بعد سلسلة الزيارات التي قام بها جلالة الملك فيصل المعظم للشرق الأقصى بدعوة من حكومتي الصين الوطنية واليابان، لبى جلالته الدعوة التي وجهها رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تكن هذه الزيارة قد جاءت عفو الخاطر بل ان جلالته يعمل دائما على تأجيل الاجابة للدعوات التي تقدم إليه من رؤساء الدول إلى ما بعد انتهاء موسم الحج وإلى ما بعد اتمام المنجزات الأخرى في داخل البلاد.
ولقد جاءت زيارة العاهل المفدى لأمريكا في وقت ازدحم بالأحداث العالمية وخاصة ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط بما في ذلك التغييرات الأخيرة في الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والمحاولات الجادة لفتح قناة السويس وغير ذلك مما يلمسه الرأي العام العالمي والعربي.
ولكون المملكة العربية السعودية تمثل وزنا كبيراً بتأثيرها في الأحداث الجارية وموقفها الصلب أمام المد الشيوعي في المنطقة أصبح من الضروري تقدير هذا الموقف الفذ لا من جانب الشعوب العربية المؤمنة بالله بل من جانب الدول العظمى في العالم أيضا وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية.
فلابد من إذاً من تبادل الرأي في كل ما تتطلبه المرحلة الراهنة والتي تليها مع هذه المملكة الصابرة الصامدة وقادتها ذوي المدارك الذهنية الفذة.
هذه المملكة العظيمة «القارة» بمساحتها وبمقوماتها المادية والروحية مؤهلة للصدارة في التصدي لمعالجة أعقد المشكلات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط .. فقد أصبح تأثيرها في الأحداث الأقليمية ومسايرتها لما يستجد من تقدم ونمو حضاري يجعلها كل ذلك تتقدم الصفوف بل ويصغى لما تدلي به من أقوال تجاه أي واقعة دولية أو لما تراه من حلول يراد عرضها لذوي النفوذ أو الاطراف في منطقة النزاع.
فالمملكة العربية السعودية بوقوفها في الصف العربي وتسخير مقدراتها للدعم في مواجهة أي مساس أو تعرض لحق عربي يجعلها صاحبة الكلمة الفصل عند بحث أو محاولة معالجة وضع من الأوضاع.. ومع أنها - بتواضع قادتها ومثاليتهم النادرة- تعطي الكلمة الأولى لذوي الشأن المباشر في أي قضية الا انها تتحمل العبء الأكبر في الدعم وتضطلع بأجل الأعمال الخيرة النافعة لصالح أمة العرب في مجموعها.
ولقد كان لخطاب جلالته في البيت الأبيض دوي كبير في الاوساط الأمريكية مما حمل الصحافة العالمية على التعليق والاشادة بصراحة العاهل السعودي كدأبه منذ سنين طويلة في خدمة القضية الفلسطينية والقضايا العربية الاخرى.
ولسوف تكون زيارة الفيصل المعظم لزعماء الغرب عاملا على اقناعهم بالاعتدال وتغليب الحكمة على العاطفة والعودة إلى تصحيح الحق العربي العادل في مفاهيم الغربيين الذين شطت بهم الدعاية المغرضة - أحيانا- ولعل الجو السياسي في منطقتنا أصبح مهيأ أكثر من ذي قبل لنقبل الحوار على أساس من الثقة بعد أن تقلد الأمور في شرقنا العربي قادة عاصروا أحداثها وعايشوا تهورات الفكر في فترة ماضية من غفلة من جماهيرها أو عن قهر أوقف تحركاتهم نحو الأفضل لمفاهيم الإنسان الواعي لمصيره ومستقبل أجياله.
والله في عون العاهل الظافر وموفقا لجهوده من أجل رفعة أمته ورخاء بلاده.
|