** كعادتها دائماً.. غرقت الرياض وبجدارة وسط المياه التي تساقطت يوم السبت الماضي.. وأعلنت الرياض مجدداً.. أن بينها وبين المطر «وَقْفَةْ نفس» وأن المسألة ليست مسألة أمطار أو مياه.. بل مسألة.. سوء تصريف فقط.
** الأمطار التي هطلت.. ليست كثيفة بالشكل الذي يجعل هذه العاصمة الضخمة تعلن عجزها عن تصريف المياه.. إلا من خلال الصهاريج «الوايتات».
** والمياه التي هطلت وإن كانت بكميات كبيرة إلا أنها ليست غزيرة بشكل يجعل الرياض كالرياض.. تغلق نصف شوارعها وطرقها الرئيسية..
** لقد تحولت الرياض مساء السبت الماضي.. أو على الأصح.. ظهر السبت الماضي وما بعده.. إلى فوضى مرورية.. وأغلقت الشوارع.. فهذه سيارة معطلة.. وهذه سيارة تطفح.. وهذه أسرة تعطلت سيارتها وسط البحيرات، ووصل ارتفاع البحيرة مترين على الأقل.. وداخل السيارة أطفال ونساء وليس فيهم من يجيد السباحة.. والله أعلم «وش يقول» هؤلاء من «الدْعا».
** شبابنا.. تحولوا مساء السبت الماضي.. إلى فرق إنقاذ وإغاثة.. حيث إن أكثر هذه الأسر.. صارت تستغيث.. والغرق يهددها في كل اتجاه.. والشوارع.. أعلنت عجزها عن تصريف المياه.. وعن تسيير الحركة.. والأمور تداخلت.. ولم تفلح الإشارات.. ولا أي شيء آخر.. فأصبحت الأمور فوضى..
** بمعنى.. أن سوء التصريف.. سبّب مشاكل مرورية.. ومشاكل بلدية.. ومشاكل أمنية.. وعطَّل مصالح الناس.. وأدخل الناس في فوضى وأخطار.. وكان وراء الكثير من المشاكل التي حدثت مساء السبت الماضي «سَبْت الغرقة».
** وبمعنى آخر.. فإن الجهة المسؤولة عن تصريف المياه.. تخطئ.. وتنام نوماً عميقاً.. والبلدية والمرور والجهات الأمنية والدفاع المدني.. يتحملون عبء وأخطاء ومشاكل وفشل وعجز وغياب جهات التصريف.
** الرياض.. أصبحت مدينة مزعجة.. ومتى «غيَّمت السماء» أو شُوهدت «قَدْحَةْ لْحام» أصبحت قلوب أهل الرياض.. ترجف.. من شدة الخوف.. لأن مصائد وبحيرات الشوارع.. تنتظر المارة.. ولأن كل أسرة.. وكل عائلة.. تخرج وقت المطر قد تغرق.. أو على الأقل.. تحبس داخل السيارة.. وداخل بركة أو بحيرة المياه لساعات.. وهكذا أي عابر لشوارع الرياض وقت الأمطار.
** هل نقترح أو نطالب بضفادع بشرية للإنقاذ؟
** هل نطالب كل امرأة.. وكل عجوز.. وكل طفل.. بأن يتعلم السباحة حتى لا يغرق.. لأن شوارع الرياض قد تتحول إلى بحيرات في أي لحظة؟
** تذهب امرأة إلى السوق.. أو إلى عيادة طبيب.. أو إلى أي شأن آخر مع أطفالها.. ثم ينزل المطر فجأة.. وتعجز عن العودة إلى منزلها.. وطبعاً «تِجِي العافية»!
** لماذا الرياض هكذا؟
** ولماذا مدن العالم كلها تعرف كيف تتعامل مع مياه الفيضانات والأمطار الغزيرة ومع كل طارئ.. والرياض ترتبك من سحابة أو سحابتين؟
** ماذا.. لو أن كمية المياه التي نزلت يوم السبت الماضي تضاعفت مرتين أو ثلاث أو خمس أو عشر مرات؟
** كيف سيكون شأن الرياض؟
** تخيلوا ذلك!
** الأمطار.. هطلت من الظهر وحتى المغرب فقط.. فغرقت الرياض..
** ولكن.. ماذا لو استمر هطول الأمطار يومين أو ثلاثة.. أو عشرة؟
** هل سنترك الرياض تبحث عن ملاذ آخر؟
** ثم.. هل سنقدر أصلاً.. على الخروج من منازلنا.. هذا.. إذا سلمت منازلنا؟
** هل الحل.. في نشر وايتات الشفط؟
** وإلى متى والبلدية تصيح.. وتصرخ مع نزول رشة مطر «يْدِيْكم يا الرَّبع.. افزعوا يا أهل الوايتات؟».
** أو.. هل الحل في أن نقول: البركة في المرور والبلدية والدفاع المدني والشرطة.. ليتلافوا مجتمعين.. فشل وأخطار ومشاكل التصريف؟
** تجربة السبت الماضي.. ليست جديدة.. ولا غريبة على الرياض.. فقد عايشناها سنوات.. ومع ذلك فأغلب الطرق الرئيسية والشوارع والتقاطعات المهمة.. أغلقت السبت الماضي.. وعجزت عن استيعاب المياه.
** أهم وأكبر شريان في الرياض.. وهو الدائري الشمالي أغلق تماماً تماماً.. لأن مياهاً بسيطة نزلت عليه.
** لا أدري.. هل المطلوب هو تدريب ضفادع بشرية على إنقاذ الناس.. في معاهد وأكاديميات ومدارس على غرار مدارس الكمبيوتر التي تملأ الرياض؟
** أم المطلوب.. هو إعلان بعض الطرق والتقاطعات والشوارع والميادين.. مناطق لا يجوز الاقتراب منها عند نزول الأمطار؟
** أهل الرياض.. عايشوا مأساة السبت الماضي.. وهناك من جلس داخل سيارته ثلاث وأربع ساعات.. وهناك نساء و«بْزُور» أرهقوا وأصابهم رعب وخوف من جراء ما حصل.. «الله يقبل دعاء أمهاتهم».
** وهل نحن مستعدون - مثلاً - لحال أصعب مما حصل يوم السبت؟
** قد يحصل ذلك.. فهذه إرادة الله ومشيئته.. وفي تقديري.. أن حل مشاكل تصريف مياه الرياض عند نزول المطر.. أهم بكثير من البحث عن حل لمشاكل المياه والتصحّر في المملكة.
|