لقاء : عبدالرحمن إدريس
.. عندما نتوقف بالتأمل أمام الصور الكارثية في أعقاب الحروب والقتال والزلازل وغيرها..
.. نظرتنا الملونة بدموع الحزن والتعاطف الإنساني إلى الضحايا لا تصل إلى أبعد من هذه المشاهد متباعدة الحدوث.
.. فماذا وشوارعنا فعل اجباري مع التوقعات باستمرار القتل والإعاقة والاصابات بحوادث السيارات.
.. المعدلات مرتفعة محلياً وتصل إلى حالتي وفاة يومياً لتكون النسبة الأعلى اقليمياً وعربياً وأيضاً على المستوى العالمي في بعض الاحصاءات المعنية بتخصص في وضع النسب التقديرية المقارنة لحوادث المرور.
.. كيف نتفاعل مع هذا الواقع المتكرر كإحساس مماثل أوقظ ويظل ضمير الألم الساكن في أعماقنا تجاه المآسي والكوارث؟ فهو إذاً طبيعة البشر في التأثر لا نملك حياله كتم أنفاس مشاعرنا التي تنعكس في النفس بالأسى وإن كان لبعض الوقت..
.. والمشهد الأقرب يفرض التساؤل بشكل مختلف عن كيفية تحرك مشاعر الحزن نحو ضحايا يلقون بأنفسهم إلى التهلكة عمداً بالسرعة وقطع الاشارات الحمراء والتهور في قيادة السيارات..
* ما هو حجم وكمية الأسى والدموع في بيوت فقدت ابنا أو أكثر أو مجموعة من أفراد العائلة؟
-قد تأتي بعض الإجابة موجعة لأن أسباب تلك الحوادث لها فعل الاستمرارية على مشهد ومرأى ومعرفة المجتمع.
-تلك التوقعات في النظرة تستحق أكثر من وقفة لابد وأنها لا توفر استقراراً واطمئناناً باحتمالات القدر وذلك لأن طبيعة التهور في الطرق من قبل السائقين ستطال آخرين وهكذا هي الحوادث المرورية التي يذهب ضحيتها أبرياء سواء بسواء مع المستهترين بأسباب السلامة.
* ما الذي فعلته التوعية-وإلى أي مدى وصل الوعي لدى السائقين؟
-هل نقبل بما يحدث كونه ضريبة مصاحبة لكثرة السيارات وأمزجة السائقين وبالتالي نقف متفرجين بردة فعل سلبية ثم ننتظر الحوادث دونما نفاذية جرعات التوعية أو الإحساس بالمسؤولية من الأسرة والمجتمع بالشكل الذي يردع التهور ويقضي على أسبابه..
-السرعة في مقدمة أسباب الحوادث القاتلة إلى جانب قطع الاشارة، فهل ينجح مشروع اقامة مضمار لسباق السيارات وناد يمارس فيه المتهورون هوايتهم بتفريغ شحنات الرغبة في غير المألوف ويتحملون في المقابل وبموافقة أولياء أمورهم النتائج القادمة.
-هذا جانب آخر أيضاً وله علاقة بشريحة الشباب عشاق السرعة مع توفر سيارات تتجاوز سرعتها 300كم في الساعة.
- قيادة الطلبة الصغار للسيارات بعلم الآباء والأمهات.
- المحاكم المرورية وتأمين الرخصة والازدحام والقيادة بالسرعات العالية في الطرق السريعة وداخل المدن.
محاور عديدة نطرحها للمناقشة في هذا التحقيق بوجهات نظر مختلفة وفي حوار «الجزيرة» مع العميد فهد بن سعود البشر مدير الإدارة العامة للمرور بالأمن العام حيث كانت الاجابة اضاءة توعية على الطريق.
الحد من الأخطاء بالقوة
* بداية نتساءل عن اعتبار هذا الجهاز جزءاً من الاتهام ويتحمل المسؤولية المرتبطة بارتفاع نسبة الحوادث والمخالفات والكيفية التي يحاول، إحكاماً للسيطرة فيها على الحركة المرورية؟
- اجابة العميد فهد البشر تنقلنا إلى واجهة مختلفة في كيفية هذا التعامل اجرائياً مع الواقع وفي ضوء ارتفاع معدلات المخالفات وبالتالي الحوادث..
وذلك يعني من وجهة نظره اللجوء إلى تطبيق اجراءات أكثر حزماً لتحقيق الأهداف التي يتطلع إليها الجميع-وكما يرى العميد البشر فلم يعد بالإمكان انتظار مثالية السائقين والتزامهم الكامل باتباع الأنظمة التي تؤمن سلامتهم.
ويمثل الضبط المروري الميداني أحد العناصر الأساسية في منظومة السلامة المرورية، ويرتكز هذا الضبط على ثلاثة محاور رئيسية وهي: «الدوريات الميدانية»، «الدوريات غير المميزة» وهي المرور السري-«استخدام التقنية الحديثة في مجال الضبط المروري».
ولقد أولت الإدارة العامة للمرور اهتماماً كبيرا لكافة تلك المحاور، في محاولة جادة لتحجيم السلوكيات الخاطئة أثناء قيادة السيارات-كما نسعى جادين بعونه تعالى إلى تعميم استخدامات كاميرات المراقبة في الشوارع وتعميمها في مناطق المملكة بمدنها ومحافظاتها خاصة تلك التي تتسم بتنامي الظواهر السلبية للمشكلات المرورية وتعزيز ما هو موجود من هذه الكاميرات في الوقت الراهن.
-ولعل من أبرز ايجابيات هذا الأسلوب هو تحفيز الرقابة الذاتية للسائقين في الالتزام بالأنظمة المرورية وخاصة منها المتعلقة بالمخالفات الحركية كالسرعة أو التجاوز الخاطئ أو عدم السير بالمسرب المخصص واستخدام المسارب الخاصة بالحالات الطارئة وغير ذلك.
- أما في الخطط المرورية التي بدأ تطبيقها مؤخراً فكانت نتائجها مؤشراً إلى جدوى المتابعة المكثفة والتعامل مع المخالفات بشكل مباشر وتأكيداً على نجاح خطوات من هذا النوع استطاعت بفضل الله تخفيض أعداد الحوادث كما هو في العام الماضي 1423هـ بنسبة 27% والمتوقع زيادة هذا النقص بنهاية العام الحالي.
وبشكل تفصيلي للمقارنة جاءت احصائية العام الماضي كمثال بتسجيل وقوع «816 ،222» حادث تمثل الجسمية منها 9% ونجم عنها وفاة «4161» واصابة «28372» انسان.
ونعمل بحول الله وقوته على استمرار هذا الانخفاض باتباع عدة اجراءات-ولكن المعوّل عليه دائماً بعد الله هو السائق في حماية نفسه والآخرين من اخطار الطريق ولكن غالبية حوادث السير المسجلة يرتبط وقوعها بمستخدم الطريق «السائق» نتيجة اهماله أو تقصيره أو تهاونه بالنظام، فإن ما يجب توضيحه هنا هو فاعلية الضبط الميداني للمخالفين والذي ساهم بشكل مباشر في تقليص أعداد الحوادث المرورية كما أشرت إليه بالرجوع إلى احصائية العام الماضي-وتأكيداً عليه تكون نظرة المقارنة حيث تم تسجيل قرابة ثمانية ملايين مخالفة مرورية وذلك يعني زيادة عن العام الذي قبله بنسبة تصل إلى قرابة 50%
ومن هنا تجد بأن الضبط المروري الميداني بابعاده الاجرائية المختلفة هو أحد أهم وسائلنا للوصول إلى إحكام السيطرة على حركة السير بمتابعة مكثفة وعلى مدار الساعة هدفاً في الوصول إلى تحجيم التصرفات والسلوكيات الخاطئة من بعض السائقين وبالتالي تكون النتائج بإذن الله مؤدية إلى نقص في أعداد الحوادث المرورية وتلافي نتائجها..
الرادار والسرعة
* السرعة سبب رئيسي في الحوادث المرورية وعلى الطرق السريعة مجال متاح لذلك-وأيضاً فإن للرادار محدودية في المراقبة فتكون السرعة القصوى في المسافات الأقرب للمدن ومن الأمثلة طريق الرياض الدمام ما هي الطريقة لسد هذه الثغرات؟
- الحقيقة إن جهاز الأمن العام يبذل جهوداً كبيرة حيال ذلك حيث تخضع «معظم» الطرق السريعة التي تربط بين المناطق لاشراف القوات الخاصة لأمن الطرق والتي تتولى المهام والمسؤوليات المكلفة بها وفي مقدمة هذه المهام الرقابة المرورية، ومن جانب آخر فيما يخص المتابعة لمخالفات السرعة فإن الاحصاءات تشير إلى كونها بالفعل ظاهرة موجودة ويتضح ذلك في وصولها إلى أكثر من «55%» من نسبة المخالفات المرورية التي تم ضبطها على الطرق السريعة خلال العام المنصرم.
يجب أن نعرف أيضاً بأن مسافات الطرق بالمملكة تصل إلى آلاف الكيلومترات وهذا يعني شيئاً من الصعوبة في أحكام الرقابة المرورية بالشكل الذي لا يتيح سد الثغرات وإن كان الأسلوب المتبع هو الرادار المتنقل وليس في أماكن يعتادها السائقون وعنصر المباغتة والتغيير يفي بالغرض.
وهناك تنسيق مستمر ومباشر بين الإدارة العامة للمرور والقوات الخاصة لأمن الطرق في كل الأمور المتعلقة بالشأن المروري والجهود متواصلة في هذا المجال.
التهور داخل شوارع المدن
* المخالفات بالسرعات العالية داخل المدن-هي أيضاً جزء من المشكلة بما تسببه من حوادث مزدوجة-ويعتقد الكثيرون بأن المرور لا يتعامل معها بالاهتمام الكافي!!
- حول ظاهرة السرعة داخل المدن والمحافظات كانت هذه الحوارات مع بعض السائقين بعضهم التقتهم «الجزيرة» في مواقع الحوادث وآخرون شاركوا برأيهم.
«تركي الصقر» اعترف بأن ارتطامه بالرصيف بعد الاصطدام بسيارة أخرى كان بسبب السرعة العالية وقال بأنه في المشوار من عمله «شرق الرياض» إلى مقر سكنه في «السويدي» يحرص كل يوم على اختصار الوقت بالسرعة ولكن هذه النتيجة أيقظته من الغفلة وعدم الحيطة.
اتضح بإفادة رجال المرور بأنه كان يسير بسرعة 140كم!!
«عبيد الخالدي» كان يتجاوز إحدى السيارات في المسار الأيمن بسرعة وصلت إلى 120 كم/ساعة وانتهى إلى منعطف مفاجئ في أحد شوارع حي النزهة فتعانقت سيارته مع عمود الاضاءة وبلطف من الله خرج سالماً، يبرر المخالفة بأنه كان في الطريق إلى موعد مع الطبيب.
مجموعة مَنْ التقيناهم في أوضاع مماثلة يتحدثون عن هذه المخالفة - السرعة داخل شوارع المدن - بأنها طبيعية ولها علاقة بظروف فالذين يذهبون لأعمالهم ويعودون منها وفي التوصيل للمدارس يحاولون اختصار الوقت والوصول في الوقت المحدد!!
أما عن متابعة المرور حسب افادتهم فهي نادرة وخاصة لمن يحمل عائلة في سيارته ويلتزم بربط حزام الأمان!!
هي نماذج تمثل ظاهرة السرعة داخل المدن وإن كانت مع سائقي سيارات الأجرة الأكثر وقوعاً ولكن ملاحقة دوريات المرور لها موجودة بمعنى أنه يتم الالتفات لها ضمن حالات التجاوز كمخالفات ويتم اتخاذ الاجراء اللازم في حال ضبطها.
جميع الدوريات الأمنية تشارك
* إحكام السيطرة رقابياً هو صعوبة لها أسبابها بكثرة الشوارع والطرقات فما هي الحلول الممكنة؟
- يجيب على ذلك مدير الإدارة العامة للمرور في هذا الحوار فيقول: هنالك عدة مشاريع مستقبلية لمواجهة هذه المخالفة بقوة - السرعة في شوارع المدن - وسيتم تطبيقها قريباً بعون الله تعالى بالتعاون مع الإدارة العامة للدوريات الأمنية والقوات الخاصة لأمن الطرق وسيعلن عن ذلك في حينه..
اضافة إلى أن هناك آليات جيدة لضبط مرتكبي هذه المخالفات سواء عن طريق دورياتنا الميدانية أو عن طريق المرور السري وباستخدام تقنية الكاميرات خاصة في الرياض حيث وضعت خارطة محددة بالنقاط لرصد المخالفات من هذه النوع أو غيره تصويرياً-وكما سبق الحديث عنه لكم فإن استخدام الكاميرات له الكثير من الايجابيات والمثال ان واحدة منها تعادل دور «22» دورية مرورية وبالتالي المساهمة في التغطية الشاملة قدر الامكان ومساندة لمهمة الدوريات.
الموت-اختيارياً!!
* يختار بعض المراهقين والشباب مواقع يمارسون فيها بهلوانية قيادة السيارات-كذلك «التطعيس» مستمر-ما الذي يفعله المرور للحد من هذا التهور القاتل؟!
- يقول العميد فهد البشر: نعم هذه من بعض الظواهر السلبية التي بدأت بالتفشي لدى بعض الشباب خاصة منها الأساليب المتبعة بالمراهنات الخاسرة والتي أذهبت كثيراً من الأنفس بدافع التباهي أو التقليد السيئ..
وهذه الظواهر بحاجة في رأيي إلى دراسات اجتماعية للتعرف على أسبابها وأنماطها ودوافعها النفسية..
ولا شك بأن تأثير الفضائيات التي تحاول الجذب بالغرائب ونوعية الأفلام هو عامل آخر يساعد في الاقتباس العشوائي بالرغم من مخاطره وأضراره-والشباب في مرحلة المراهقة خاصة لديهم الجاهزية لدخول التجارب بدون حساب للعواقب في أحيان كثيرة-أيضاً يكون الاغراء أكبر في قيادة السيارات في ظل انعكاسات هذا التأثير إلى جانب عدم وجود الحصانة العقلية الكافية وعيا بما يقدمون عليه..
وما يخص اجراءاتنا تجاه ذلك فهي صارمة إلى أبعد الحدود-ولكن ما يقلل من أهمية تلك الاجراءات هو عدم تطبيقها نتيجة موت أولئك الأشخاص وبطبيعة الحال في أدوارنا المتابعة، الوصول إليهم قبل أن يلقى آخرون حتفهم-وللأسف الشديد إن ممارسي لعبة الخطر بالسيارات يسمعون ويشاهدون الضحايا أمام أعينهم ومع ذلك تأخذهم العزة بالاثم..
يستطرد العميد البشر فيقول:
إنني من خلال هذا المنبر أدق جرس انذار في اذن كل أب أعطى لابنه سلاحاً فتاكاً ليقتل به نفسه والآخرين وأقول: اتق الله في ما استرعاك الله، وكفى غفلة قبل أن يكون الندم حين لا ينفع الندم.
أندية لسباق السيارات
* وينحى بنا الحوار إلى زاوية أخرى في طرق يمكن أن تعالج مشكلة السرعة ما دامت لدى البعض من الشباب كالهواية وإن تدخل إلى تأطير رياضي كلعبة مثل «الراليات» وانشاء أندية لسباق السيارات..
سلبية وايجابية لذلك جاءت في وجهات النظر التالية:
* «عبدالله الدغيثر» يقول بأن معالجة المشكلة لن تنجح بفتح مجال لمشكلات أخرى وذلك من وجهة نظره في كون قيادة السيارة بالسرعة قد يعني الاعتراف بأنه تصرف مقبول وطبيعي وبالنظر إلى اقتراح انشاء نواد تمارس فيها القيادة المتهورة «السرعة» سوف ينعكس على الشارع العام-أما المشاركة في «الراليات» فهو مجال رياضي يتابع من قبل الشباب وإذا قبلنا بأخف الضررين فإن قيام الأندية الرياضية «الهلال»، «الاتحاد» «النصر» بالتنافس بهذه الطريقة وبوضع اطار ينظم التنافس فقد تنجح الفكرة كونها استثمار للتوجهات المرغوبة شبابياً بوجود دوافع التشجيع والميول والانتماءات لهذه الأندية..
وتفريغ شحنات الرغبة الحماسية لديهم تتاح كما هو في كرة القدم والتي لا تمارس بقدر ما هي متابعة يحرص عليها الجميع وبذلك تفتح الأندية المجال لألعاب أو رياضات مثيرة هي محط اهتمام الشباب..
الشاب عبدالله الدغيثر يواصل قوله بأن ظاهرة السرعة في شوارع المدن ومخاطرها ونتائجها تجعلنا نتخيل الكثير من الأفكار التي قد تعمل على اجتثاث السلوكيات السيئة في قيادة السيارات ثم يأتي المجال لمناقشتها في جانب اهتمام السائقين وأسباب تصرفاتهم هذه..
-«صالح الشهري» يرى صعوبة التخلص من هذه التصرفات في قيادة السيارات وخاصة «السرعة» فيقول بأن الشباب من السائقين يشعرون بمتعة في ذلك ولدى كثيرون منهم أصبحت اعتياداً لأنها تشبع روح حب المغامرة والتحدي وطبيعة المراهقة فيسيولوجيا على هذه الشاكلة، ولذلك علينا أن نتساءل عن المجالات المتاحة لهم لتفريغ هذه الشحنات الكامنة!!
فلا الأندية الرياضية تستقطبهم ولا الآباء والأمهات يتابعونهم بالتوجيه للاستفادة ايجابياً من طاقاتهم ويكون المجال التنفيس بتهور قيادة السيارات وطبعاً التسكع في الأسواق والمراكز التجارية والوقت الآخر في الاستراحات مع الأدخنة أو مقاهي صفحات الممنوع في مقاهي الانترنت..
ويضيف بأن السرعة معروفة النتائج وأنها السبب الأول للحوادث القاتلة مثلها كالتدخين ولكن السيطرة مفقودة لمقاومة ذلك فالتهور موجود بممارسة الخطر في جانبيه!!
* عدد آخر من الشباب يؤيدون فكرة اقامة أندية للسيارات ويعتقدون بأنها مجال رياضي مناسب وسوف يساعد ذلك على تقليص ممارسة التهور في الشوارع والطرق العامة..
تستند هذه المجموعة في رأيها إلى أن الكثيرين يرفضون اعتبار قيادتهم للسيارة تهوراً ومتى ما وجدت أمكنة لهم لهذا الغرض فلا شك بأنهم سوف يلتزمون تدريجياً وتصل إلى قناعاتهم مفاهيم جديدة غيرها فيما يحدث الآن.
ويشير مجموعة من الشباب إلى أن الاهتمام بالسيارات شيء طبيعي واتجاه عالمي فلا يجب أن نحصر الاتهامات في الشباب لأن لديهم هذه الهوايات ونربطها بالضرورة بالحوادث والمخالفات المرورية.
وفي هذه الناحية يقول أحدهم بأن التنافس الصناعي في عالم السيارات أتاح المجال لمزيد من العلاقة بالسيارات خاصة في سرعاتها العالية ومواصفاتها وأشكالها مع عناية بما يوفر السلامة والأمان..
ونحن نرفض أيضاً تحميل المسؤولية كاملة في الحوادث على الشباب وإن كان الاستثناء موجوداً ولكن الواضح بل والثابت أن شوارعنا أصبحت ميادين لتدريب مئات الألوف من العمالة الوافدة التي تستقدم بوظائف سائقين والنسبة الأعلى منهم في الأجرة «الليموزين» ومن الطبيعي أن تختلط الأمور عند تقييم الأوضاع في حالات احصاء كثرة الحوادث والمخالفات..
المشروع قيد الدراسة
* الاجابة الرسمية حول مقترح أندية للسيارات كانت عودة للحوار مع العميد فهد البشر مدير الإدارة العامة للمرور فيقول:
- هذا المشروع سبق للإدارة العامة للمرور مناقشته-ولكن لم يتم حياله أي اجراء حتى الآن وربما يعود ذلك إلى بروز محاذير كثيرة قد ينطوي عليها الإقدام على تنفيذ مشروع كهذا بشكل متسرع فلا بد من الأخذ بكل ما تعني تفاصيله وجدواه وامكانية الاقتناع بايجابياته من جميع النواحي وهذا ما يحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة.
أما بالنسبة لمن يعتقد عدم علاقة المرور في اجبار الشركات على استيراد سيارات بسرعات عالية-فإن هذا الموضوع يدخل في نطاق اختصاصات الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، ووزارة التجارة والصناعة-ولا يملك المرور صلاحية فرض وجهة نظره على ذلك أو اتخاذ اجراء أحادي في هذا الموضوع حيث يحتاج الأمر إلى دراسة متكاملة ومستفيضة قبل اتخاد أي قرار قد يظهر عدم القدرة على تطبيقه فعلياً..
المرور يتغاضى عن هؤلاء!!
* ولا نزال مع المخالفات التي تعني في التقدير العام عوامل مسببة للحوادث- هنالك وجود حقيقي بقيادة السيارات من صغار السن في مشاوير المدارس ومن يقول تغاضى المرور عنهم خاصة إذا كانوا بصحبة العائلة ما هو تعليقكم أبا بندر على ذلك؟
- أعتقد أن متابعتنا تؤدي الغرض في ضبط حالات من هذا النوع ونحن في ذلك نقوم بتطبيق احدى المواد في نظام المرور «2/2» التي نصت على أنه لا يجوز لأحد أن يقود سيارة أو مركبة آلية قبل حصوله على رخصة سياقة حسب نوع وقوة المركبة التي يقودها صادرة من إدارة المرور ووفقاً لأحكام هذا النظام..
ولذلك فإن عدم جواز القيادة بدون رخصة سياقة وتغاضي المرور عن الصغار وهم يقودون سيارات أو مركبات آلية هو أمر غير وارد على الاطلاق لما يمثله ذلك من خطورة على هؤلاء الصغار وعلى حياة مستخدمي الطريق والمنتفعين من المشاة.
أما الاجراء المتبع تجاههم فهو تنفيذ لما ورد في قرار لمجلس الوزراء برقم 215 في 10/10/1404هـ ومن الفقرة الثالثة منه بأنه في حالة قيادة الأطفال والمراهقين الذين لم يبلغوا السن النظامية التي تؤهلهم للحصول على رخصة قيادة، يحضر أولياء أمورهم ويؤخذ عليهم تعهدات شديدة بعدم قيادة هؤلاء الأطفال والمراهقين للسيارات..
وتوضيحاً فإن السن النظامي لمن يعطى له تصريح قيادة فقد حدده نظام المرور باجازة اصدار تصريح مؤقت من قيادة المرور المختصة لمن لم يستوف شروط السن المطلوب للرخصة الخصوصية لفترة لا تتجاوز العام إذا اجتاز الاختبار اللازم للترخيص نظاماً وكان قد أتم سبعة عشر عاماً.
إيجابية التأمين على الرخصة
* كيف تقيمون الاتجاه إلى التأمين على الرخصة بعد فترة كافية من التطبيق وبماذا يجيب العميد البشر على من يعتقد عدم الجدوى في هذا التأمين؟
- أولاً فإن الجدوى كبيرة جداً وبدأ المجتمع في الوصول إلى القناعة بذلك-أيضاً فقد أظهرت التجارب المرورية عالمياً أهمية الأخذ بنظام التأمين كأحد الاجراءات في المنظومة المرورية-والتأمين بمفهومه الواسع يساهم بشكل كبير في تحسين البيئة المرورية سواء للسائق أو للجهاز المروري.
وحيث إننا حالياً ندخل العام الثاني في تطبيق هذا النظام فنستطيع القول تقييمياً بأنه خلال العام الأول تم رصد العديد من الايجابيات في مختلف النواحي ومنها الاجتماعية.
ولعل ما يميز الوضع المروري هو في جانب مشكلاته «مخالفات - حوادث» يتداخل مع نسيج المجتمع في كثير من الأمور الاجتماعية والاقتصادية والصحية ومن هنا فقد كان لنظام التأمين المساهمة الايجابية في هذه الأصعدة-ولك أن تتصور حال أسرة وضع عائلها في السجن لعدم قدرته على سداد ما ترتب عليه من التزامات مالية بسبب ارتكابه لحادث مروري-فكان بإمكانه تلافي هذا الموقف بدفع مبلغ زهيد سنوياً للاشتراك في نظام التأمين على الرخصة..
وبالاضافة إلى ذلك مايقدمه هذا النظام من مزايا صحية في حالة الاصابة فليس الجميع بمقدوره العلاج على حسابه الخاص وبالتالي فإن النظام يقوم بالرعاية الصحية لمصابي الحوادث المرورية مع حفظ الحقوق الخاصة بالمتضررين جراء هذه الحوادث من المتلاعبين والمماطلين والعاجزين مادياً-واستطيع القول تأكيداً على مزيد من هذه الايجابيات للتأمين بمساهمة هذا النظام في تحسين مستوى السلامة المرورية عن طريق تنمية الاحساس بالمسؤولية الشخصية لدى السائقين والمثال في ذلك أن السائق الذي يتكرر ارتكابه لعدد معين من الحوادث أو المخالفات المرورية خلال فترة زمنية معينة لن يتساوى مع ذلك السائق الذي لم يسجل عليه مثل ذلك خاصة في رسوم الاشتراك بهذا النظام لدى شركات التأمين حيث يرتبط الجانب المالي بالسجل المروري لكل سائق وهو ما يمكن فعلاً الوصول إلى نقله في الوعي الذاتي لدى السائق والذي نهدف إليه كمحصلة نهائية منتظرة من ايجاد هذا النظام.
النمطية الصحفية غير مجدية
* الوعي المروري الموصل للسلامة والصياغة الإعلامية المناسبة كيف ينظر المرور إلى هذه الأمور؟
- يقول العميد البشر:
لا شك أن منظومة السلامة المرورية تعتبر من المسائل المتداخلة والمتشعبة فبعضها يتعلق بجوانب هندسية وأخرى بجوانب طبية وثالثة تنظيمية، و تمثل برامج التوعية المرورية البعد الرابع لهذه المنظومة المتشابكة-وما يخص الجانب التوعوي فإن الأمن العام يتبنى برامج توعية متعددة وبوسائل متنوعة لترسيخ مفهوم الوعي المروري كأحد المحاور الرئيسية في تحقيق السلامة المرورية. وإن كنت مع أن الأهمية لتحقيق أهداف مناشط هذه التوعية هو الوصول إلى قناعة المتلقي لمضمون الرسالة-ومتى ما توفرت لنا القناعة يكون السلوك التطبيقي نتيجة طبيعية وارتقاء بالالتزام بأسباب السلامة في التقيد بأنظمة المرور..
الجانب الآخر وهو كيفية الوصول عبر التوعية إلى هذه القناعات المستهدفة وفي رأيي أن المدخل الرئيسي هو ايجاد الصياغة الإعلامية القادرة على معالجة الخلل بعدم التجاوب مع التوعية من خلال وسائل الاتصال وهي التي تحتاج لعناية فائقة في اختيار الأسلوب والطرق الأقرب للمتلقي وبمعاصرة واستفادة من الأحدث والمبدع وغير التقليدي.
ولا أعتقد أن بعض الطرح الإعلامي المتبع كافياً في بلوغ الهدف والغاية المنشودة خاصة وأن صياغات من هذه النوع لا تتجاوز الاشارة إلى أرقام مجردة استندت وتعتمد على احصاءات المرور السنوية-والمردود في قراءاتها لن يوفر التفاعل الذي يجب أن يتجاوز جموداً كهذا-وما نتمناه أن تطرق المشكلات المرورية من الداخل والأخذ بالاحصاءات مثلاً إلى تحليل ما وراءها وتأثيراتها كحوادث على مجمل نواحي الحياة في شتى صورها.
والصحافة والاتصالات الإعلامية مطلوبة فعلاً إلى استطلاعات وتحقيقات تصاغ بلغة قادرة على النفاذ إلى العقليات المتلقية مع تناسق الكلمة والعبارة ومضامين الأطر الصحفية مع الصور المعبرة-ومثل هذه الصياغة هي التي يمكن أن تحدث الأثر الايجابي في المساهمة بعلاج كثير من مشكلاتنا المرورية..
بعض الالتزام بقناعة!!
* وبعد نجاح التوعية بمتابعة التطبيق في الالتزام بحزام الأمان وفرض الغرامة للمخالفين-هذه التجربة أيضاً قد يكون لها طبيعة مختلفة..!
- فعلاً فقد كانت لحملات التوعية التي تبناها الأمن العام العديد من الفوائد ومنها الحملة الخاصة بحزام الأمان والذي ترادف تطبيقاً مع انطلاق الحملة الوطنية الأولى للتوعية الأمنية والمرورية..
ولعل من المسلّم به وجوب الابلاغ قبل العقاب، ومن هذا المنطلق أخذت التوعية الخاصة بحزام الأمان ذلك الزخم الإعلامي الكبير في وقتها-ولكن مما يبعث على السرور أن الوعي العام أصبح متقبلا لهذا الموضوع وذلك لكونه يعود بالدرجة الأولى لمصلحة السائق ومرافقيه ومن ثم فإن الالتزام بربط حزام الأمان يعود إلى ارتفاع نسبة ذلك الوعي بأهميته وفائدته..
وإلى جانب أن التوعية في هذه الناحية خرجت من النمطية المكررة وبالتالي بلغت أهدافها فإنه نجاح يمكن استثماره أسلوباً في قولبة الرسائل التوعوية حيث نجد القناعة وصلت إلى السائقين لأن الحزام وقاية وسلامة ولا أظن أن هناك سائقاً يتقيد به طيلة فترة مشواره بالسيارة خوفاً من العقوبة-بل حفاظاً على نفسه من الخطر-وهكذا ننفذ إلى ما يعني الوعي بكيفية المحافظة على النفس من مخاطر الطريق..
تسديد فوري للمخالفات
* سمعنا عن التعامل مع المخالفات المرورية بالتسديد الفوري فما هو الجديد في ذلك؟ وماذا عن مشروع المحاكم المرورية؟
- هذا معمول به فعلاً حيث يمكن تسديد الغرامات المالية المرتبطة بارتكاب المخالفات المرورية عن طريق البنك ويتم اسقاط المخالفة مباشرة..
أما الجديد فلدينا مشروع النظام المالي والذي سيدخل حيز التشغيل في بداية العام القادم بعون الله وتوفيقه ويشمل امكانية تسديد جميع رسوم الخدمات المرورية عن طريق البنوك.
وفي شأن المحاكم المرورية فهو مشروع يناقش في الوقت الحاضر لدى الجهات المختصة-وفي الاطار الاجرائي حالياً تعتبر الهيئات الموجودة بإدارات المرور والتي تنظر في المخالفات وتوقيع الجزاءات المنصوص عليها في نظام المرور بمثابة محاكم مرورية تصدر القرارات الإدارية من قبل أعضائها - الهيئات - ويسلم نسخة من القرار لمن صدر بحقه-كما يجوز الاعتراض على هذا القرار بطرق نظامية متاحة.. ولهذه الهيئات أن تقرر بالاضافة إلى الجزاءات المنصوص عليها في هذا النظام: اتخاذ التدابير الاضافية كحجز المركبة «السيارة» أو سحب رخصتي القيادة والسير معاً..
علماً بأن هذه الهيئات تم تشكيلها بناءً على ما جاء في المادة «178» من نظام المرور-ومن حيث تقبل المجتمع لعمل هذه الهيئات فإننا لمسنا ارتياحاً وقبولاً جيداً لأعمالها واتضح ذلك في التعاملات المتكررة بهذا الشأن وما يصلنا من وجهات نظر تفيد بايجابية ذلك وكذلك ما تنشره الصحافة في تقييم أعمال هذه الهيئات ونجاح مهامها..
|