جاء في الروايات القديمة ان (كيلوباترا) ملكة مصر كانت إذا أرادت ان تفتح شهيتها تناولت قطعة من الشمام متبلة بالثوم، ومن الواضح ان السيدة (كيلوباترا) كانت تعاني من خلل نفسي ما، أو نوع من الاكتئاب، لذلك نجد ان كثيراً من الرجال يتبسمون للمثل الصيني القائل: «اضرب زوجتك كل يوم لذنب ارتكبته.. أو لذنب هي تعرفه»!.
وربما يكون كل ما يقال عن المرأة غير صحيح إطلاقاً، فهي ليست بالطبع (نكدية) باستمرار، وترصد إنما علينا أن ننظر إلى «تكوينها» الجسدي، فقد تكون المرأة عرضة للإصابة بالاكتئاب خلال أوقات معينة من حياتها، أو تلك الحوادث التي تمر بها مثل سن اليأس، الاسقاطات المتكررة، العقم، الأذية الجسدية أو النفسية.
وتحدثنا د.رباب حيزة (أخصائية النساء والولادة بمستشفى الحمادي بالرياض) عن بعض مسببات الاكتئاب المتعلقة بالممارسة النسائية، وتوجزها في التالي: متلازمة ما قبل الطمث: تشمل هذه المتلازمة عدداً من الأعراض منها آلام أسفل البطن - الاحتقان الحوضي- آلام الثدي، وقد تشكو المصابات بهذه المتلازمة من تغيرات في السلوك، وقد يعانين من أعراض واضحة للقلق والاكتئاب.
إن المعالجة المبدئية تكون موجهة نحو تغير أسلوب الحياة مع بعض المعالجات غير الدوائية، مثل الابتعاد عن تناول الكافيين، والامتناع عن التدخين - التمارين المنتظمة - الحمية والنوم الكافي.
أما الحالات الشديدة، والتي لا تستجيب للمعالجات غير الدوائية، فيمكن فيها استخدام مثبطات السيروتونين، وهذه الأدوية تستلزم مرور أسابيع عديدة للوصول إلى التأثير العلاجي، لذلك يجب أن تستعمل بطريقة مستمرة.
أما السبب الثاني للاكتئاب فهو كما تقول د.رباب حيزة: الحوادث التكاثرية، حيث إن المرأة التي تعاني من حوادث الوفيات حول الولادة أو الاسقاطات المتكررة فهي تتعرض لحزن شديد بشكل طبيعي، وقد يصل هذا الحزن إلى اضطراب شديد في المزاج يستدعي المشورة النفسانية، كذلك تحدث بعض مشاعر الاكتئاب الخفيفة بعد الولادة تنجم عن خوف المرأة على طفلها أو خوفها من حدوث تغيرات في علاقاتها مع زوجها، أو مع المجتمع، ولكن هذا الاكتئاب سرعان ما يتراجع خلال فترة قصيرة، كذلك يكون مستوى الحزن مرتفعاً عند النساء العقيمات، وتعتبر المحاولات الفاشلة والمتكررة للحمل، وخصوصاً إذا ترافقت بالتقنيات التكاثرية المساعدة من أصعب الحوادث من الناحية العاطفية.
والسبب الثالث: سن اليأس والتقدم في السن: إن سن اليأس يعتبر عملية فيزيولوجية طبيعية لا تترافق بالاكتئاب، ولكن النساء اللواتي فقدن أدوارهن الاجتماعية في المراحل المتأخرة من الحياة قد يكن عرضة للاكتئاب أكثر من النساء الكبيرات بالسن واللاتي ينجزن وظائفهن الاجتماعية.
وفي النهاية فإن تلك المجموعات من النساء غالباً مايكون الاكتئاب لديها مؤقتاً، ويستطعن تجاوزه بشيء من الإرادة القوية، والدعم الكافي من قبل الزوج والأهل والمحيطين، والبعض يكون لديهن الاكتئاب شديداً يستدعي المشورة من قبل الطبيب المختص، والذي يجب على المرأة اللجوء إليه بدون أي حرج أو تردد للتغلب على هذه المشكلة التي قد تنعكس سلباً على حياة المرأة.
|