Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

السفير الإسرائيلي وهنادي وجهاً لوجه السفير الإسرائيلي وهنادي وجهاً لوجه
ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر الدولي في ستوكهولم
عادل علي جوده

تناقلت وسائل الإعلام المختلفة - عن الإعلام السويدي - خبر طرد السفير الإسرائيلي في ستوكهولم «زفي مازيل»، من متحف الآثار الوطني في السويد، لإتلافه أحد الأعمال الفنية المعروضة في معرض «الاختلاف» المقام على هامش مؤتمر دولي حول الإبادة يقام في المدة من 26 إلى 28/1/2004م وتشارك فيه إسرائيل.
يشير الخبر إلى أن «زفي مازيل»، السفير الإسرائيلي في العاصمة السويدية، أراد أن يشبع غرائزه الثقافية فقام يوم الجمعة 16/1/2004م بزيارة «متحف الآثار الوطني» الذي ينظم معرضاً فنياً، يفسح المجال أمام الفنانين للمشاركة بإبداعاتهم الفنية المترجمة لأحاسيسهم في صلب الموضوع، موضوع الإبادة.
دخل السفير قاعة العرض، وفجأة وجد نفسه وجهاً لوجه أمام عمل فني لفنانين سويديين، وهو عبارة عن حوض من المياه الحمراء - أو أن شئتم - بركة من الدماء تحمل على سطحها قارباً أبيض أسمياه «سنو وايت» وراق لهما أن يضعا في وسط القارب عصا تحمل صورة المحامية الفلسطينية الشهيدة هنادي جرادات، فجن جنون السفير الإسرائيلي، وفجأة وجد نفسه يسجل ورقة عمل حقيقية تحكي الواقع الإسرائيلي، ويقدمها للمؤتمر الدولي كأول ورقة حول الإبادة، فماذا فعل؟ أنقل «حرفياً» للقارئ الكريم ما قاله مدير المتحف، كريستيان بيرغ، قال: السفير أصيب بنوبة غضب شديد لدى رؤيته للعمل»، وأضاف «لقد اقتلع مقابس التيار الكهربائي وألقى بأحد مصابيح الإنارة في بركة الماء الأمر الذي تسبب في ماس كهربائي في المبنى وجعله خطيراً على حياة الزوار»، وأضاف «في نهاية المطاف اضطررنا إلى إخراجه من المتحف».
وإجابة للسؤال عن سبب فعلته تلك، قال السفير الاسرائيلي - وفقاً لوكالة تي.تي السويدية للأنباء السبت 17/1/2004م، «كنت أرغب فعلاً في رؤية ما أنجزه الفنانون لكنني وقعت على صورة باسمه لامرأة نفذت اعتداءً انتحارياً قتل فيه 21 شخصاً في حيفا قبل بضعة أشهر»، وقال أيضاً «كان ذلك شيئاً لا يطاق وإهانة لعائلات الضحايا تعذر علي كسفير لإسرائيل أن أبقى متفرجاً أمام هذا العرض المغالط للحقيقة».
اما المتحدث الرسمي باسم الخارجية الاسرائيلية، ديفيد سارنجر، فقد دافع عن تصرف السفير بقوله لوكالة فرانس برس:« لا يمكن لاي اسرائيلي الا يتأثر عند مشاهدة «عمل» يمجد انتحارية تسببت بمقتل مدنيين ابرياء وتدمير عائلات» واضاف قائلاً: «ان الخارجية الاسرائيلية استدعت السفير السويدي في اسرائيل لتطلب منه سحب ذلك العمل الفني».
هكذا إذن استفز ذلك العمل الفني السفير الاسرائيلي وجعله يتذكر قتلى العملية الاستشهادية التي نفذتها هنادي، وعددهم واحد وعشرون قتيلاً، فأقام الدنيا ولم يقعدها وفعل فعلته تلك انتقاماً لأهالي القتلى الاسرائيليين، ولم يمهل نفسه للوقوف امام تساؤلين اثنين فقط، الاول: ما الذي جعل الفنانين السويديين ينفذان هذا العمل بهذه الصورة وفي هذه المناسبة؟ والثاني: ما الذي جعل شابة مثل هنادي «لا ينقصها العلم ولا ينقصها الجمال» ان تضحي بنفسها في تلك العملية؟.
واتساءل: احقاً إن السفير الاسرائيلي مقتنع بأن ذلك العمل الفني يغالط الحقيقة؟ وأي حقيقة تلك التي يعنيها؟ الا يعلم السفير الاسرائيلي ان هنادي ابنة شعب تعرض لسلسلة طويلة من المذابح والمجازر على ايدي عصابات صهيونية مجرمة لملمت افرادها - وهو واحد منهم - من مواقع مختلفة من العالم، وجاءت إلى فلسطين فقتلت من قتلت وشردت الباقين لتقيم على ارضهم ما يسمى ب «دولة اسرائيل»؟ ومن تلك الارض مدينة حيفا العريقة التي سقتها هنادي بدمائها ونثرت على ترابها اشلاء جسدها.
واتساءل اخيراً: بماذا ستشارك اسرائيل في مؤتمر دولي يتحدث عن الإبادة: ترى هل ستستعرض مشوارها الطويل عبر عشرات السنين وهي تبيد الشعب الفلسطيني وتغتصب ارضه وتلاحقه في هجراته المتلاحقة؟ هل ستعرض بالصوت والصورة ما يحمله تاريخها في مجال إبادة هذا الشعب داخل فلسطين وخارجها؟ وهل سيسعفها الوقت لاستعراض كل شيء؟ فالشريط يزدحم بأسماء ما ان تذكر حتى تقشعر الابدان، دير ياسين! صبرا! شاتيلا! جنين ومخيمها! رفح ومخيماتها! خانيونس ومخيماتها ومزارعها! الخليل ومخيماتها ومساجدها! طولكرم ومخيمها! بيت لحم ومخيماتها! غزة ومخيماتها! الى آخر القائمة الطويلة التي لا يمكن حصرها والتي مازالت مستمرة حتى اللحظة امام اعين مراسلي الفضائيات وعدساتهم.
وعودة للعمل الفني الذي دمره السفير الاسرائيلي، اطمئن القارئ الكريم بأن الصورة اعلاه تبين الفنانين السويديين وهما يقفان امام عملهما الرائع بعد ان اصلحاه واعاداه الى حالته الاولى التي كان عليها قبل الإبادة، وكأنهما يوجهان للعالم بأسره وللمؤتمر الدولي رسالة مفادها ان الحق يعلو ولا يعلى عليه، فالسفير الاسرائيلي طرد، وبقيت هنادي تضيئ قاعة ذلك المتحف بابتسامتها وجمالها وعملها البطولي.
واجزم ان ذلك العمل الفني «سنو وايت» بإذن الله سوف يبقى، وسيشاهده المشاركون في المؤتمر، رغم ما تبذله الخارجية الاسرائيلية، وما سيبذله غيرها، من محاولات سحبه، ويبقى الجواب لدى راعية المؤتمر وصاحبي العمل!!!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved