* بغداد - د. حميد عبد الله:
مشكلتان تشغلان الشارع العراقي بالتوازي هما الفيدرالية التي يدعو اليها الأكراد والانتخابات المباشرة التي يدعو اليها الشيعة.
ويبدو ان الشيعة والأكراد اتفقا على ان يؤيد أحدهما الآخر في مطلبه خاصة وانهما يشعران انهما أكثر من تحمل ظلم صدام وجوره وقد آن الأوان ان يحصدا ثمار التغيير وانهما الأولى بتلك الثمار، لكن قضية كركوك وإصرار الأكراد على ضمها إلى إقليم كردستان وتهجير الآلاف من العرب الشيعة منها قد يحدث شرخا بين (المضطهدين) وربما كانت أحداث كركوك الأخيرة بداية الفراق والافتراق بين ضحايا الامس وسادة اليوم.
السيد جلال الطالباني ترجم هذه الحقائق من خلال شعوره بالقلق والخوف على سنة العراق وهو أول تصريح من نوعه يصدر عن مسؤول كردي خاصة وان هذا التصريح جاء ضمن حديث ركز فيه الطالباني على الهوية الكردية لكركوك وضرورة رحيل من وفد إليها من غير حق حيث قال زعيم حزب الاتحاد الوطني: ان هناك مبالغة وتشويها متعمدا من قبل بعض قنوات الأعلام العربي لما يطالب به الأكراد بخصوص مدينة كركوك، فالأكراد يريدون لكركوك ان تبقى مدينة التآخي بين الكرد والتركمان والعرب والكلدو - آشوريين.
وقال الطالباني في تصريحات صحفية في مصيف دوكان حيث ترجح أوساط سياسية عراقية انه يقاطع اجتماعات مجلس الحكم: المفهوم الذي نراه مناسبا لوضع مدينة كركوك هو ان تكون شبيهة بالعاصمة البلجيكية (بروكسل) المتعددة القوميات، حيث يكون للمدينة وضع قانوني يتقاسم فيه الجميع المسؤولية بحسب حجم كل طرف وموقعه وتأثيره، وبهذا يمكن ان تحكم كركوك من قبل الكرد والتركمان والعرب والكلدو - آشوريين فإذا أرادو الانضمام إلى إقليم كردستان فأهلا وسهلا ولهم الحق ان يختاروا ما يناسبهم.
وعن التركيبة الديمغرافية في كركوك وأي القوميات تشكل الأغلبية فيها قال الطالباني: هنالك مبالغات وتزوير في أرقام الإحصائيات حول عدد الأكراد والتركمان والعرب إلا إنني احتفظ بإحصائيات تعود إلى عام 1922 أجراها العراقيون من العرب بالتعاون مع الإنكليز وباشراف لجنة من عصبة الأمم وبتغييب متعمد للأكراد ومع ذلك فنحن نرضى بتلك الإحصائيات التي تشير صراحة إلى ان الأغلبية من سكان كركوك هم من الأكراد أما الاختلاف فيدور حول عدد العرب والتركمان ثم جاءت إحصاءات عام 1957 و1977 لتؤكد ان الأكراد هم الأغلبية في كركوك أيضا.
ويضيف الطالباني: إننا لا نقول ان كركوك كردية بل نقول إنها مدينة الأكراد والعرب والتركمان ولكنها تقع وسط منطقة يطلق عليها تاريخيا اسم (كردستان)، ولدي خريطة بختم السلطان العثماني تثبت ان كركوك جزء من إقليم كردستان بل تقع في القلب منها ومع ذلك فنحن نطالب بحل ودي وتوافقي ولا نريد الآن ضم كركوك إلى الحكم الذاتي أو الفيدرالية ونعتقد ان هذه المشكلة ستحل في المستقبل لكن العدل يقضي بتطبيع الأوضاع في كركوك فيعود الأكراد والتركمان إلى مناطقهم ويعود العرب الوافدون إلى كركوك إلى مناطقهم التي وفدوا منها.
وشدد الطالباني على القول: ان كل عراقي يمكنه ان يختار بحرية تامة مكان سكناه، فإذا أراد العراقي العربي ان يسكن السليمانية أو دهوك أو اربيل فله كل الحق في ذلك ولكن النزوح السكاني بهدف إحداث تغيير في البنية الديمغرافية فهذا أمر غير وطني وغير شرعي ومخالف لتعاليم الإسلام.
وعن مستقبل العلاقة بين العرب السنة والشيعة والأكراد قال الطالباني: أكثر ما يقلقني الآن هو شعور العرب السنة بالغبن فهذا أمر خطير لأنه من دون العرب السنة لا يمكن بناء عراق موحد ومستقر فالعرب السنة وان كانوا لا يشكلون الأكثرية إلا انهم يشكلون جزءاً مهماً من العراق ولهم جذور عربية في جميع أنحاء الوطن العربي ولهم دور في الملاكات السياسية والعسكرية لكنهم لا يمتلكون في الوقت الحاضر مرجعية خاصة بهم وليس لهم قيادة وشعورهم بأنهم مهمشون ومغبونون أمر خطير ويهدد الوحدة الوطنية للعراق.
|