على مدى سنوات طويلة..
صاحبتها مراوحة بين الأمل واليأس..
وتجاذبتها آراء متباينة ووجهات نظر مختلفة..
ظل «التلفزيون السعودي» مصدر إلهام لكثير من الناقدين..
أولئك الذين لا يرون فيه إلا ذلك الوجه غير المريح في بعض برامجه ومواده الإعلامية..
وقلة ربما رأت فيه متعة للمتابعة واستمتاعاً للمشاهدة.
***
ربما لم يواجه الوزير جميل الحجيلان وهو صاحب فكرة دمج الصحف وصدور نظام للمؤسسات الصحفية ورجل الإسهامات الإعلامية الكبيرة والاطلاع الواسع والثراء في الخبرات، ما واجهه الوزراء الخلف من نقد للتلفزيون، بحكم أن الارسال بدأ تلفزيونياً ولأول مرة خلال ولايته وهو إنجاز كبير أخفى ربما كل العيوب في التلفزيون التي ظل المشاهدون يتحدثون عنها..
***
وحين جاء الوزير إبراهيم العنقري بشخصيته المتميزة والقوية وبكل خبراته الطويلة وثقافته الواسعة إلى وزارة الإعلام، فقد حافظ على البدايات لتلفزيوننا مع شيء من التطوير الذي لم يكن كبيراً، بحكم أن فترة توزيره للإعلام لم تطل كثيراً ولم تكن كافية لإحداث نقلة نوعية، وهذا لا ينسينا أن العنقري وهو الرجل القوي كان صاحب الريادة في انشاء وكالة الأنباء السعودية ضمن خطوات أخرى أدخلها على أجهزة وزارة الإعلام ولا تزال تأثيراتها الايجابية قائمة..
***
لكن الوزير الثالث وهو الدكتور محمد عبده يماني صاحب الاخلاق الدمثة ومع الاعتراف بحيويته ونشاطه وثقافته الشمولية وفهمه للإعلام ومع أني التمس له العذر فيما سأقول، فقد كان في وضع لم يكن بإمكانه على ما يبدو أن يتخلص من الضغوط التي مارستها شريحة من المجتمع آنذاك، فإذا بالقناة الأولى تستجيب لرغبة هؤلاء بالتخلص من كثير مما كان يقدم خلال فترة الوزيرين السلف «الحجيلان والعنقري» وهو ما كان موضع ملاحظة آنذاك، مع أن لليماني إسهامات أخرى لا تنسى كمبادرته بالإعلان بعد كل جلسة لمجلس الوزراء عن قرارات المجلس والاهتمام بالإعلاميين ودعم الوزارة بقيادات إعلامية وإدارية من الخارج، وبتوفير التجهيزات والإمكانات الفنية الأكثر تطوراً لتكون في خدمة العاملين في التلفزيون..
***
على أن الفترة التي يرى البعض أن التلفزيون كان يمر خلالها بشيء من عدم التجديد أو لنقل المراوحة، فهي تلك الفترة التي تولى فيها الوزير علي الشاعر حقيبة وزارة الاعلام، حيث كان يميل وفق ما صرح به شخصياً إلى عسكرة الإعلام وإعلام العسكر، وكان موضع ملاحظة ما كان لمثل الوزير الشاعر أن يقع فيه، مع أن الرجل اجتهد وحاول أن يوظف كل خبراته الإعلامية التي اكتسبها منذ أن كان واحداً من نجوم الإعلام في كلية الملك عبدالعزيز الحربية لصالح التلفزيون، ولكن يبدو أن الظروف لم تخدمه كثيراً في تحقيق تطلعات المشاهدين، وهذا لا يلغي من ذواكرنا الاعتراف للرجل باسهاماته التطويرية في قطاعات الاعلام الأخرى المختلفة بما في ذلك مولد القناة الثانية خلال فترة ولايته..
***
ومع أن التلفزيون بقناته الأولى لم يشهد خلال وزارة الدكتور فؤاد الفارسي وهو الوزير الوحيد الذي كان يعمل وكيلاً للوزارة حين تسلم حقيبتها ذلك التحسن النوعي الذي يمكن لمثلي أن يتوقف عنده طويلاً مع قناعتي كمتابع بأن محاولات كثيرة كانت تتم داخل أروقة الوزارة بمتابعة وتوجيه منه للتغلب على كل العقبات والمعوقات..
***
إلا أنه من الإنصاف أن أقول: إن المقارنة والقياس بين فترته المزدحمة بالقنوات الفضائية مع فترة من سبقه من زملائه أصحاب المعالي، وقد كانت تقتصر فترتهم على مشاهدة القناة السعودية الأولى هي مقارنة غير عادلة ولا تنصف الدكتور الفارسي بما فيه الكفاية عند المقارنة بين فترات كل منهم..
***
فالفضائيات بكل تقنياتها وهامش الحرية المتاح لها، وقد ولدت خلال توزير الفارسي، أتاحت للمشاهدين خيارات أخرى كثيرة صرفتهم عن القناة الأولى في ظل توفر هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية، والمشاهد حين يقارن ويطالب بأن تحذو القناة السعودية حذو هذه القنوات فهو ينسى أموراً كثيرة لا تخدم أيضاً من يسعى مخلصاً من الباحثين للتوصل إلى نتائج موضوعية من خلال هذه المقارنة..
***
وفي مقابل ذلك - وبتجرد - فإنه يحسب للفارسي - ضمن أمور أخرى - وهو الوزير الوحيد الذي لم يتم توزيره من خارج وزارة الاعلام، أنه تبنى قناة للرياضة، فضلاً عن أنه قاد عملية كبيرة للتغيير في أنظمة وزارته؛ فصدر نظام المؤسسات الصحفية الجديد وقبله نظام المطبوعات مع لائحتين تنفيذيتين لهما، وكذلك نظام حقوق المؤلف، وأخيراً إنشاء هيئة للصحفيين، وفي الطريق سيتم تحويل بعض أجهزة الوزارة التي أصبحت تُعنى بالثقافة والإعلام إلى مؤسسات إعلامية عامة.
***
مناسبة هذا الكلام وما أردت أن أكتب عنه هو مولد «الإخبارية» كقناة إخبارية سعودية أطلت علينا بقيادة وتقديم كوكبة من العاملين السعوديين فيها..
وهي مفاجأة تضاف إلى جهود الفارسي كإحدى محطات العمل الاعلامي المطلوب، بما ينبغي أن نتوقف عنده طويلاً ونذكره للرجل ونشكره عليه ضمن مطالبتنا له ومنه بالمزيد من هذه المبادرات..
***
أهنىء الوزير الفارسي..
ف«الإخبارية» وهي في بدايتها تعد إنجازاً إعلامياً كبيراً، واثقاً بأننا سنراها مستقبلاً بما هو أفضل..
مثلما هي التهنئة للفريق الذي يسهر ويعمل معه لتحقق «الإخبارية» آمال وتطلعات الوزير ومعه كل المشاهدين في عطاءات لا تُنسى..
***
شكراً لكل الوزراء الأربعة..
فقد كنت قريباً منهم..
وسعدت بالعمل معهم..
وما كتبته لا يعدو أن يكون تحية مني لهم.
|