سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اطلعت على مقال د. عبدالاله ساعاتي في عدد الجزيرة 11425 يوم السبت 18/11/1424هـ في صفحة الرأي، وبما ان د. عبدالإله يأتي على قمة هرم الاعلام في وزارة الصحة والتي أضيفت له التوعية الصحية
مجددا، التوعية الحلقة الأهم ولكنها الأضعف بين حلقات الرعاية الصحية الأولية الثمان، وحيث انني لست بمستوى د. عبدالاله أسلوبا وكتابة ووفرة معلومة وتخصصا علميا ولكني أحببت أن أطرح ما عندي ليبقى رأيا شخصيا غير ملزم لأحد.
ولكون إن الفشل يكمن في عدم الاعتراف بالفشل، ولكن طالما ان المسؤول عن الفشل «المحتمل» اعترف به فالاعتراف هو نصف الحل والخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح ليتحقق النجاح، وحين صرح معالي وزير الصحة د. حمد عبدالله المانع وبكل شفافية ووضوح بأن الفشل يجمع بين وزارة الصحة ووزيرها أياً كان وفي أي زمن إذا لم يعترفوا بأهمية الطب الوقائي، هذا التصريح من الوزير لم يأت من فراغ أو توقع، بل من معرفة تامة لتوجهات الوزارة سابقا ولاحقا، وجميع الوزراء الذين تقلدوا هذا المنصب يعترفون بوجود الطب الوقائي ويختلفون بأهمية تفعيل دوره، وهم يعرفون تمام المعرفة والتوجه العالمي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية في اجتماعها التاريخي في عام 1978م وفي هذا الاجتماع استبدل اسم الطب الوقائي بالاسم الجديد الشامل وهو «الرعاية الصحية الأولية» من ذلك التاريخ بدأ كثير من الدول تتوجه نحو هذا التوجه فكثير منها قطع شوطا كبيرا جدا لذا تجد ان المستشفيات لديهم أقل مما عندنا بكثير لأن وزارة الصحة عندنا لم تتوجه هذا التوجه بصفة متواصلة فكانت تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين وهذا بسبب اختلاف درجات الاهتمام من المسؤولين في هذا الجانب فمن مقتنع بأهمية هذا الجانب الى مقلل من أهميته، الى رافض لذلك، فأصبح الطب الوقائي يعاني من هذه التوجهات حتى شارف في السنوات الماضية على النسيان وهذه حقيقة لا نحتاج الى اثبات صحتها، حيث ان صحتها تكمن فيما اتخذته الوزارة من اجراء يصب في مصلحة العلاجي، وينحى بالطب الوقائي قليلا عن الخدمات الصحية وذلك حين أوقفت الوزارة في معاهدها الصحية التخصص الوقائي «المراقبين الصحيين»؟!!
في حين كان هناك وقبل أكثر من 35 سنة ثلاثة معاهد صحية في المملكة واحد في الرياض يوجد به قسم مهم جدا بجانب أقسام التخصصات الطبية المساعدة هو قسم ا لمراقبين الصحيين وكان تخصصهم يأتي هكذا مراقب صحي تخصصه «تثقيف صحي وصحة مجتمع» حتى ان خريج هذا القسم كانت تستعين به وكالة وزارة الداخلية للبلديات آنذاك وحتى بعد ان اصبحت وزارة مستقلة قبل ان تفتتح المعهد الخاص بها، وكان الثاني في صفوى في المنطقة الشرقية وكان يتخصص فيه المراقبون الصحيون في «الملاريا والبلهارسيا» حيث كانت هي المنتشرة في ذلك الوقت أما المعهد الثالث فكان في جدة في المنطقة الغربية ويخرج مراقبين صحيين متخصصين في «الكرنتينات والمحاجر الصحية» وما تطرق له د. عبدالاله الساعاتي في مقاله والذي بدأه بمقولة للدكتور «جونغ ووك لي» والجميع يعرف ذلك فلماذا نستشهد بقول من لا يهمنا قوله وننتظر أن يقولها وواقعنا قالها ويشهد لها حالنا، وما أورده د. عبدالاله لا تنقصه الصراحة ولا الشفافية حيث أورد بعض النسب المرتفعة في بعض الأمراض، وأنا متأكد كل التأكد ان قلب معالي الوزير وقلب د. عبدالاله وقلب كل المسؤولين بالوزارة يعتصر ألما لهذه النسب المرتفعة التي تنذر بالخطر إن لم نتصد لها بالتوعية الهادفة والموجهة، في الماضي لم يكن هناك اعتراض وقائي يذكر ضد هذا الانتشار وفي مقدمته التوعية الذي يفترض ان تسبق هذا الارتفاع في هذه المعدلات. ولكن هل يعرف د. عبدالاله ان التوعية أضعف حلقات الرعاية الصحية الأولية «الطب الوقائي سابقا» هي التوعية الصحية والضعف الحاصل يكمن في طرق الايصال لعدة أسباب أرجو أن يتسع صدر د. عبدالاله لها، وهي:
1- التوعية تنفذ بأسلوب ومستوى واحد وكأنها تخاطب طبقة واحدة من المستهدفين في زمن واحد في مكان واحد.
2- لم يراع اختلاف الانتشار البشري المستهدف في مناطق المملكة وعلى رقعة الوطن، فيما أن ما يقال في الجنوب يقال في الشمال ويقال أيضا في الوسط رغم اختلاف التقاليد واللهجات وتضاد بعض المفردات، حتى التضاريس تختلف.
3- ركزت على الوسائل المتاحة من مرئية، ومسموعة، ومقروءة، في الزمن السابق والتي كانت لا تصل الى أكثر الناس. قل النشاط إن لم يكن انعدم تماما إلا من خلال البرامج المشتركة الموجهة لطبقة دون طبقات، رغم وجود الأقمار والانترنت لمثل هذه الطبقات.
4- فشل التوعية وجها لوجه وذلك لاعتماد الوزارة على بعض الاخوة المتعاقدين أو من السعوديين الذين لا يعرفون كثيراً من مناطق المملكة بحجة ترجيح الجانب الأكاديمي ويوجهون أحيانا الى تجمع بدوي وهذه التجمعات موجودة وبكثرة في مناطق المملكة، وهي المهمة الآن حيث لا تجدي معها كثير من الوسائل والتي قد تجدي معها وسيلة المواجهة بشرط ان نختار من هو قادر على ايصال المطلوب فإن وجد الأكاديمي فهذا ممتاز، أو أن ندرب الموهوبين في كل منطقة ليكونوا قادرين على معرفة لهجات منطقتهم ويتعاملوا مع كل المفردات حسب دلالاتها في مجتمعها.
5- كثيراً ما تأتي الفكرة منقولة من مجتمع يختلف بعاداته وتقاليده عن مجتمعنا.
هذا إذا كانت وزارة الصحة ترغب تحقيق ما ذكر د. عبدالاله بالتثقيف يجب أن نغير السلوك للفرد ليتغير سلوك المجتمع وهذا هو الصحيح لنصل الى الهدف ونبني «السياج» الواقي صحيا لمجتمعاتنا، والتي وصلنا الى أسسه العلمية المدروسة التي أرجو ألا تكون هذه الدراسة مجرد تبديد للوقت وتعطيل لهذه الحلقة من حلقات الرعاية الصحية الأولية «المعطلة» بسبب كثرة الدراسات.
لذا يجب أن نبدأ بالتنفيذ العلمي المدروس الذي يراعي المجتمع السعودي بكامل طبقاته ولهجاته وأماكن تواجده.
فهد العبدالله الهديرس/حائل |