* كتب - سعود عبدالعزيز:
أعاد ديربي العاصمة الذي جمع مساء الخميس الماضي الهلال بالنصر الحياة للملاعب المحلية بعد ان قدَّم الفريقان مباراة عامرة بالجدية والمهارة والسرعة وتفوق فيها النصر لعباً ونتيجة على نظيره الهلال الذي تعرض للخسارة بعد جملة الاخطاء التي ارتكبها المدير الفني الهولندي أديموس الذي سمح للروماني ريدنيك بالتفوق عليه.. لكن كيف تفوق النصر على الهلال رغم ان الاول دخل ولاعبوه يعناون من ظروف مادية صعبة حيث لم يتسلموا مرتباتهم منذ سبعة اشهر، فضلاً عن ان الادارة استبدلت الجهاز الفني اليوغسلافي بمدرب روماني جديد كما تم الاستغناء عن البرازيلي كاريوكا صاحب القذائف الرهيبة والدقيقة والذي تمكن من احراز هدف التعادل في المواجهة الاولى.
أسباب تفوق النصر
لتفوق النصر وفوزه يوم الخميس الماضي عوامل عدة يأتي من ابرزها ان لاعبيه يكونون في قمة حضورهم الذهني والبدني واللياقي وايضاً المهاري عند مواجهتهم منافسهم التقليدي الهلال فعند اقتراب المباراة ينسى اللاعب النصراوي كل الظروف التي تحيط به والتي هي بلا شك من صنع «الادارة»، فالجميع يعلم ان المرتبات لم تسلَّم منذ سبعة اشهر تقريباً وانهم منذ زمن بعيد وهم موعودون بالحصول عليها لكن هذا لم يتحقق ابداً ويبدو انه لن يتحقق بيد ان هذا الامر تم تجاهله عند دخول الملعب، فاللاعب النصراوي تفاعل مع المتابعة الاعلامية والجماهيرية للقاء ورغب في البروز والتألق لضمان ايجاد مكان له في القائمة الخضراء الدولية والاولمبية، كما انه يعلم ان النجومية التي تظهر في مباريات الديربي تختلف تماماً عن اللقاءات العادية التي لا تحظى بنفس المتابعة، أيضاً لا ننسى ان المدرب ريدنيك لعب بالطريقة المناسبة التي تمنح النصر التفوق في مباريات الهلال فهو عرف ان الفريق المنافس يملك عناصر اكثر خبرة ومهارة فاتبع منهجية اللعب بالكرات المرتدة مستفيداً من سرعة البيشي وبندر تميم مع إقفال المناطق الدفاعية بأكثر من «5» مدافعين، فاستطاع بذلك السيطرة على هجوم الهلال والاستفادة من الثغرات في الدفاع الازرق الذي يعاني معظم عناصره من البطء في الحركة، كما ان الدوخي كان يترك مركزه كثيراً للقيام بالدور الهجومي واهمال الجانب الدفاعي وكان من الواجب الاستفادة اكثر من هذا الامر لكن المدرب ريدنيك ارتكب خطأه الوحيد في المباراة عندما اخرج المهاجم السريع بندر تميم واشرك اللاعب غير الجاهز نشأت اكرم الذي وضح عليه انه غير مؤهل للمشاركة بعد ان شاهد ادارة النصر تحضر عدداً من اللاعبين الاجانب ليلة اللقاء في رسالة واضحة منها له ان مستقبله مع النصر قارب على النهاية ولو استمر بندر تميم مع مشاركة السلامة بدلاً من الروماني ادريان فكان المؤكد ان الفريق الاصفر سيزور مرمى الدعيع للمرة الثالثة لكن هذا لا يمنع من القول ان ريدنيك قدَّم عملاً جيداً لكن الحكم عليه لا يمكن اعطاؤه من مباراة واحدة وامام الهلال، فالمدرب النصراوي الجديد ولاعبوه لا يمكن اصدار الحكم النهائي عليهم الا بعد المباريات التي يخوضها امام الاهلي الاتحاد الشباب القادسية وهي المحك الحقيقي للنصر وجهازه الفني!!
التشكيلة النصراوية كانت مثالية جداً، فالحارس شريفي كان احد نجوم المباراة وتصدى لأخطر الكرات في الدقيقة «41» عندما حرم سيسيه من احراز هدف التعادل كما انه استطاع السيطرة على جميع الكرات العرضية بمهارة فائقة، والشريفي هو الحارس النصراوي الأول فإمكانياته البدنية عالية ومهاراته تتطور ويمتلك هدوءاً ممتازاً داخل منطقة الجزاء وهو لا يتأثر ابداً بالاجواء المحيطة بالمباراة والتي تساهم في اخراج اللاعب منها فيتوتر ويتأثر بالتالي مستواه فيلحق الضرر بنفسه وبفريقه.
خط الدفاع الذي لعب فيه الخماسي الحلوي، الجنوبي، الداود، الحارثي، الجنوبي، بالطبع كان افضلهم العملاق الحارثي الذي كان هادئاً فجميع الكرات العالية كانت من نصيبه وهو يبني الهجمة بأسلوب جيد. الداود ظهر في افضل حالاته واستفاد من خبرته في تنظيم خط الظهر. عبدالله الجنوبي اكتفى بالمراقبة اللصيقة لتراوري لانهاء خطورته. عبدالعزيز الجنوبي كعادته لاعب لا يمكن الاستغناء عنه. الحلوي قدَّم مستوى جيداً حتى ظهر عليه التعب فتم استبداله بالخثران الذي اكمل المهمة. الوسط سعد الزهراني اداؤه جيد وساند الدفاع بقوة. ابراهيم ماطر لعب افضل مبارياته وسجل هدفاً رائعاً ويبدو انه عاقد العزم على العودة لصفوف الاخضر. ادريان لا يمكن الحكم لكن من الواضح انه غير جاهز. بندر تميم قدم مباراة كبيرة وأكد انه مهاجم كبير فقط يحتاج الى طرح الثقة فيه بشكل كامل. عبدالرحمن البيشي شكَّل هجوماً وحده، فقد مرر وسجل وفعل كل ما هو مطلوب منه وهو النجم الاول للقاء والعلامة البارزة فيه.
الجهاز الفني بقيادة ريدنيك قدَّم عملاً جباراً يشكر عليه. الادارة هي «المقصرة الوحيدة» في اداء واجبها فاللاعبون حضروا ليلة المباراة والمرتبات لم تصرف كل هذه الظروف ساهمت في احباط الجمهور النصراوي الذي لم يحضر اللقاء الا بأعداد قليلة اخجلت كل من هو محب للفريق الاصفر!
أسباب خسارة الهلال
بدون شك تقع مسؤولية الخسارة الهلالية على الجهازين الفني والاداري، فالمدرب أديموس لم يحسن اختيار القائمة النهائية وكان عليه الاستفادة من الفريق الاولمبي الذي قدَّم مباريات رائعة، فهناك اعداد من اللاعبين الجيدين الجاهزين لياقياً وفنياً وفي مقدمتهم المطرف، البرقان، النزهان، محمد سعد العنبر، والصويلح الذي كان يجب ان يبدأ اللقاء لكنه لم يفعل ذلك واستعان ببعض اللاعبين غير الجاهزين فالخثران والمفرج وتراوري لم يكونوا ابداً اللاعبين الذين يحتاجهم الهلال في ذلك المساء.
أما الادارة الهلالية فانها تتحمل جزءاً كبيراً من الخسارة فهي تركت المدرب يمارس تنفيذ قناعاته الخاطئة من دون ان تبدي له وجهة نظرها، واذا واصلت الادارة الصمت فان أديموس سيحضر المسعري والمطيري ليكمل منهجيته الخاطئة التي اضرت بالهلال في المرحلة الاخيرة، كما ان الادارة فعلت نفس الشيء الذي فعلته ادارة النصر فقد احضرت لاعباً اجنبياً ليلة المباراة بل انها سمحت للمدرب بإشراكه كلاعب بديل فكيف يحدث هذا في ناد كبير وعريق وله مكانته القارية والعربية!!
التشكيلة الهلالية التي دخل بها مدرب الهلال خاطئة والتركيبة الفنية كارثة، فكيف يتم اشراك عمر الغامدي كلاعب وسط ايسر وهو المعروف بالاجادة في اللعب في الطرف الايمن فقدم الغامدي اليسرى معطلة تماماً، اما احمدالحربي فهو لاعب اقل من عادي ومهارته محدودة وهناك لاعبون يملكون موهبة افضل منه وبكثير ومع هذا لم يسمح بالاستفادة منهم. اما اكبر الاخطاء التي وقع فيها اديموس بمباركة الادارة فهو إبعاده للدوليين الشيحان والجمعان بل انهما خرجا من القائمة النهائية التي دخلها لاعب اجنبي وصل قبل المباراة بساعات قليلة!!
اخطاء كثيرة وأقل ما يقال عنها كارثية حدثت في الهلال في الاسابيع الماضية، فالادارة الهلالية كما هي النصراوية لم يستفيدوا من فترة التوقف التي امتدت لـ40 يوماً وانتظروا حتى آخر ليلة ليحضروا اللاعبين الاجانب ويا ليتهم لاعبين جيدون، بل عناصر مكملة!!
نعود للقائمة الهلالية، فالدعيع لعب في المرمى ولا يسأل عن الهدفين وان كان يتحمل جزءاً بسيطاً من الهدف الاول الذي احرزه ماطر. الدفاع الهلالي وضعه وشكله هو الطامة التي قصمت الظهر الهلالي، فالخثران لم يكن جاهزاً فقد كان ثقيل الحركة متواضع المستوى وكان المفروض مشاركة النزهان الجاهز لياقياً وفنياً. متوسطا الدفاع كانا فضيحة، بل «شوربة» تلاعب بهما البيشي كيف يشاء، فالمفرج بعد المباراة كان يجب ان يعلن اعتزاله وعبدالله سليمان عليه ان يحترم تاريخه ويرحل، الدوخي كان الافضل من الناحية الهجومية فقط اما الدفاعية فقد سمح لبندر تميم بتجهيز الهدف الاول ولو استمر تميم لحدثت اهداف اخرى.
وسط الهلال نواف التمياط من الناحية اللياقية والفنية لم يكن جاهزاً اما الناحية الصحية فعلى خير ما يرام لكن مشاركته من البداية خطأ. عمر الغامدي لا يلام فقد شارك في مركز غير مركزه، احمد الحربي لاعب قليل المهارة واعادته لفريقه السابق النجمة افضل. خالد عزيز لاعب مجتهد لكنه لا يعوِّض ابداً غياب النجم الكبير خميس العويران. سيسيه كان افضل اللاعبين. تراوري كان الافضل استبداله او عدم مشاركته من البداية، ولو كان مدرب الهلال يملك الشجاعة لبدأ المباراة بالصويلح والعنبر! سامي الجابر وسعد الدوسري لم يقدما ما هو مطلوب منهما!!
الهزيمة الهلالية تقع مسؤوليتها على المدرب الذي لم يحسن اختيار القائمة الرئيسية، وعلى الادارة التي تركت الحبل على الغارب للهولندي أديموس يعبث بالزعيم طوال الايام الماضية.
أهداف المباراة
هدف نموذجي وآخر رهيب
سجلت في المباراة ثلاثة اهداف «2» منها للنصر و«1» للهلال، الهدف الاول للنصر الذي احرزه ابراهيم ماطر يعتبر هدفاً نموذجياً ومثالياً ويدرس في عالم التدريب في كيفية الاستفادة من الكرات المرتدة السريعة من «لمسة» واحدة أو تمريرة واحدة!!
فالكرة كانت خطأ للهلال لم يحسن تنفيذه التمياط لتذهب الكرة للجنوبي للبيشي لبندر تميم لماطر الذي سدد بمهارة في المرمى محرزاً هدفاً نصراوياً رائعاً قبل ان يعود لاعبو الهلال للدفاع عن مرماهم، الهدف يسجل للمدرب ريدنيك الذي درس نقاط الضعف في خطي الدفاع والوسط الهلاليين اللذين يعاب عليهما البطء!!
هدف الهلال كان مميزاً من سيسيه الذي سدد بقوة برأسه ثم تابع الكرة المرتدة ليسدد الكرة داخل مرمى شريفي. وهدف النصر الثاني له حكاية وسيبقى في ذاكرة كل الرياضيين وسيتحدث عنه كل من شاهده، فالكرة كانت طويلة من الداود للبيشي وكان المفرج اقرب للكرة من المهاجم النصراوي لكن البيشي استطاع الاستحواز على الكرة وتجاوز المفرج والخثران واقترب من المرمى الهلالي ليواجه الدعيع ولحظة خروج الحارس العملاق سدد النجم الصغير بمهارة محرزاً هدفاً أكثر من رائع!! ليتوِّج به عطاءه ونجوميته في لقاء الديربي!!
|