من حق محمد بن عبدالله على العالم أجمع أن يتصفح سيرته وأن يعتبر بجهاده وصبره على الثبات في مواصلة أداء الرسالة التي حملها، ولم يثن عزيمته تمرد عشيرته عن الانقياد لدعوته فضلاً عن مقاومتهم لها بل صبر وصابر وجد وجاهد إلى أن قيض الله له الأنصار وفتحت على يديه الأمصار وتداعت أمام جهاده عروش الأكاسرة والأباطرة.
في هذه الأيام التي تمر بنا ذكرى ميلاده المجيد يحسن بنا من خلالها أن نستنبط العبر وننتزع المواعظ خاصة ونحن في مرحلة نكون أحوج فيها إلى ذلك من خلال التفكير للخروج مما نحن واقعون فيه من حيرة تجاه عدو يعثو في مقدسات الإسلام ويسيطر على مساحات كبيرة من أراضٍ عربية انتزعها بقوة السلاح لا عن قلة في عدد أمتنا ولا عن عجز في تسليحها غير أن فرقة دبت في أوصالها وشتت جماعاتها وخلقت الحزبية على غرار مبادئ لحادية وشعارات مستوردة من أعدائها، وما ذلك إلا بسبب الجنوح عن مبادئ الإسلام الصحيحة والعزوف عن مصادر الإيمان الخالدة إلى اعتناق المستورد من الأفكار بوحي من رغبات شاذة وأحقاد حائرة.
من حق محمد على أبناء العالم أجمع أن يرددوا ذكراه لقاء ما استنبطوا من مبادئ تشريعه حلولاً لمشاكلهم في المعاملات دعمت بناءهم الحضاري المبكر وأرست لهم قواعد الأمن بحلول الكثير من المعضلات التي لم تمكنهم حياة النشوء إلى ابتكارها.
كما أن من حقه على أبناء أمته أن يتمسكوا بالعقيدة التي رسخها في أعماقهم وحرر بها عقولهم ورسم لهم بها مسالك الخير وهداهم إلى تجنب مزالق الشرك والكفر والضلال وهيأهم لمقاومة كل ما يقع عليهم من ظلم أو طغيان وعدم الخضوع لأي قهر أو اغتصاب وبشرهم بأن لهم الجنة إذ ابتلوا فقاتلوا عدوهم في اخلاص وتجردوا للجهاد في سبيل الله.
فقد غرس فيهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم العزة وأمرهم بأن يكونوا لبعضهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وما قصد بذلك إلا انتزاع الخلافات ودفن الكراهيات وعلمهم الوحدة والاتحاد في كل ما من شأنه تقوية صفوفهم والتغلب على أعدائهم فهل نحن فاعلون ومؤتمرون؟
|