* الرياض - وهيب الوهيبي:
استنكر سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ما حدث في منتدى جدة الاقتصادي مؤخراً من اختلاط النساء بالرجال وخروجهن غير ملتزمات بالحجاب الشرعي الذي أمرهن الله به مؤكداً سماحته أن هذا العمل محرم بالإجماع بنص الكتاب والسنة.
جاء ذلك في بيان أصدره يوم أمس الثلاثاء فيما يلي نصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين أما بعد:
فإن الواجب على جميع الثقلين التزام شرع رب العالمين وتحقيق العبادة له وحده لا شريك له {ومّا خّلّقًتٍ الجٌنَّ والإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ}. ويجب على الجميع التسليم لحكم الله ورسوله والاستسلام له {فّلا ورّبٌَكّ لا يٍؤًمٌنٍونّ حّتَّى" يٍحّكٌَمٍوكّ فٌيمّا شّجّرّ بّيًنّهٍمً ثٍمَّ لا يّجٌدٍوا فٌي أّنفٍسٌهٌمً حّرّجْا مٌَمَّا قّضّيًتّ ويٍسّلٌَمٍوا تّسًلٌيمْا} ويقول سبحانه محذراً من مخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم {فّلًيّحًذّرٌ الّذٌينّ يٍخّالٌفٍونّ عّنً أّمًرٌهٌ أّن تٍصٌيبّهٍمً فٌتًنّةِ أّوً يٍصٌيبّهٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ }.
وقد تابعنا في الأيام الماضية ما جرى في منتدى جدة الاقتصادي من أمور توجب علينا الإنكار والبيان وتوجب على الناس السمع والطاعة لشرع الله والخضوع له، ومما تابعناه في هذا المنتدى اختلاط الرجال بالنساء وخروجهن غير ملتزمات بالحجاب الشرعي الذي أمرهن به الله وهذا محرم بالإجماع مع ما نشرته الصحف من صورهن على هذه الحالة السيئة المخالفة للشريعة، وما نشر في بعض الصحف من أن هذه بداية لتحرير المرأة السعودية، وكأنها كانت مقيدة بالشرع ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يقولن قائل إن هذا تعنت وتشدد وأنه ينبغي أن نعطى المرأة الثقة أو الحرية أو نحو ذلك، فهذا كلام باطل، بل الواجب اتباع الشرع بامتثال الأوامر واجتناب النواهي والتسليم والانقياد وأن نعلم أن الخير والصلاح في متابعة الشريعة، وأمر الاختلاط بين الرجال والنساء محرم ظاهر التحريم يقول الله عز وجل في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، أعف نساء العالمين وأزكاهن {وإذّا سّأّلًتٍمٍوهٍنَّ مّتّاعْا فّاسًأّلٍوهٍنَّ مٌن ورّاءٌ حٌجّابُ ذّلٌكٍمً أّطًهّرٍ لٌقٍلٍوبٌكٍمً وقٍلٍوبٌهٌنَّ} هذا في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته رضي الله عن الجميع أوجب الله أن يكون الخطاب بينهن من وراء حجاب يحجز بين المرأة والرجل وهذا ظاهر في تحريم الاختلاط ووجوب حجاب المرأة وتحريم سفورها.
ومن الأدلة حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم». أخرجه البخاري.
وهذا ظاهر في لعن المرأة التي تتشبه بالرجال في هيئتها ولبسها ورفع صوتها ونحوه. فكيف بمن تغشى مجالسهم وتخالطهم وتخاطبهم سافرة حاسرة.
فالواجب على الجميع إنكار هذا المنكر كل على قدر استطاعته و سلطته يقول النبي صلى الله وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» متفق عليه.
وإني أوصي القائمين على هذا المنتدى بتقوى الله عز وجل والخوف من سخطه وعقابه لمن خالف أمره وحاد عن طريق الهدى والرشاد وكان سبباً في فتح أبواب الشر على أهل الإسلام.
كما أنبه كل من زلت قدمه من أهل الصحافة في هذا المرتع الوخيم أن يرجع إلى ربه ويتوب ويظهر ذلك في الصحف ويبين خطورة هذا الأمر إبراء لذمته وخروجاً من العهدة.
كما أوصي عموم المسلمين بالحذر واليقظة وعدم الانسياق وراء هذه الدعايات الهدامة للدين والأخلاق والفضائل.
وإني إذ أنكر هذا الأمر أشد الإنكار وأبين حرمته وأحذر من عواقبه الوخيمة ليزداد ألمي من صدور مثل هذا التصرف المشين في بلاد الحرمين، المملكة العربية السعودية التي دأب ولاة الأمر فيها على القيام بالشرع لا يخافون لومة لائم وعلى حمل الرعية على ذلك وهم ولله الحمد لا يزالون يسيرون في هذا الطريق المستقيم وقد بين هذا جلالة الملك المعظم عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود المؤسس والموحد لأرجاء هذه الدولة المباركة حيث كان فيما قاله في بيان له عام 1356هـ: «أقبح ما هناك من الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها».. انتهى كلامه - رحمه الله -.
والمقصود أن الاختلاط أمر محرم شرعا ظاهر المفسدة، يقول ابن القيم - رحمه الله - : «ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة».سلك الله بنا جميعا سبيل مرضاته وجنبنا سبل سخطه وعقابه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مفتي عام المملكة
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء |