كان الحج في الأزمان السابقة فريضة شاقة، لها أعباء وتكاليف لا يطيقها إلا النزر اليسير من الناس، يترتب على الحج كثير من المشاق سواء في الأموال أو في الأبدان، ويتحمل الحاج كثيراً من الأخطار، أما في زمننا الحاضر فقد يسر الله الأمر، وجعله بفضله ومنته ورحمته أمراً هيناً، وسفراً يسيراً، فأصبح المرء يصل إلى البيت الحرام بنفقات يسيرة وسبل متوفرة، وكل هذه السبل من نعم الله تعالى على العباد، وعلى الناس أن يشكروا هذه النعم، وأن يغتنموا هذه الفرص، ويسارعوا لأداء فريضة الحج، وليعلموا أن في تأخيره للمستطيع خطر عظيم، يقول الله جلَّ وعلا: {ولٌلَّهٌ عّلّى النَّاسٌ حٌجٍَ البّيًتٌ مّنٌ اسًتّطّاعّ إلّيًهٌ سّبٌيلاْ ومّن كّفّرّ فّإنَّ اللَّهّ غّنٌيَِ عّنٌ العّالّمٌينّ}.
وللحج عند الله فضل عظيم وأجر كبير «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينها، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وعن ماعز التميمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وحده، ثم حجة برَّة تفضل سائر الأعمال، كما بين مطلع الشمس إلى مغربها».
وإن مما يؤسف له حقاً أنك ترى كثيراً من الشباب في هذا الزمان ومع توفر الإمكانات وتهيؤ السبل وقلة المصروفات تجد بعضهم قد تعدى سن الثلاثين ولم يحج حجة الإسلام، يتهاون فيها عاماً بعد عام مع أنه يعلم أن الحج ركن من أركان الإسلام، وهو لا يدري ما يعرض له، فهو إن تيسر له هذا العام فقد لا يتيسر العام القادم؛ لأن ابن آدم معرض للآفات والمخاطر، لا أدري أيسرُّه أن يلقى الله عزَّ وجلَّ وقد أخل بتأدية ركن من أركان الإسلام عظيم وفضله جليل «مَن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وللحج فوائد جمة، منها أنه سبب للفوز بالجنة والنجاة من النار، وأنه يطهر النفس والبدن من أوزار الذنوب والمعاصي، وهو ينمي روح المحبة والتعاون بين المسلمين، ويشعر بالمساواة بين الناس، وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
|