اختبارات منتصف العام الدراسي تتزامن معها هموم المعلمات وما يتكبدنه من معاناة تختفي مع ضجة المركبات، وازدحام الطرقات، صرخاتهن صمت ينطق بخيبة الأمل، قد سئمن أحلام ما تبقى من الليل وخيبة آمال النهار فكانت هذه الوقفة مع ما يعانينه وما استجد من همومهن على جميع الجوانب مما خص مشكلاتهن ويشمل آراء وأفكاراً تدور في مضمار العمل والقرارات الجديدة ومدى آليتها واستيعابها لمتطلباتهن.
«المعلمة والطريق»
على أرض الواقع فأغلب المعلمات يعايشن الطريق بصورة دورية يومية مستمرة وبالتالي فهن عرضة لحوادث الطرق التي كثيراً ما ذهب ضحيتها الكثير من المعلمات في حوادث مروعة والكثير من المركبات تفتقر إلى أبسط وسائل السلامة أو أدنى حد منها مما يوجب ان تكون هذه المركبات تحت إشراف الإدارة والنظر في آلية خاصة ومراقبة شديدة دورية ويشمل ذلك الاشراف على جميع الجوانب بما فيها سلامة المركبة وتوفر الضروريات اللازمة للطريق مما يخص المركبة كالاسعافات الأولية و«الصحية» ووسائل اخماد الحرائق.. الخ.. كما يجب الالتفات للسائق ووضع شروط حوله ومن أهمها التزامه بقواعد المرور أثناء القيادة والحرص على الفحص الدوري للمركبة قبل المغادرة «بنصف المجتمع» وقبل كل ذلك يجب أن يهتم به ثقافياً من خلال نشرات أو مطويات يخرج من خلالها بمفهوم مبتغى وأن يقدر الأمانة ويخشى الله من خلالها وتشمل الجوانب الصحية الخاصة به.
ومع مخاطر الطريق والأضرار الناجمة عن معايشته أن الكثير من المعلمات يقطعن مسافات طريلة وهنالك معلمات يقطعن 580كم يومياً في منطقتي ويمضين الساعات الطوال خارج المنزل فضلاً عن الوقت المهدر في الحالات الطارئة وفضلاً عن الجو المتقلب فكثيرات منهن يذهبن إلى مدارس يرثى لها من ناحية المباني وسبل نظافتها فمن ناحية المسافات عليك باجراء عملية حسابية لتخرج بنتيجة لا تصدق خلال العام الدراسي وأرقام خيالية ومن خلال الوقت المهدر لا يعد سابقة في اطار الخيالية إذا ما قيس على عمر الإنسان وعن الجانب الثالث وهو الجانب النفسي أيضاً قد تعدى مقاييس الصبر ألا يكنّ جديرات بتخليد اسمائهن في موسوعة جنيس.
إن المواهب والابداع والطموح توأد بضياع الوقت والجهد وتشتت الأفكار وعدم توحدها بل تقلص الأداء في مجال العمل إلى مستويات متدنية بل إن من أسباب التأخر ما يحدث للمعلمة في هذا الجيل فهي شطر المجتمع والأساس الذي تقوم عليه الأسرة فإذا كانت المعلمة عاجزة عن شؤون أسرتها بسبب ما تعانيه من ضغوط في عملها ووقتها فكيف تنجح في إطار البناء العام للمجتمع من خلال المدرسة، كما أن تلك السلبيات تصب حممها على المجتمع من الجانب الأسري والجانب التعليمي مما يفقد المجتمع الكثير من ضرورياته فضلاً عن امكانية دراسة المعلمة والتطور والتطوير في المجال المعرفي والمهني والدراسات المتقدمة.
إن صعوبات التعلم شيء وصعوبة موقف مديرة المدرسة شيء آخر خاصة في القرى والمدن الصغيرة النائية حيث ان المديرة تكون على إدراك تام بمعاناة المعلمة وتكبدها المشقة وكذلك ضعف أدائها نتيجة ذلك فالمديرات اضافة إلى أعباء الادارة أوجدت أيضاً لتوفق بين الجوانب النفسية والاجتماعية بالاضافة إلى الجانب العملي وذلك لتحقق ما يصبو إليه المسؤولون ولتضمن مخرجات تعليمية على المستوى المرجو ومع تلك المشقة التي تراها المديرة تجبر على بعض التسهيلات والتنازلات والتي تجابه بالنقد من قبل المشرفات التربويات والمندوبيات في تلك القرى مما أدى إلى الضغط على المديرة فهي بين الشفقة وامانة اتمام العمل وما يطلب منها.
هنالك تباين بين سياسة الوزارة فيما يتعلق بآلية لم الشمل وبين إدارات التعليم فالوزارة خطت خطوة بناءة واستبشر الجميع بها خيراً إلا أن إدارات التعليم على النقيض من ذلك وكأن الأهداف متباينة إذ ان المعلم مثلاً قد يبعد شرق المنطقة 125 كم وزوجته في نفس المنطقة في غربها 225 كم فيكون المجموع 350 كم وهي مسافة تفوق مسافة التباين بين منطقتين تعليميتين وقد شهدت قصة عن صديق لي كانت زوجته في منطقة أخرى تبعد عن المنطقة التابع لها 70 كم وعند نقلها تحت اطار لم الشمل أصبحت في منطقته ولكن تبعد أكثر من 180 كم وبهذه الطريقة أصبح لم الشمل مناقضاً لمسماه.
ومع ما يتراءى من خلال الواقع حول قرار لم الشمل فهو يحمل في جعبته التباين بين تنظيره وتطبيقه وهو يحمل سلبيات كثيرة ومن أهمها أنه يفقد المعلمة أولويتها بالنقل من حيث تقديم معلمة أخرى متزوجة عليها حيث ان قرار لم الشمل لا يضع بالحسبان خدمة المعلمة غير المتزوجة وكذلك عدم تطبيق هذا القرار على مستوى الإدارات يفقده المصداقية التطبيقية.
المعلمة تحتاج إلى العديد من الأشياء الضرورية لتنتج وكثير من المحاور لم تتناولها فكيف نرجو منها الابداع في خضم هذه المعوقات واختم هذه الكلمات بطرفة قالها لي أحد الأصدقاء عندما تحدثنا عن لم الشمل حيث قال: ماذا لو عزمت على الزواج من معلمة ثانية؟ كيف سيلتئم شملنا؟
|