* غزة- بلال أبو دقة:
أمام ثلاجة حفظ الموتى بمستشفى الشفاء في مدينة غزة وقف الشاب الوسيم صاحب البشرة البيضاء، الملتحي، المتوسط القامة زياد عواد ( 28 عاما )، زياد هو زوج الفدائية الفلسطينية ريم صالح الرياشي التي فجرت نفسها يوم الأربعاء الماضي ( الموافق 14 / 1 / 2004 )، لتقتل على حاجز ( ايريز الإسرائيلي ) المقام شمال قطاع غزة، أربعة جنود إسرائيليين وتصيب عشرة آخرين، في وقت تمزق فيه جسدها أشلاء صغيرة، تاركة خلفها طفلتها ضحى ( عامان ونصف )، وطفلها محمد ( عام وشهران )، فطمته أمه الفدائية عن الرضاعة قبل استشهادها بأسبوع.. حملت فتاة فلسطينية الطفلة ضحى، كانت تبكي بحرارة، فيما حملت أم فلسطينية ثانية الطفل المفطوم عن الرضاعة، الذي فطم عن حنان أمه..
الجميع كان يبكي، والزوج وأقارب الشهيدة مشغولون بتجهيز تابوت وضع فيه جثمان ريم الرياشي المقطع لأشلاء، ولف بعلم أخضر كتب عليه لفظ التوحيد ( لا إله إلا الله، محمد رسول الله )..
هذا هو شعار حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تعرض قادتها السياسيين جميعهم للاغتيال ولمحاولات اغتيال في غزة..
الجزيرة تنفرد بلقاء مقتضب مع زوج الشهيدة، وذلك بعد أن فرغ من تجهيز جثمان زوجته المطيعة الذي تمزق أشلاء متناثرة، قطعاً لحمية، وصلت إلى مستشفى الشفاء مساء يوم تنفيذ العملية في كيس أسود..
قال زوج الشهيد ل الجزيرة: حسبنا الله.. كانت ريم مثالا للزوجة الصالحة التقية المطيعة، كم حلمت بأن يكبر محمد وضحى، كانت المجازر الصهيونية التي ترتكب بحق أبناء شعبنا الدافع الوحيد لتنفيذها العملية البطولية.. ويضيف الزوج الذي بدا متماسكا بعض الشيء: تركت طفلينا لتلتحق بموكب شهداء فلسطين، مع النبيين والصديقين والشهداء..
كانت وفية..
كانت طيبة السمعة..
نعم الزوجة ريم..
ستبقى ذكراها تعيش في نفس كل مواطن فلسطيني، يسعى لنيل الحرية.. لقد كانت زوجتي ( أم محمد ) أمة عظيمة بفكرها..
بتعاملها..
اختارت أن تكون إلى جوار ربها.. يضيف زوج الشهيدة: كم كانت تعتصر ألما عند مشاهدتها لجرائم ومجازر الاحتلال، الاغتيالات، أشلاء الشهداء، البيوت المدمرة في رفح وجنين، والآثار الفلسطينية المسواة بالأرض في مدينة نابلس..
كانت تتحسر على حال المسجد الأقصى المبارك.. لقد نشأت وترعرت في بيت مليء بالإيمان.. لقد نالت الشهادة، وعادت إلينا بالفخار..
كانت تستحق الشهادة..
ودعا زوج الشهيدة الذي يعمل موظفا في بلدية غزة (منقذاً بحرياً) كافة أبناء الشعب الفلسطيني إلى السير على طريق زوجته، لانتزاع الحقوق الفلسطينية المغتصبة فما أخذ بالقوة حسب زوج الشهيدة.. لا ينتزع إلا بالقوة.. وحسب ما قال الشاب محمد عرابي ( 21 عاما ) صديق وجار عائلة الشهيدة ل الجزيرة: تعيش الشهيدة وزوجها وطفلاها مع العائلة الكبيرة في منطقة ( تل الهوا ) إلى الجنوب الغربي من مدينة غزة.. بيتهم وظروفهم المعيشية طبيعية للغاية..
ظروفهم الاجتماعية طيبة..
لقد استشهد العديد من الجيران، وبالقرب من المنطقة قادة سياسيون فلسطينيون، خاصة من حركة حماس.. وأكد عرابي على أن منطقة ( تل الهوا ) عاشت بالأمس وتعيش اليوم عرسا كبيرا، كون الفدائية الفلسطينية الأولى من قطاع غزة من هذه المنطقة، التي ووري جثمان الشهيدة في مقبرتها..
كان المشهد فظيعا جدا..
من ناحيته قال د. جمعة السقا مدير العلاقات العامة بمستشفى الشفاء ل الجزيرة: في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء ( الموافق 14 / 1 / 2004 ) تسلمت وزارة الصحة الفلسطينية جثمان الشهيدة ريم الرياشي في كيس أسود اللون، قطع لحمية متناثرة.. لم تظهر أي من معالمها، سوى فروة الرأس التي تبين أن الجثة الممزقة لسيدة.. ومما أكد عليه د. السقا الذي عاين الجثة الممزقة فور وصولها بسيارة اسعاف فلسطينية: كان المشهد فظيعا جدا، الجثة ممزقة قطعاً صغيرة جدا لا تزيد القطعة عن خمسة إلى عشرة سنتميترات، الأذرع والسيقان مهشمة ومقسمة أجزاء صغيرة..
لم نتمكن من تجميع أي طرف أو جزء من جثمان الشهيدة..
مضيفا: هذه أول حالة تصل إلى المستشفى بهذه الصورة، لم أشهد منذ مطلع الانتفاضة وتكرار المجازر مثل هذا المشهد..
ارتدت الفدائية حزاما ناسفا شديد الانفجار، كان ملتفا على ساقها ووسطها، وكانت تمشي على (عكازين)..
لتفجر نفسها بين خبراء متفجرات..
وعلى صعيد متصل أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن الفدائية ريم الرياشي أبلغت الجنود الإسرائيليين بأنها لن تتمكن من عبور الباب الإلكتروني بسبب وجود البلاتين في ساقها، وقال الجنود: إنها استغلت انشغالهم بالتفتيش واقتربت من مجموعة منهم وفجرت نفسها بينهم..
وكشفت مصادر مطلعة في كتائب القسام تفاصيل جديدة عن العملية الاستشهادية التي نفذتها الفدائية ريم الرياشي.. موضحة: أن تنفيذ العملية كان صعبا للغاية، نظرا للمكان المستهدف الذي يعد أكثر الأماكن تحصينا ويوجد فيه المئات من جنود الاحتلال.. إلا أن مخططي المقاومة الفلسطينية تمكنوا من خداع مخابرات الاحتلال، وتلقينهم درسا لن ينسوه أبدا..
وقالت تلك المصادر في تقرير تلقت الجزيرة نسخة منه: يعتبر تنفيذ مثل هذه العملية من الصعوبة بمكان، كونها في منطقة عسكرية محكمة الإغلاق، إلا أن توفيق الله، ثم التخطيط الدقيق المحكم كان له دور مهم في نجاح العملية.. وأشارت المصادر إلى أن الفدائية ريم الرياشي: ارتدت حزاما ناسفا شديد الانفجار، كان ملتفا على ساقها ووسطها، وكانت تمشي على (عكازين)..
وأضافت المصادر أن الفدائية الرياشي نجحت في تخطي الجهاز الإلكتروني الذي تستخدمه قوات الاحتلال لتفتيش العمال والمسافرين عن طريق خطة ذكية للغاية، فشلت قوات الاحتلال في اكتشافها.. وأضافت تلك المصادر: فور نقلها إلى هناك، ومجيء خبراء متفجرات من الجيش الإسرائيلي لتفتيشها، فجرت نفسها لتوقع أربعة قتلى وتصيب أكثر من عشرة آخرين من الجنود، أحدهم في حالة حرجة جدا.. وأكدت المصادر ذاتها: أن صراع الأدمغة بين كتائب القسام ومخابرات الاحتلال سيتواصل، وأن كتائب القسام ستنجح بإذن الله في تكبيد العدو الكثير من الخسائر.
|