يصدر هذا العدد من صفحة الجزيرة الطبية وهي لسان حال برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة لتكون رافداً قوياً من روافد التوعية الاجتماعية في مجتمعنا لمواجهة مخاطر انتشار هذا الوباء الذي أصبح يفتك بالمجتمعات ويهدد صحتنا واقتصادنا بدرجة مذهلة.. ولقد ظهر من خلال الإحصاءات والبيانات الموثقة أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات التي تتعرض لهجمة شرسة وتخطيط محكم من قبل شركات التبغ الهادفة للدخول في أسواقه واجتذاب أعداد أكبر من شرائح الشباب للوقوع في أسر الإدمان القاتل وذلك بحكم الوضع الاقتصادي المتميز الذي تنعم به المملكة وبحكم عدم وجود صناعة للتبغ- والحمد لله- في بلدنا، مما يتيح لهذه الشركات المزيد من الكسب والربح على حساب صحة الأجيال، ونظراً لطبيعة هذه الصناعة الضخمة وما تبذله مع شركائها في كل مكان من أجل القضاء على مجهودات المكافحة وما تتخذه من أساليب ملتوية ومتجددة كل يوم لكسر إرادة الامتناع عن التدخين عند الصغار والشباب فإن فلسفة برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة تقوم على مواصلة الجهد والاستمرار في توعية المجتمع دون كلل أو ملل متبعة كل الوسائل العلمية والميدانية المتطورة على مدار الأيام. وصفحة الجزيرة تأتي في هذا الإطار كتتويج لجهود البرنامج لاستقطاب جهود مؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية للوقوف بصرامة ضد وباء التدخين ولتشكل حضوراً مستمراً لرسالة البرنامج بما تتضمنه من معلومات علمية وصحية وتوعوية للأسرة وأفراد المجتمع قاطبة في مكان العمل والبيت والمدرسة.. ولابد للجهود المتكاتفة أن تحقق ثمارها بإذن الله وهو ما نراه هذه الأيام متمثلاً بمشاركة قطاعات متعددة في تفعيل أنشطة وفعاليات اليوم العالمي للامتناع عن التبغ لهذا العام تحت شعار «أفلام بلا تبغ» مما يعطي المستهلك والمشاهد قدرة على حماية نفسه ومجتمعه من اختراقات شركات التبغ لحياته وخصوصياته وبالتالي الحد من آثار كارثة التبغ، وقبل الختام نسوق بشرى لأفراد هذا المجتمع وأسره والمهتمين بالصحة العامة حيث تكللت جهود أربع سنوات من المفاوضات الشاقة في التوصل إلى الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ والتي وافقت عليها «192» دولة في منتصف مايو 2003م مما يعطي جهود مكافحة التبغ دفعة قوية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي وبالتالي الحد من آثار الكارثة التي تتمثل في «5» ملايين قتيل سنوياً حالياً، ومن المحتمل تضاعف عددهم إلى عشرة ملايين في العام بحلول 2020م.. وتعتبر هذه الاتفاقية إنجازاً تاريخياً للصحة العامة لمجتمعات العالم، وسوف تتطرق الصفحة بالتفصيل لهذا الحدث في عدد قادم بإذن الله سائلين الله التوفيق والسداد.
(*)مشرف التحرير والمشرف على برنامج مكافحة التدخين |