* نجران - حسن آل شرية:
تعد نجران واحدة من أبرز المناطق التي شهدت فترة استيطان امتدت لأكثر من مليون ونصف المليون سنة... فقد كانت المحطة الأولى لأول وأقدم استيطان بشري لمنطقة غرب اسيا... وهذا ما تؤكده نتائج المسح الأثري الذي أجرته وكالة الآثار والمتاحف في هذه المنطقة... حيث تم اكتشاف وتوثيق عدد كبير من المواقع الأثرية تمثل مراحل تاريخية مختلفة تعاقبت في المنطقة بدءاً من عصور ما قبل التاريخ بمختلف تقسيماتها الحضارية ثم العصور التاريخية التي تعد الأبرز في تاريخ وحضارة نجران... حيث مارست نجران كمدينة مزدهرة دوراً بالغ الأهمية خلال ما يعرف بحضارة جنوب الجزيرة العربية التي بدأت في الظهور والارتقاء مع بداية الألف الأول ق.م وارتبطت بازدهار التجارة البرية... وكانت نجران آنذاك تمثل أهمية زراعية من خلال خصوبة أراضيها وموقعها الإستراتيجي كنقطة اتصال هامة بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها... من هنا ومن هذه النقطة تلقي «الجزيرة» الضوء على هذا الموضوع والذي يحملنا إلى أعماق التاريخ العبق لنرى بخيالنا جزءاً من ماضي وحضارة الإنسان في شبه جزيرتنا العربية...
... تقع منطقة نجران جنوب المملكة العربية السعودية على الأطراف الشرقية من الدرع العربي بين دائرتي عرض 17ْ و20ْ وخطي طول 43ْ و52ْ وعلى ارتفاع يتراوح بين 1100- 1700م عن سطح البحر وتشغل المنطقة مساحة تقدر بحوالي 365 ألف كم2 يحدها من الشرق المنطقة الشرقية ومن الغرب منطقة عسير ومن الشمال منطقة الرياض ومن الجنوب الجمهورية اليمنية... وتنقسم تضاريسها إلى ثلاثة أقسام هي...أولاً... وادي نجران.. والذي يشكل نقطة الاستيطان الرئيسية وينحدر من الجبال الواقعة في الغرب منها ممتداً باتجاه الشرق حيث يتسع تدريجياً ليصب في الأطراف الغربية من صحراء الربع الخالي...
ثانياً... سلسلة الجبال المحيطة... وهي من ثلاث جهات تمثل الأطراف الشرقية من الدرع العربي وهي الأجزاء الجنوبية من جبال منطقة عسير وشمال اليمن التي تنحدر برفق نحو الشرق... على أن هنالك جبالاً أخرى تقع في أماكن متفرقة من أبرزها جبال الكوكب -جبال القارة- وتقع إلى الشمال الغربي من وادي نجران وفي حين تقع جبال العارض الجنوبية إلى الشرق من نجران في الجزء الجنوبي الغربي من صحراء الربع الخالي.
ثالثاً... المنطقة الصحراوية(الرملية)... تبدأ المنطقة الصحراوية من حيث ينتهي وادي نجران تمتد شرقاً حتى سلطنة عمان...
وعن المناخ فإنه تتفاوت درجات الحرارة في المنطقة تبعاً لاختلاف التضاريس حيث تتراوح ما بين 6-37 درجة مئوية طوال أيام السنة...
التسمية
يرد اسم نجران في المصادر مقروناً بتعليلات وأسباب لايمكننا اثبات أو نفي صحتها والأرجح أن الاسم أطلق على الوادي والمدينة معاً ويبدو أن موقع الأخدود الأثري كما يعرف اليوم هو المكان الذي كانت تقوم عليه مدينة نجران القديمة التي وردت في نقوش جنوب الجزيرة العربية باسم « ن ج ر ن» والتي بدأت في الظهور والارتقاء مع بداية الألف الأول ق.م وأصبحت خلال الفترة من 500 قبل الميلاد إلى 250 ميلادي من أبرز المدن التجارية القديمة على الطريق التجاري القديم الذي كان يربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها إبان ازدهار عصر التجارةالبرية التي أدت إلى نشأة وازدهار العديد من المدن الأخرى في أنحاء الجزيرة العربية...
ولعل «رجمات» التي وردت في أحد النقوش الجنوبية على أنها عاصمة نجران كانت تقوم على نفس الموقع الحالي أو قريباً منه ويبدو أن هذا الاسم كان أول اسم للموقع...وأن اسم نجران أطلق على الوادي وأصبح فيما بعد اسماً للمدينة بدلاً من «رجمات» واسماً للوادي في نفس الوقت... أما مسمى الأخدود الذي يطلق على الموقع حالياً فقد جاء نتيجة للمذبحة التي تعرض لها معتنقو النصرانية في نجران على يد ذي نواس وجيشه عندما حفر لهم الخندق وأشعل فيه النيران وقتل وأحرق منهم ما يقارب العشرين ألفاً حيث نعتوا بأصحاب الأخدود فعرف الموقع منذ ذلك الحين باسم الأخدود... وظل اسم نجران يطلق على الوادي وفي كثير من الأحيان ينسب الموقع «الأخدود» إلى الوادي فيقال أخدود نجران...
نجران في المصادر التاريخية
كانت نجران ولاتزال تحظى باهتمام المؤرخين والجغرافيين قديما وحديثاً ذلك أن هذه المنطقة شهدت فترة استيطان طويلة تخللها العديد من الأحداث الهامة على أن أهمية نجران الزراعية والتجارية جعلتها في كثير من الأحيان عضواً في الصراعات الدائرة بين ممالك جنوب وشمال الجزيرة العربية وهذا ما أشارت إليه عدد من النقوش من أبرزها نقش بالخط السبئي للملك (كرب إل وتار 660- 620ق.م) يذكر حملة عسكرية قادها ابنه (يثع أمر بين) على بعض القبائل بنجران، ونقش آخر للملك (الشرح يهدب) و (بازل بايابين 35-15 ق.م) يشير إلى حملة عسكرية أخرى على نجران، ويعد نقش الملك الحميري (يوسف اسأر) الموجود في بئر حما من أهم هذه النقوش حيث يعتقد أن يوسف اسأر هونفسه ذو نواس الذي كان وراء المذبحة التي تعرض لها نصارى نجران، على أن هناك نقشا مكتوبا بالخط النبطي المتطور يعود تاريخه إلى سنة 328م يعتبره معظم الباحثين سابقه لخطوط الكتابة العربية ويعرف بنقش النماره ويسجل النقش مآثر الحاكم امرؤ القيس بن عمرو أحد ملوك الحيره اللخميين ومنها سيادته على بني أسد ودحر قبائل مذحج التي تراجعت إلى نجران، وكانت نجران قد تعرضت لحصار من قبل هذا الملك في وقت ما قبل سنة 310م.
ومن النقوش ما كتبه المؤرخون والجغرافيون والرحالة قديماً وحديثاً بدءاً من استرابون وبطليموس وحتى الطبري والهمداني والمسعودي والاصطخري وياقوت الحموي وابن البكري وابن مجاور ونيبور وهاليفي وفلبي وفان بيك وغيرهم.
لقد تعرض هؤلاء الرحالة والمؤرخون في كتبهم لنجران من خلال ما سمعوه وما شاهدوه، واهتم الكثير منهم بالاسم وتحديد الموقع ووصفه مع ذكر القبائل التي كانت تقطن المنطقة خلال فترة ما قبل الإسلام وخلال العصور الإسلامية المختلفة وتعرض البعض منهم للدور التاريخي الذي لعبته نجران في تجارة التوابل والمر والبخور واللبان خلال عصرالتجارة البرية، وقد تحدثت كتب الأدب أيضاً عن نجران من خلال ماورد على السنة بعض الشعراء، في حين اهتمت المصادر الإسلامية والمسيحية بشكل خاص بالمذبحة التي تعرض لها النصارى في نجران والتي أشار إليها القرآن الكريم.
العصور الحجرية
وتشير الدلائل الأثرية المكتشفة إلى أن الاستيطان البشري في هذه المنطقة بدأ منذ مئات الآلاف من السنين وكان الإنسان في هذه المرحلة المبكرة من تاريخه يعيش حياةً بدائيةً يعتمد خلالها على الصيد وجمع القوت عن طريق الموارد الطبيعية المتاحة آنذاك وفي ظروف بيئة قاسية، وللتغلب على هذه الظروف اعتمد الإنسان على المواد المتوفرة لصنع الأدوات التي مكنته من كسب قوته والدفاع عن نفسه وكان الحجر أقدر تلك المواد على البقاء مما مكن العلماء من التعرف على المراحل التي مر بها الإنسان للارتقاء بالصناعات الحجرية.
لقد أثبتت نتائج برنامج المسح الأثري الذي قامت به وكالة الآثار والمتاحف بالمنطقة أن نجران من أقدم الأماكن التي تعود للعصر الحجري بمختلف مراحله الحضارية حيث تشير الدلائل الأثرية الأولية إذا ثبتت صحتها إلى أن أول استيطان لمنطقة غرب اسيا حدث نتيجة لهجرة الإنسان قبل ما يزيد على مليون ونصف المليون سنة من شرق إفريقيا عبر باب المندب إلى جنوب غرب المملكة وتحديداً كانت نجران أول وأقدم الأماكن التي استوطنها لبعض الوقت أثناء رحلته حيث عثر في شعيب دحضه بنجران على مجموعة من الأدوات الحجرية يرجع تاريخها إلى الحقبة الألدوانية وهي مرحلة مبكرة من العصر الحجري القديم، كما أمكن التعرف على العديد من المواقع الأخرى تنتشر بين منطقة بئر حما ويدمه ووادي تثليث وجنوب ظهران الجنوب تمثل مواقع العصر الأشولي والعصر الموستيري التي استمرت حتى 10000 سنه ق.م تلتها المرحلة المعروفة بالعصر الحجري الحديث الذي كان بمثابة نقطة تحول هامة في حياة الإنسان.
نجران القديمة
وتشير الدلائل المستمدة من النقوش السبئية إلى أن نجران أصبحت تتسم بأهمية كبيرة بحلول منتصف الألف الأول ق.م بعد أن فتحها السبئيون وأن اسم نجران كان يطلق آنذاك على منطقة في مملكة محمئر التي أقام ملكها العذرائيل عاصمة في نجران، وهذا يتفق تماماً ونتائج التحليل بالكربون المشع «كربون 14» للعينات الحفرية التي أجريت داخل المنطقة الرئيسية المسورة «القلعة» عام 1982م بواسطة فريق وكالة الآثار والمتاحف والتي أثبتت أن عينات الطبقة السفلى تعود إلى عام 535 ق.م بينما تعود عينات الطبقة العليا إلى عام 235م. ويبدو أن نجران بدأت في الظهور كمدينة هامة مع بداية الألف الأول ق.م، ولذلك يمكن القول بأن الموقع شهد فترة استيطان قبل انشاء القلعة، وربما أقيمت القلعة على أنقاض المدينة القديمة، على أن انشاء القلعة ربما يعود لبداية القرن السادس ق.م واستمرت تمثل المرحلة الاستيطانية الثانية للموقع حتى نهاية القرن الثالث الميلادي.
متحف نجران
وفي سياق هذا التحقيق... التقت الجزيرة بالأستاذ/ عبدالعزيز بن منسي العمري مدير متحف نجران... لتتعرف عن طريقه على الدورالذي تقوم به وكالة الآثار السعودية تجاه هذه الثروة الأثرية الهائلة... فتحدث لنا مؤكداً أن آثار منطقة نجران كغيرها من مناطق المملكة أخذت بنصيب وافر من الاهتمام والعناية وجهود وكالة الاثار في هذا الشأن واضحة لكل من لديه أدنى حد من الانصاف فبرنامج المسح الأثري غطى جميع مناطق المملكة بما في ذلك منطقة نجران وهناك مواقع أثرية تم تسويرها وأخرى تم تحديدها والباقي يجري حالياً تسويرها للمحافظة عليها وحمايتها وبما أن موقع الأخدود الأثري يعد من أبرز المواقع الأثرية بالمنطقة فقد بدأت فيه أعمال التنقيب منذ عام 1401هـ وتواصلت خلال مواسم عديدة وخلال الأيام القليلة القادمة سنستقبل فريقا علميا من وكالة الآثار والمتاحف لمواصلة أعمال التنقيب خلال موسم هذا العام، من جهة أخرى يعد متحف نجران أحد أبرز الإنجازات لوكالة الاثار والمتاحف في منطقة نجران والذي ساهم ولا يزال في متابعة وتنفيذ طموحات الوكالة في الحفاظ على آثار المنطقة وصيانتها بشتى الوسائل المتاحة ولعل من قصر الإمارة التاريخية مثال آخر للجهود المبذولة للمحافظة على آثار وتراث هذه المنطقة حيث يتم ترميم هذا القصر وصيانته بشكل مستمر كونه أحد أهم المباني التاريخية ونموذجا فريدا يجسد أبرز خصائص العمارة التقليدية بالمنطقة، ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى أن بعض الناس لا يدركون أن المملكة تشغل مساحة كبيرة جداً تضم عددا هائلا من المواقع الأثرية والتاريخية تتفاوت في الأهمية الأمر الذي تبدو جهود الوكالة من منظورهم قليلة ولكن الواقع خلاف ذلك خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن العمل الأثري عمل أكاديمي يتم وفق ضوابط دقيقة جداً لا تقبل استثناءات فعلى سبيل المثال أعمال التنقيب تتم وفق أساليب تقليدية ناهيك عن الأبحاث وما تتطلبه من دقة وأمانة علمية وما تحتاجه من وقت وجهد وبالمناسبة حتى أعمال الترميم تتطلب أساليب غيراعتيادية لأن كل مبنى يتم ترميمه وفق خصوصية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الترميم وهذه الأمور ربما لا يدركها البعض ممن لا يتابعون جهود وكالة الآثار والمتاحف ولايدركون طبيعة العمل الأثري والمتحفي.
وأشار العمري إلى أنه يجري حالياً العمل على استكمال بعض الإجراءات المتعلقة بتوسعة صالة العرض الرئيسية في متحف نجران حيث تم الانتهاء من إعداد المخططات والمواصفات الخاصة بهذه التوسعة وقريباً إنشاء الله سيتم البدء في التنفيذ، وهذا المشروع يتم بدعم مادي من رجال الأعمال بالمنطقة ونحمد الله أن أبناء منطقة نجران كغيرهم من مناطق المملكة يدركون أن مسئولية التنمية مسئولية مشتركة بين المواطن وأجهزة الدولة فكان من الطبيعي أن يعبروا بمثل هذا الدعم عن حبهم وانتمائهم وولائهم لوطنهم وهنا لايسعني إلا أن أحيي فيهم هذا الحس الوطني العالي وأشكرهم على هذا الدعم السخي الذي تعودنا عليه منهم.
أما بالنسبة إلى آثار الأخدود فإن الوكالة تعمل بكل جد على تطويرها ولكن ينبغي أن يكون ذلك وفق اعتبارات علمية معينة ذلك أن تطوير المواقع الأثرية يتم وفق معايير علمية دقيقة تتطلب الكثير من الوقت والجهد وخصوصاً أن هذا الموقع يحظى بخصوصية شديدة ويجب أن تتم أعمال التطوير وفق هذه الخصوصية، وطموحاتنا في المرحلة القادمة أن نتمكن من إجراء المزيد من التنقيبات في المواقع وبالتالي يصبح المجال مفتوحاً أمام أعمال ترميم المنطقة الرئيسية المسورة من الموقع حتى يمكن في النهاية تهيئة الموقع كموقع سياحي قابل للاستثمار، لذلك لا ينبغي التسرع في هذا الأمر حتى يستوفي كل شروطه.
وأشار بأنه...
يتراوح عدد زوار الأخدود بين 000 ،25 و 000 ،30 في السنة ويختلف من شهر إلى آخر فمثلاً في موسم الصيف يزيد عدد الزوار بمعدل الضعف وهكذا أما المتحف فيتراوح عدد الزوار بين 000 ،20 و 000 ،25 في السنة.
ويحتوي المتحف على عدد من الأقسام وصالة العرض الرئيسية والتي تحتوي على مجموعة مميزة من التحف الأثرية تجسد جميع الفترات الحضارية والتاريخية التي مرت بها المنطقة منذ أقدم العصور وحتى الوقت الحاضر.
مشيراً بأنه لا توجد معوقات بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة ولكن توجد بعض الصعوبات التي استطاعت الوكالة معالجة الكثير منها ويجري التعامل مع البعض منها من خلال وضع الحلول المناسبة لها حسب أهمية كل منها فعلى سبيل المثال تعاني بعض المتاحف من نقص عدد الموفدين من المتخصصين في المجال الأثري والمتحفي الأمر الذي يؤثر في بعض الأحيان على نشاط هذه المتاحف ولكننا على يقين بأن هذه المشكلة يمكن التغلب عليها كما نعاني أيضاً من قلة الوعي الأثري لدى البعض الأمر الذي لا يخدم خطط وبرامج الوكالة للمحافظة على الآثار ولذلك نحن نعول على وسائل الإعلام المختلفة في بث الوعي بأهمية المحافظة على هوية بلادنا الثقافية وتسليط الضوء على جهود الدولة أيدها الله في هذا المجال والتي تتمثل في أعمال المسح الأثري وترميم المباني الأثرية والتاريخية وإنشاء المتاحف وإعداد البحوث والدراسات الأثرية والتاريخية... وغير ذلك.
أما عن أهم المعالم الأثرية بمنطقة نجران... فأجابنا مدير متحف نجران قائلاً: بأن أهم المعالم هي كالتالي:
أولاً- متحف نجران للآثار والتراث الشعبي:
وهو يعد من أبرز المعالم الثقافية والحضارية بالمنطقة ويقع بجوار موقع الأخدود الأثري...تم انشاؤه في عام 1403هـ ويحتوي على عدد من الأقسام التي تخدم الأغراض الذي تم انشاؤه من أجلها من ضمنها صالة العرض الرئيسية التي من خلالها يستطيع الزائر الاطلاع على تاريخ وحضارة نجران منذ أقدم العصور وحتى الوقت الحالي وفق أسلوب عرض مشوق تقترن به المعلومات والصور والرسومات التوضيحية بالشواهد الأثرية المعروضة وفق تسلسل الأحداث التاريخية والحضارية التي شهدتها المنطقة.
ثانياً- قصر الإمارة التاريخي...
يعد هذا المبنى من أبرز المباني التاريخية بالمنطقة ونموذجاً فريداً للعمارة التقليدية بالمنطقة تم بناؤه في عام 1361هـ ليكون مقراً لإمارة المنطقة وبعض الدوائر الحكومية الأخرى آنذاك كالمحكمة واللاسلكي والشرطة بالإضافة إلى سكن الأمير وهو مبنى تقليدي مبني من الطين على شكل قلعة تحتوي على بئر ومسجد وأربعة أبراج دائرية تشكل جزءاً من السور.
ثالثاً- المواقع الأثرية...
تتميز منطقة نجران بأهميتها الأثرية والتاريخية من خلال وجود عدد كبير من المواقع الأثرية الهامة تنتشر في أنحاء المنطقة تجسد فترة ممتدة من الاستيطان البشري لهذه المنطقة منذ أقدم العصور وحتى الوقت الحاضر... ولعل موقع الأخدود الأثري يأتي في مقدمة هذه المواقع كونه الأهم في تاريخ وحضارة المنطقة... حيث تعاقبت عليه ثلاث فترات استيطانية رئيسية تخللها العديد من الأحداث الهامة كحادثة الأخدود الشهيرة التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة البروج...
والأخدود كما يسمى اليوم هو الموقع الذي كانت تقوم عليه مدينة نجران القديمة التي ازدهرت خلال الفترة الممتدة بين 600 قبل الميلاد و 300 ميلادي والتي ورد ذكرها في نقوش جنوب الجزيرة العربية باسم ن ج ر ن والموقع عبارة عن مدينة مركزية تعرف بالقلعة تم تشييدها من كتل حجرية ضخمة منحوتة يحيط بها سور بطول 235 متراً وعرض 220 متراً يضم نتوءات وتجاويف غير منتظمة يوجد في داخله عدد كبير من المباني بالإضافة إلى تلال أثرية أخرى تقع شمال شرق القلعة تدل على أن الموقع شهد فترة استيطان على نطاق واسع خلال الفترة المتزامنة مع ازدهار الحضارة البيزنطية وكذلك خلال العصر الإسلامي... ولا تزال آثار الأخدود تستقطب المهتمين بما تحويه من أطلال أثرية تجسد الدور التاريخي والحضاري الذي لعبته المدينة منذ القدم كواحة زراعية خصبة مالبثت أن تحولت إلى واحدة من أبرز المدن التجارية والزراعية آنذاك وساهمت بفعالية في ازدهار عصر التجارة البرية خلال الألف الأول قبل الميلاد والألف الأول الميلادي من خلال دورها كعضو في مجموعة الدول التي كانت تشكل الحضارة المزدهرة والمستقرة في جنوب الجزيرة العربية ونقطة اتصال هامة بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها بفضل موقعها الإستراتيجي على مفترق طرق القوافل التجارية البرية القديمة.
|