب بالمواطنين في حملات الحج لاربعين سنة قادمة كما يحصل في المساهمات العقارية؟! ارجو ألا يحدث ذلك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved