لكل منا أهداف يسعى لتحقيقها، ولكل منا مبادئ وقناعات يخطط منها سير أهدافه!! والجميل أكثر أن تمتاز تلك الأهداف المستقبلية والتي يسعى لتحقيقها بالإنسانية وترتدي ملامحها الصدق والوضوح.
لكن.. عندما تتخطى تلك الأهداف والمقاصد مرحلتها الإنسانية إلى مرحلة الطمع البشري والجشع المادي.. حيث يرمي بكل تلك الإنسانية «في البحر» ويركض في مضمار دنياه ولا يهمه من يتضرر في طريقه!! ومن يدين بديكاتورية ماذا يمكن أن نختار لها من مصطلح يليق بها؟
يا صاحبي..
عندما تتحول الأهداف السامية، والبدايات الإنسانية بكل أبجدياتها إلى استغلال بشري.. ومادي إلى جشع.. وطمع.. وإلى استثمار مستتر..ماذا يمكن أن نسمي ذاك التحول؟!.. وماذا يمكن أن نطلق على تلك المرحلة من الاستغلال؟.. تابع وقفاتي القادمة واحكم بنفسك لترى كيف تكون البدايات وكيف تتم عملية التحول.
* ذوو الاحتياجات الخاصة.. فئة من المجتمع لها من الحقوق.. ما لها.. وبمثل ما عليها!! وبمثل ما يقدم للعادي من خدمات لا بد من أن يقدم لها!!
تحتاج هذه الفئة لخدمات تأهيلية تربوية.. ونجد أن الأب والأم دائماً في عملية بحث دائم عن الأفضل لضمان مستقبل طفلهم.. ومن ذوي الاحتياج الخاص.. ويدفعون بكل ما يملكون لبريق أمل بسيط، فما بالك بخدمات كاملة تقدم!!
يبدأ منذ البداية.. منذ اكتشاف المشكلة للبحث عن مخرج.. عن حل!! يبدأ البحث عن المكان المناسب لابنه.. لا يهمه ما يكلفه ذلك.. أما ما يريد أن يحصده!! فتجده تارة في مراكز التأهيل الحكومية.. وتارة أخرى في مراكز التأهيل الخاصة!! حائراً.. تائهاً.. مراكز التأهيل الحكومية لديها من الخدمات ما يكفل له تقدم ابنه لكن الفرصة لتلقيها في الانتظار.. والمراكز التأهيلية الخاصة.. عرض لخدمات تأهيلية.. وحائر في مدى صدقهم!!
* والآن حين وصل الاكتظاظ بالقطاع الحكومي الساعي نحو الأفضل ونحو أن تصل جميع خدمات مرافقه لكل الفئات بمستوياتها نجد أن الأسرة تتجه بابنها إلى القطاع الخاص.. حيث تلك المراكز التأهيلية التي بنيت وبدأت بأهداف إنسانية سامية وبربح خيري نجد أن تلك المراكز تحدد رسوماً لتلك الخدمات المقدمة لذوي الاحتياج الخاص.. والتي قد يكون فيها نوع من التوافق بين الرسوم والخدمات المقدمة..وقد يكون بها نوع من المغالاة وبشكل واضح فكيف لمركز.. إنساني ويخدم فئة إنسانية أن يدخل بخدماته في مرحلة استثمارية ربما أو مرحلة شبه إنسانية.. ويكون باطنها البحث عن.....! أرأيت يا صاحبي.. كيف تتحول الانسانية إلى هدف مادي وربحي؟! أرأيت كيف للبدايات الإنسانية أن تتخلَّى عن إنسانيتها لمجرد حصولها على منفعة ذاتية!! والضحية من؟
1- الأسرة.. التي تدخل في سباق مع الزمن لتصل بابنها إلى المركز.. «وتدفع رسوماً وقدرها».. من أجل طفلها!! وقد يصل بالأب إلى سكب ماء وجهه من أجل توفير الرسوم والمبلغ المطلوب.. من أجل فلذة كبده.. حيث يبدأ بالركض هنا وهناك لتوفير المبلغ المطلوب.. وبعض المراكز قد لا تراعي أن هذا الأب من ذوي الدخل المحدود.. وأنه مسؤول عن أسرة كاملة.. وليس فقط طفل معوق واحد!! بالإضافة إلى أن هذا الأب المسكين قد يكون الله قدَّر عليه بأكثر من طفل معوق.. فما عساه صانع وقتها!!
يا الله.. أرأيتم أن رسوم بعض مراكز التأهيل تحتاج إلى إعادة نظر مقابل فقاعة «الخدمات التأهيلية» التي تقدمها!!
2- الطفل من ذوي الاحتياج الخاص.. حيث يحتاج لخدمات تأهيلية.. وكلما كان الوقت مبكراً كان التقدم واضحاً ما ذنبه في أن يتأخر. أو ما ذنبه في أن يتلقى عملية تأهيلية قائمة على «البركة» أو على أيدي متدربات أو غير مختصات في مجال التربية الخاصة!! ما ذنبه في عملية تأهيلية تلقاها من أساس تجارب شخصية ثم تنفيذها مع معوقين آخرين ونجحت رغم اختلاف العوق بين الطفل وأولئك.. وليس على برتوكول علمي!!
3- الوطن.. سيخسر ابناً من أبنائه.. حين تفشل الأسرة في توفير كل متطلباته التأهيلية لأنها ستذهب به إلى مراكز الإيواء خارج الوطن.. وهناك الله المستعان كيف سيكون مصيره!!
* لا أريد أن أعمم على جميع المراكز التأهيلية لدينا.. فهناك من المراكز الخيرية الرائعة في عطائها وخدماتها وفي تبنيها لفئات ذوي الاحتياج الخاص برسوم رمزية بغض النظر عن مصدر تلك المراكز.. القائمة عليه.
الآن.. يا صاحبي المصيبة الكبرى أن تلك النقطة التحولية لدينا بدأت تتسع.. لتصبح مراكز التأهيل الخاصة ممن يقيمون ندوات وورش عمل لأسرة الأطفال المعوقين لتدريبهم على العناية والتعامل مع الطفل، هذا شيء جميل لكن ما هو استمرار للتحول أن تلك الندوات تقام برسوم يدفعها الأهل مقابل الحضور، مع العلم بأن تلك الرسوم يدَّعى بأنها رمزية وهي غير ذلك!!
فالاستثمار المستتر هذا مرحلة دخلتها الأهداف الإنسانية لدى بعض مراكز التأهيل الخاصة.. فما العمل للحد من تلك المرحلة؟؟ كيف لنا الحد من انتشارها أكثر.. والتصدي لأسبابها.. لن نقول الرقابة من قبل المعنيين المشرفين على تلك المراكز الخاصة، لأنه مع الأسف أصبحت الرقابة رقابة تشريف وضيافة يحضرها الوسيط «واسطة».. إلا ما رحم ربي من عباده ممن يقومون برقابتهم على أكمل وجه!!
إذاً..
فقد بحثت كثيراً الأصل لمبرر واحد من مبررات تحرك تلك الغايات الإنسانية لأمور وغايات ذاتية مادية.. فلم أصل.. وباءت محاولاتي بالفشل، هل المال والاستمتاع به يعد سبباً أم الشهرة تعد مبرراً..!! فعلاً فشلت في الوصول إلى السبب والدافع وراء تلك التحولات؟
يا الله.. صبر جميل والله المستعان.. فالضمائر موقوفة حتى إشعار آخر وأولئك المتحولون منشغلون بتحولاتهم فإلى متى والسباق اللا إنساني في أوج ازدهاره؟.. إلى متى والاستغلال في قمة فورته؟
إلى متى والمرحلة التحولية أصبحت لدينا شيئاً طبيعياً.. ولا يتم التصدي لها؟ فحين تتحول الأهداف الإنسانية من منحناها كيف نعيدها لمنحناها ونوقف تحولها؟.. وكيف نتابع مبرراته.. لننهيه؟
هناك مشكلة أخرى يا صاحبي في أولئك المتحولين، حيث إن الواحد منهم لا يزال مقتنعاً بأهدافه الإنسانية وأنه لا يزال يسير عليها ولم يتحوَّل عنها. لا يزال واثقاً في خطاه.. وأنها لا تزال وفق مبادئ وقناعات البدايات فهل ذلك عمى البصيرة أم أنه تجاهله.. أو بماذا نفسره؟
لقد عرضت شريحة واحدة من أهم شرائح المجتمع وهم «ذوو الاحتياج الخاص» كانوا ولا يزالون ضحية من ضحايا الاستغلال والدخول في المرحلة التحولية، وهناك العديد من الشرائح الأخرى التي تستغل.. رغم أن رسائلها التي تؤديها إنسانية.. فصبر جميل والله المستعان.
للتواص
|