Tuesday 20th January,200411436العددالثلاثاء 28 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دمشق وقصائد أخرى للشاعر عبدالله العثيمين «2 - 2» دمشق وقصائد أخرى للشاعر عبدالله العثيمين «2 - 2»
عبدالله بن إدريس

تضمن المقال الأول عن هذا الموضوع في الأسبوع الماضي تمهيداً، وحديثاً مقتضباً عن الشاعر وعن المرحلة الشعرية التي اصطبغت بالحس الثوري للقومية العربية.. مقرونة و(معقلنة) بالامتلاء والانتماء الإسلامي الثابت في العقل والحس والوجدان.. حيث من هذه الجزيرة العربية نبتت شجرة العروبة وعلى أديمها أشرق الإسلام.. فلا مجال لفصل أحدهما عن الآخر.. كانت الغالبية العظمى، من الأمة العربية.. في ذلك الزمان.. تتحرق شوقاً وتَوْقاً إلى الوحدة العربية.. تحقيقا (لأمَمِيَّتِها) {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ} وصونا لحقوقها ومقدساتها التي تسلطت عليها قوى الشر اليهودي، مدعومة بالقوى الاستعمارية الصليبية..
ويضاف إلى نداء الوحدة العربية.. نداء مضاد له.. اسمه (حلف بغداد) ذلك وأكثر منه ما خلق التفاعل العربي لمقارعة الصهيونية والاستعمار الغربي.. ليس على ألسنة الرسميين والمسؤولين العرب والمسلمين فحسب بل وعلى ألسنة وشذرات أقلام الشعراء الذين ألهبوا ساحة النضال - حينذاك-.
وكان للشعر والشعراء في المملكة صولات وجولات.. لا تقل عن مثيلاتها في كل ركن من أركان الوطن العربي.. وكانت محل التقدير والاهتمام من الأدباء والشعراء العرب، عندما يتم اطلاعهم عليها.. وكم هم يعتبون علينا عندما يتاح لهم أن يقرءوا شيئا من هذا الشعر ألا نكون أوصلناه إليهم (ما دام بهذا المستوى الرفيع) - كما قالوا - ولعل أقرب دليل على ذلك أن الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل - رحمه الله - والذي كان في ذلك العام (1380هـ - 1960م) المشرف العام على البرامج الثقافية في إذاعة القاهرة.. طلب مني حين أهديته نسخة من (شعراء نجد المعاصرون) أن أتعاون معه في اختيار عدد من قصائد الكتاب لإذاعتها من أحد برامجه الثقافية بمناسبة (9 مايو 1960م) وتم ذلك.. حيث أذيعت عدة مقاطع من عدد من القصائد القومية الإسلامية.. وسمعها الكثيرون هنا من إذاعة القاهرة.
ذلك أن التأثر بالأحداث، والتأثير فيها من قبل الشعراء والكتاب العرب.. في تلك الحقبة صَهَرتْ.. أو كادت تصهر المشاعر في همٍّ رئيسٍ واحد.. هو رفع السمعة العربية وفرض هيبتها في العالم.. لاسترداد حقوقها المغتصبة في(فلسطين).. إلا أنها ما كادت تستوي في سماء مجدها وطموحها.. حتى تهاوت تحت خلافات زعاماتها وفشل مشروعها الوحدوي.. أو الاتحادي - على الأقل؟!
وما من شاعر من شعراء المملكة في تلك الحقبة إلا وقد أسهم بعدة قصائد في دفع ذلك الهم إلى الواجهة السياسية.. لعل وعسى..! ومنهم - بطبيعة الحال - شاعرنا الذي نتحدث عنه الآن عبدالله الصالح العثيمين، فقد كانت شجونه منهوبة إلى هذا الهَمِّ الوحدوي المنشود.
ولكي أدلل على صحة هذا الرأي سأستشهد له بأبيات من قصائده في كتاب (شعراء نجد المعاصرون) والتي يبدو أنه عدل عن نشرها في مجموعاته الشعرية..!
يقول من قصيدته (إشراق الأمل):


«عانقي الفجر أمتي فسنا الفج
ر تجلى وموكب المجد لاحا
رف يا أمتي الصباح على الكو
ن فحيّي من القلوب الصباحا
أمل العرب لاح في مبسم الدهـ
ر مضيئا مرفرفاً وضَّاحا
أمل مشرق يحيل أسى العر
ب سروراً وحزنها أفراحا
أمل طالما اشرأبت له العر
ب وزفت لفجره الأرماحا»
(شعراء نجد ص:190)
ويقول من قصيدة بعنوان (باسمك اللهم):
«باسمك اللهم لبي
نا هتافات الضمائر
ومضينا نتحدى ال
هول مشبوبي المشاعر
دَمْدَمَ الزحف فصوت ال
ثأر في الآفاق هادر
يتحدى كل من بال
وحدة الشماء كافر»؟

(المرجع السابق 194).
***
وما زال (أبو صالح) على العهد باقيا.. وإن كان للزمن تفاعيله.. وللحياة والأعمار حساباتها.. في فترات مستحقة وفْقَ مقتضى الحال..!
أما مجموعته الشعرية التي عنونت بها هذا المقال والمقال السابق له.. ففيها من هذا وذاك.. ما يجعل له فسحة رحبة يمارس فيها بعض همومه القديمة.. والآنية.. وفيها سكبُ موروث الأوجاع القديمة الحية..! وسكبُ الراحة النفسية معا.
والشاعر.. أي شاعر.. لا يلام في كلتا الحالتين..!
ولعل ما يمثل سَكْبه الأول في هذه المجموعة قصيدته (التفعيلية) بعنوان (صدى لبيان القمة) وقد كتبها على اثر (مؤتمر القمة العربية) التي عقدت في القاهرة عام 1421هـ وجعل للقصيدة عدة عناوين فرعية (الديباجة - الجلسة الأولى - الجلسة الثانية - الجلسة الختامية).. واذن فهي جديدة الشكل.. قديمة المعنى.. وقد أتبعها بمقطوعة من الشعر الذي يصفه بعض الحداثيين بالشعر التقليدي أو التناظري يقول فيها:


«يا قادة العرب هلا استيقظت همم
منكم توالت على إغفائها حقب؟
ماذا يفيد لهاث خلف ما رسمت
من زائف السلم رأس الغدر والذنب؟
صنوان قادة أمريكا - وإن جحدوا -
وطغمة لبني صهيون تَنْتسب»

(ص:58)
طبعا ليس في هذه الأبيات جديد سوى أنها تمثل ضيق النفس من قرارات القمم العربية التي تولد حية ولكنها سرعان ما تموت في مهدها..!
أما سكبه الثاني: فيتمثل في راحته النفسية حين يقدم أمسية الأمير الشاعر خالد الفيصل في (الرباط) عام 1999م مخاطباً حضور الأمسية بقصيدته (أمل في عذر) ص:24:


أملي في الحضور أن يعذروني
إن أتى قاصراً أداء لحوني
رهبة الموقف الجليل أضاعت
ما تبقى من عزمي المظنون
الأساطين من ذوي النقد حولي
والمواضي من أعين (الغير) دوني

وختمها بهذا البيبت المقتبس نصفه من بيت للشاعر خالد الفيصل:


«هل تمون العيون»؟ خير جواب
عند قلب الموله.. المفتون

إشارة إلى صدر بيت من قصيدة الأمير خالد (هي تمون العين والا ما تمون)؟!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved