يبدو اننا نعيش هذه الأيام مفاجأة «الأمانة» في عمليات الاصلاح وإعادة الهيكلة (التغير الجذري) لبعض شوارع مدينة الرياض، فشارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية شرق) يعتبر بحق من الشوارع التي حظيت بهذه التجربة الرائدة في تغيير مفهوم وطابع «الشارع» فبدلاً من كونه ممرا لحركة السيارات وربط الشوارع الفرعية بالرئيسية ونقل المستخدمين الراكبين من نقطة إلى أخرى -وهذا هو المفهوم الوظيفي للشارع في منهجية الهندسة القيمية- أصبح اليوم يمثل نقطة تحول في إدخال وظائف أخرى ثانوية مطلوبة (كحركة المشاة بحرية، والاستفادة من الأرصفة بشكل اقتصادي وعملي مرن) الأمر الذي جعل المخططين في الأمانة يدركون أن للشارع عدة استخدامات: مرورية واقتصادية وسياحية وربما ترفيهية (كوجود المقاهي وغيرها).
والحق يقال إن هناك نقلة نوعية لمستخدمي هذا الشارع سواء من أصحاب المحلات، العقارات، أو طلاب المدارس أو الزائرين وربما يتمنى الكثير ان تكون معظم شوارع الرياض بهذا الشكل (يوماً ما) وأنا شخصيا أبارك جهود الأمانة والقائمين على مثل هذه المشاريع «الإبداعية»، لكن لابد لنا من وقفة هنا (أياً كان موقعها في أحد هذه النماذج) وقبل ان يتكرر في شوارع وطرقات أخرى، وليس بالضرورة ان يكون هناك رأي ورأي آخر أو معاكس كما جرت العادة (إعلامياً) ولكن يمكن اعتبار وجهات النظر مكملة لبعضها البعض ولا تفسد للود قضية، فعلى سبيل المثال:
إن كان هناك نية لرسم خطوط القطارات الخفيفة في شوارع الرياض (كما سمعنا مؤخرا من مسؤولي الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض) فما هي الخطة الاستراتيجية (المعلنة) لربط حركتي السيارات والقطارات في نفس الشارع مع المستخدمين أنفسهم (وأين هو بناء محطات Stations الانتظار والوقوف والنزول والهبوط، واكشاك بيع التذاكر... وغيرها)، أما بالنسبة للمشاة Pedestrians فلا يبدو ان هناك خططاً عملية لتسهيل عبور الراجلين (المشاة) في هذه الشوارع الحديثة، ان صح التعبير، والمعلوم ان هناك إشارات مرورية يتم الضغط عليها لتصدر أصواتاً وإشارات متقطعة لوقف السيارات ومن ثم السماح للمشاة بالعبور بأمان ويسر، وهي تختلف عن إشارات المرور الرئيسية عند التقاطعات (ولم أر ذلك في شارع/طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز).
ثم تأتي إلى تصريف مياه السيول والأمطار، فلم ألاحظ وجود ميول حقيقية واضحة في أطراف الشارع عند الأكتاف لتسهيل سريان المياه إلى أقرب مجرور/منهل كما جرت العادة في معظم التصاميم العالمية، وعند النظر إلى استخدام الأرصفة Pavements في أجزاء الشارع، فكما يعرف مهندسو الطرق بأن هناك Rigid pavements مثل الخرسانة ومشتقاتها وهناك أيضاً Flexible pavements كالإسفلت ومشتقاته وكون الأمانة قد استخدمت المزيج Mix من هذين النوعين في أجزاء الشارع فلابد ان تكون مبنية على دراسة وأبحاث مقنعة لا بسبب فائض في مواد Interlooks أو تبرعات من المقاولين وغيره.
أما بالنسبة للإنارة واستخدام العواكس الضوئية Reflective وعيون القط، فيبدو ان هناك توسعاً غير عادي في استخدام هذه الإمكانات، حتى بدا الشارع وكأنه مهبط للطائرات في أحد أجزائه، فهل ستقوم هذه الاجراءات بخدمة الشارع وظيفيا Functionally وعلى مدى دورة حياة المشروع أم ستكون مكلفة على الأمانة من حيث التشغيل والصيانة على العمر الافتراضي للشارع وبالمناسبة هناك العديد من الملاحظات التي يمكن ادراجها على تصميم مثل هذه الشوارع التقنية الحديثة ولكن من المفيد ان نخلص إلى بعض الحقائق الهامة التي يجب أخذها في الاعتبار لهذه النوعية الحديثة/ التقنية من المشروعات وهي:
1- للشارع/الطريق وظيفة رئيسية Basic function يجب تحقيقها وب«أفضل التكاليف» وكذلك هناك وظائف ثانوية وثانوية مطلوبة (جمالية-اقتصادية-سياحية-وترفيهية) ولتحقيق ذلك والمحافظة على هذه النوعية من المكتسبات الوطنية، لابد من وجود مراقبة (شرطة بلدية/دوريات راجلة أو غيرها) والسبب بسيط، وحيث لاحظنا ذلك جميعاً، حتى قبل نهاية المشروع، فهناك العديد من المستهترين قد بدأ يمارس عادته (دون رقيب أو حسيب) في الكتابة على حواجز السيارات الوسطية عند الأرصفة، وهناك ظاهرة التباهي بالسيارات الفارهة وتعطيل حركة السير، وهناك أيضا الوقوف بالسيارات بشكل خاطئ وهناك الجلوس على قارعة الطريق للمعاكسات وهناك وهناك...!
نريد للشارع احترامه وانضباطه، يجب ان يحترم بعضنا البعض وان يحترم الجميع هذه المكتسبات لأنها في النهاية لصالح الجميع (مواطنين ووافدين). وربما لا يتسع المجال لذكر الحقائق الأخرى ولنتركها في حلقات أخرى والله الموفق.
|