أفضل أسلوب لمواجهة التهديدات القادمة من الخارج، هو إصلاح البيت من الداخل، والعرب أمة ودولا وشعوبا مهددة أكثر من أي وقت مضى، فقد أدت الهجمات الخارجية والتفتت في المواقف العربية إلى وضع حرج يتطلب مراجعة آليات العمل العربي الجماعي وخصوصا جامعة الدول العربية التي ارتضاها العرب كإطار لتنسيق العمل العربي الجماعي.
والجامعة العربية التي قطعت اكثر من خمسة عقود من عمرها مما يجعلها أقدم حتى من الامم المتحدة ومنظمات أقليمية اخرى التي حققت للشعوب والدول المنضمة لها العديد من الإنجازات من اهمها السوق الاوربية المشتركة التي تحولت الى الاتحاد الاوربي الذي يسير بخطى حثيثة للتحول الى كتلة دولية إقليمية واحدة تصهر القارة الاوربية في تنظيم اقليمي اقرب الى دولة واحدة.
العرب وحدهم ورغم إنشائهم جامعة الدول العربية عام 1945 إلا انهم عجزوا عن تفعيل هذه المنظمة الإقليمية التي ظلت أسيرة الخلافات العربية، وبدلاً من ان تكون اداة لانهاء هذه الخلافات اصبحت جزءا منها بسبب جمود أنظمتها ولوائحها التي ظلت على حالها دون تطوير منذ انشائها قبل ستة عقود، وهذا ما دفع أغلب الدول العربية على العمل جدياً على تطوير وتحديث هذه المنظمة التي اصبحت كالعملاق الذي استسلم للنوم، في حين تشهد المنطقة حالة انهيارات متتالية وصلت الى حد احتلال واحدة من اهم الدول العربية فضلاً عن الانقسامات والتشرذم التي أوصلت المنطقة الى ما نراه الآن من التدهور الذي تخطى الحكومات الى المجتمعات العربية التي تعيش حالة ضياع خاصة في ظل تكاثر دعوات التحريض التي وصلت عدواها الى وسائل الإعلام العربية وخصوصا المحطات الفضائية التي وجدت في اسلوب التحريض والإثارة مادتي «تسلية» اكثر من وسيلتي اصلاح، فالمتحاورون الذين تقدمهم هذه المحطات يصرخون دون ان يقدموا حلولاً تنفع الأمة وتنتشلها من الواقع المرير الذي تعيشه.
ولهذا فإن دعوات إصلاح الجامعة العربية وتطوير أنظمتها وتحسين آليات عملها تعد التحرك العملي الإيجابي الذي قد يكون الخطوة الاولى الصحيحة لتصحيح الواقع العربي الحالي الى الأفضل.
|