قرأت ما كتبه مؤخراً الأستاذ: علي الخزيم في زاويته الشيقة بصفحة مقالات في العدد رقم 11410 بعنوان «كلام جرائد» أوضح فيها أنه لا يزال هناك فئة من الناس يعتقد أن كل ما يكتب في الصحف مجرد كلام عابر لا يمت للحقيقة بصلة وأن كثيراً مما يكتب فيها مبالغ ويخرج عن اطاره الصحيح، وهؤلاء للأسف الشديد لا يعون جيداً الدور الكبير الذي تقوم به الصحافة في المجتمع، والتي تحاول جاهدة من خلال سعيها الدائم إلى توثيق العلاقة بينها وبين المتلقي ونقل الخبر بموضوعية إليه وإيصال صوته ومعاناته إلى المسؤولين عن طريق ما ينشر فيها من كلمات، ولذا فإنها متى اكتسبت تلك المعلومة المصداقية والموضوعية فقد أصبحت محل ثقة كافة المتابعين وهي التي تتوفر ولله الحمد في صحافتنا المحلية، غير أن جهل البعض من الناس بالمفهوم الحقيقي للصحافة جعل البعض منهم ليست لديه القناعة الكاملة بما ينشر في الصحف، وأصبح يرى في أي خبر أو تحقيق يقرأه أو يسمع عنه في المجالس مجرد «كلام جرائد» ليس له حقيقة، بمعنى أنه مجرد عبارات منمقة وكلمات مصفوفة لا تفضي إلى شيء ملموس، وهذا بطبيعة الحال يمثل رأيه الشخصي بسبب وجود نظرة قاصرة من قبله، وذلك على الرغم من أن الصحافة ولله الحمد تمثل في بلادنا الواجهة الصادقة للمجتمع وهي تعمل وفق أسس ومواثيق واضحة ومحددة وعلى اطر وقواعد سليمة لا تستطيع تجاوزها، ولو نظرنا بتمعن إلى الصحافة في الخارج وقارناها بصحافتنا لوجدنا فيها اختلافاً كبيراً فهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة لأنها تعتمد في غالب مبيعاتها على الإثارة المصطنعة والتدخل في شؤون الغير وتشويه الصورة الحقيقية للخبر. وقد تتدخل أحياناً في خصوصيات الفرد وتحاول التسرب إلى أعماق خفايا أسرته وذلك لمجرد أن تكتسب مبيعاتها الرقم القياسي حتى أن البعض منها تلجأ إلى توظيف المبالغ الطائلة لملاحقة المشهورين في منازلهم وأماكن راحتهم لمجرد الحصول على مواضيع أو صور عنهم وغيرهم من الممثلين والمسؤولين في الغرب، الشيء الآخر يتعلق بثقافة الفرد نفسه، فنحن لا نزال لم نصل بعد إلى تحقيق الثقة الكاملة بين الصحفي والفرد وقد لا أبالغ حينما أقول إنه لا يزال هناك أناس في مجتمعنا يرفضون وضع أسمائهم أو صورهم في مواضيع وتحقيقات عادية فما بالك حينما يصل الأمر إلى ادارات حكومية ترفض التعامل مع الصحفي، وعندما توافق ملزمة فإنها تتقبله على مضض وحرص شديدين حتى أصبح مندوب الصحيفة كالمعقب الذي يضطر إلى الاستئذان من عمله كل يوم ليدور على الادارات الحكومية طمعاً في الحصول على خبر بسيط ولم يتعد الأمر إلى ذلك بل إن البعض منهم يعتقد أن أي مراسل يمثل الصحيفة فإن لديه كامل الصلاحيات في النشر إلى درجة أن البعض يطالب أن تضع له العنوان الذي يطلبه إذا أردت الحصول منه على أخبار عن ادارته.
كما وصل الأمر في بعض مسؤولي الإدارات إلى التهديد بالتحقيق مع الصحفي واحالته إلى الجهات الأمنية في بعض الأمور التي ينشرها دون علم منهم رغم أنها لا تمس ولا تتجاوز الأنظمة والقوانين، والتي قد يضطر المراسل إلى نشرها بعد الحصول عليها بطرقه الخاصة حينما يتعذر التعاون بينه وبين هذا المسؤول أوذاك، ولا ننسى أيضاً منع الصحفيين في بعض الأحيان من التصوير في بعض الأماكن العامة أو التي تتعلق بموضوع تحقيقه، وهذه وللأسف الشديد مفاهيم جداً خاطئة ويفترض أن نمسحها من أذهاننا، فصحافتنا المحلية ولله الحمد تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية وتحافظ على كرامة وحقوق الفرد ولا تتعدى حدودها المهنية لأن لها ميثاق شرف تسير عليه، ولذا فإن علينا أن نغير نظرتنا الدونية للصحافة وأن نثق بأن الصحفي إنما وجد لنقل الخبر والمعلومة وايصال حاجات المواطن إلى المسؤولين ولعلني هنا أستحضر كلام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس اللجنة العليا للصحافة في لقائه ذات يوم بالصحفيين حينما قال: «إن الصحفي والمواطن عينان للمسؤول» فمتى يعي هؤلاء المعنى الحقيقي لتلك الحكمة التي لم تأت من فراغ.
محمد بن راكد العنزي طريف
|