تخيلت هذا الذي يحدث من انفتاح مفاجئ للمرأة في مجتمعنا «كالقِدر» الذي طُبِخ ما في داخله، ولم يبقَ له سوى أن يُغرَف، فكبَّ كبَّاً فوق الطاولة إذ جاء مَنْ تسعُرُ به جَوْعته فقدَّمه هكذا!!، في عجلة هكذا..، أو كمن أنجز شحذ قوَّته فدَكَّ البابَ بعنوةِ السَّيل الذي دفعه ليحطِّم الباب ويجري..
فالمجتمع الذي نُشِّئ على قيم وعادات، لا نحسبها في جميعها على صواب، غير أنَّ ما فيها من نصيب الصَّواب يرتبط «بدين» أنزله الله تعالى، وجعل للمرأة فيه نصيب التكريم والتقدير والتوقير.. وما يحدث، فيه ما يجرحُ هذا «الفارق» على الأقل «الخارجي» لهذه المرأة!!.
ولئن كانت هناك «تراكمات» من أخطاء بشرية في التعامل الجمعي والفردي مع المسألة النسائية، فإن هذه التراكمات تزول بطَرْقِ الوعي، وتؤدَة العمل، والفصل بين ما يجوز، وما لا يجوز في قائمة الترتيب المنهجي لطبيعة التعامل مع كينونة الجنس البشري، الذي يجعلها ذات حقوق، فما حُرِمت منه، ووافق عليه الشرع يكون العمل على توفيره وبقوة، والحصول عليه، وما منعه الشرع يكون مناط الحذر والحفاظ عليه بقناعة ورضاء، بل باستسلام.
إلاَّ أنَّنا نرى «الخلط» الشديد في هذا «الكبّ» المفاجئ لفوَّهة القِدر المطبوخ، ولتدفق الركض بدافع السَّيل الجارف..
إنها ريح تعصف بالمسألة النسائية في الآونة الأخيرة، في مجتمعنا، خلطت الأوراق، ومزجت القضايا، وخرجت إلى الساحة الأرضية بصورة غامضة لمستقبل ما سيكون، وما ستؤول إليه نتائج هذا الذي يحدث. والذي يحدث، دون ترتيبٍ، ودون تنظيمٍ، ودون رويَّةٍ، إنَّ فيه ما يقلق، وما يجعل الخوف من نتائج هذا على مستقبل ثوابت أجدر أن يُراعَى فيها قبل كلِّ شيء، شرعُ الله ومن ثمَّ، رضاؤه تعالى، بحيث لا نقع في محاذير سخطه...، وعواقب التفريط في حدوده، ... فالأمر ليس يتعلق بسفور النساء، ولا برفع أصواتهن، ولا بمطالبة حقوقهن، ولا بإرادة الفسح لأدوارهن، الأمر أكبر وأبعد، وجاء يطرق على الأوتار الرَّخوة لديهن، كي يحدث الذي يحدث، .. وتُخْلَط القضايا بعضها ببعض، فيما لا بد أن يُنظَر إلى الفصل الحذر، والدقيق، بين ما لا بد أن يتحقق للمرأة من الفرص الكاملة والعادلة، وفيما لا بد أن تعيه المرأة ذاتها، من أدوار لها في ظل إسلاميَّتها بحيث تحرص أولاً على عدم المساس بالقواعد المرتبطة بذلك، ولا تأخذها عنوة السَّيل، ولا سطوة الريح، ولا شهوة تناول ما بداخل القِدر المطبوخ!!...
|