Tuesday 20th January,200411436العددالثلاثاء 28 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
الوطنية التي لا نريد
د.مفرج بن سعد الحقباني

يكثر في هذه الأيام الحديث عن الإصلاح والتطوير باعتباره أحد أهم مكونات التسلح لمواجهة التقلبات الإقليمية والعالمية وباعتباره أحد أهم الأسلحة الفاعلة لتحقيق التنمية الشاملة لذات الوطن والمواطن السعودي. ولقد دفعت الأحداث العاصفة التي مرت بها منطقة الخليج الكثير من أبناء الوطن المخلصين إلى مراجعة الواقع وطرح تصورات منهجية لتقوية العمق الوطني ولتفعيل دور الحس الوطني في مجال الأداء الفردي والجماعي على كافة الصعد وفي كافة المجالات حتى يمكن تلافي التداعيات السلبية التي قد تترتب على ما يجري من أحداث وحتى يمكن مواجهة الهجمات المسمومة التي يتعرض لها الوطن بفاعلية وكفاءة عالية. وإذا كنا نرى أن مثل هذا التوجه يمثل نقلة نوعية في الكيفية التي يتعامل بها المواطن مع الأخطار المحيطة، وإذا كنا نؤمن بأن الإصلاح والتطوير لا يمثلان مطلباً آنياً تفرضه الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية ولكنهما يعدان منهجاً علمياً وعملياً تقتضي ضرورة العمل الإداري والمجتمعي الأخذ به في كل المجالات وفي كل الأزمان، فإننا نرى رؤية قطعية بعدم وطنية المنهج الإصلاحي الذي يحاول استغلال الأحداث والضغوط العالمية لفرض فكره ورؤيته الخاصة بغض النظر عن معطيات الواقع السياسي والإداري والمجتمعي وبغض النظر عن آراء الأطراف الأخرى التي لها الحق في طرح ما تراه ما دامت لا ترى في ذلك خرقاً لثابت شرعي أو وطني.
وفي اعتقادي أن البعض ممن سلك هذا المنهج قد انخدع بتسابق بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية على تصريحاته وركن في بعض الحالات إلى ما يواجهه الوطن من ضغوط خارجية يقودها بفاعلية اليمين الصهيوني المتطرف في كافة وسائل الإعلام المتاحة وهذا في حد ذاته يتناقض ليس فقط مع مبادئ الوطنية ولكن أيضاً مع مبادئ الرجولة والشهامة التي يتمتع بها الإنسان السعودي الذي ظل في جميع الأزمنة ومع كل الأزمات عصياً على المغرضين من أبناء صهيون ومن ناصرهم.
لقد ساهمت الأحداث الأخيرة في كشف الغطاء عن بعض الحاقدين الذين لا يريدون لهذا المواطن أن ينعم بنعيم الأمن الشامل ولا لهذا الوطن الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي، وبالتالي فإن من غير الوطنية أن يجد هؤلاء من بيننا من يساندهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كمن يحاول استغلال الأحداث لتحقيق مطالبه الإصلاحية ومن يلجأ إلى وسائل الإعلام الخارجية لطرح آرائه وتصوراته ومن يحاول الاتصال بالسفارات الأجنبية ومن يحاول رفض آراء الآخرين دفاعاً وولاءً لذاته ومن لا يقيم اعتباراً لفقه الواقع والمعطيات الدولية وغير ذلك من التصرفات والممارسات التي تستحي منها مبادئ الوطنية وتقشعر منها كرامة الرجال.
يا سادة: إن من غير الوطنية أن نركن إلى ضحكات المغرضين وإغراءات الأعداء التي ثبت فشلها في المجتمعات المتحضرة فضلاً عن المجتمعات النامية والمتخلفة التي منها وإليها يعود معظم هؤلاء المغرضين، كما أن من غير الوطنية أن نستغل الأحداث لاكتساب شجاعة غريبة نستعين بها على طرح آراء إصلاحية متطرفة لا يمكن تطبيقها في مجتمعنا لاعتبارات شرعية وسياسية وإدارية مختلفة، ومن غير الوطنية أن نعتقد أننا نمتلك آلة سحرية يمكن لها أن تحقق لنا الإصلاح الذي نريد في فترة قياسية بغض النظر عن البيئة المجتمعية والفكر السائد في المجتمع. نعم لنا نظرة حول الواقع ولنا رغبة في تطويره وتحسينه ولكن يجب أن يتحقق ذلك في بيئة وطنية خالصة ومخلصة لا يجد فيها الأعداء فرصة لتعكير الجو الوطني وتدنيس الانتماء للوطن.
فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved