* بلقيس حميد حسن:
لقد توقعنا كل شيء في هذا الزمن المرعب، زمن الحروب والإرهاب ومصالح الدول الكبرى، توقعنا كل شيء من دهر يقف ضدنا لصالح أعدائنا ولصالح المنتفعين ومخربي القيم والمبادئ، لكننا ماكنا لنتوقع من مجلس الحكم أن يصدر قراره رقم 137 ليلغي به قانون الأحوال الشخصية ويغتال مرة اخرى وببرودة أعصاب دماء الشهيدات اللواتي ضحين من أجله زمنا طويلا، ماتوقعنا أن مجلسا ضم أحزابا قدمت تضحيات جسيمة للوطن والشعب، وذاقت القهر والمنافي على يد الطاغية صدام لأكثر من ثلاثة عقود، أن يقدم على خطوة تعيد المجتمع العراقي إلى الوراء قرونا.
إن قرار مجلس الحكم هذا يتنافى مع ما أقرته القوانين الدولية التي ضمنت حق المرأة في المساواة وتكافؤ الفرص أسوة بالرجل فكما جاء في المادة الثانية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان، دون تمييز، كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي السياسي او أي رأي آخر، او الاصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او أي وضع اخر، دون اية تفرقة بين الرجال والنساء.
وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز اساسه الوضع السياسي او القانوني او الدولي لبلد او البقعة التي ينتمي اليها الفرد سواء كان هذا البلد او تلك البقعة مستقلا او تحت الوصاية او غير متمتع بالحكم الذاتي او كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود..
كما ان القرار 137 يتعارض مع الاتفاقية الخاصة بحقوق المرأة السياسية واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والتي اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول / ديسمبر 1979 تاريخ بدء النفاذ: 3 أيلول / سبتمبر 1981، طبقا لأحكام المادة 27 والتي تنص في مادتها الثانية على التالي:
تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلى:
(أ ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن،وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.
(ب ) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات،لحظر كل تمييز ضد المرأة.
(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أى عمل تمييزي.
(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة،وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.
(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة.
(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
(ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.من هنا نتساءل بألم وصدمة.
أهذه مكافأة المرأة العراقية التي احتملت ظروف الحروب والقهر والإعدامات بالجملة وضياع الأبناء بالمقابر الجماعية والحصارات والمنافي؟
أهكذا يقاد الشعب العراقي الذي عانى الأمرين والذي خرج من ديكتاتور طاغية دمر كل شيء إلى قهر احتلال وبغي ومهانة؟
هل أن قانون الأحوال الشخصية هو الآن معضلة العراقيين؟
والذي يقف ضد بناء المؤسسات وعودة التيار الكهربائي واصلاح شبكات خطوط الهاتف وتنقية المياه، واصلاح المدارس واستتباب الأمن والأهم من ذلك إنهاء الاحتلال!
|