لتدرك كيف تحول تعليمنا إلى قضية وطنية ملتهبة يكفيك أن تزور أحد المنتديات الإلكترونية أو تقرأ الصحف أو تحضر اللقاءات الدورية للنخب أو تستمع لمحاضرة أو خطبة أو حتى لشخصين يتحدثان في مصعد كهربائي. الناس في بلادنا -جماهير وقيادات- هم الآن في مرحلة تأمل عميق في موضوع التعليم بعد أن كانوا في غفلة عنه، وهذا بحد ذاته يعد مؤشراً صحياً.
صحونا اليوم لنناقش ما قد يكون تسلل إلى مناهجنا في أثناء غفلتنا من تطرف وغلو وإقصاء للآخر، صحونا على صوت مناد يقول لنا انكم تقدمون لأطفالكم مالا يناسب مرحلتهم العمرية وما لا يلائم عصرهم. وبغض النظر عن مصداقية ما يقوله هذا المنادي فإن الأصول تقتضي أن نضع تعليمنا تحت المجهر لنحاكمه بمنطق واحد فقط ألا وهو: لا خير في تعليم لا يجعلنا أمة مهابة تحترم كرامة مواطنها وتستثمر قدراته وتهيئ له فرص العيش الكريم، لا خير في تعليم يجعلنا نقتات على موائد الأمم الأخرى. لكن تعليمنا لن يتطور بمجرد أن نخرج للناس مناهج لا تقصي الآخر لقد غفلنا عن تقديم تعليم يساعد أبناءنا على استيعاب المفاهيم العلمية والرياضية وذلك من خلال الأنشطة والقوالب الشيقة التي تثير لديهم التفكير وتعمق فهمهم للمبادئ العلمية وتطبيقاتها في الحياة العملية، هل نحتاج من أجل ذلك إلى مناد آخر؟
( * ) أستاذ التربية المشارك بكلية المعلمين بالرياض |