بين كل فترة وأخرى تقوم إدارة المرور باصدار نظام جديد يوضح (النية) الطيبة لهذا المرفق المهم في إعادة التوازن لأنظمته المرورية التي ما زال السائقون يخالفونها في كل شارع وسكة! إذ إن الشعور بعدم (الرضا) أهم مراحل (محاولة) الاصلاح! ولكن الاصلاح يحتاج إلى جهود تأسيسية تتوجه إلى الفرد المنفذ لتلك القوانين والأنظمة أولا، بعض أفراد المرور الميدانيين يحتاجون إلى (إصلاحات) قبل اصدار بعض القرارات التي تحتاج إلى تطبيق!! وبعد أن طبق المرور تجربة البوليس السري هل يقوم بتقييم هذه التجربة؟ أنا كسائق لم ألحظ ان هذا السري حقق أي تأثير على المستوى الميداني فليس له أي حضور في ذهنية السائقين مما يعني (اخفاقه) وبنظرة أكثر تفاؤلا عدم تحقيقه النجاح المتوقع! وهل يحقق (السري) للمرور ما عجز عن تحقيقه أفراده العلنيون الذين يمارسون جهارا (التصدد) عن الزحام لقلة حيلتهم ويختفون تماماً في بعض الأيام من أماكن تجمعاتهم في بعض الشوارع!
وحتى لا يكون الكلام فقط مجرد رصد للسلبيات فإنني سوف أتكلم عن تجربة رائعة على مستوى التنفيذ والضبط وهي تجربة تطبيق حزام الأمان فعندما أراد المرور تطبيق حزام الأمان الزم الجميع بربطه الزاما لم نشاهد له مثيلا على مستوى التطبيق الفعلي لنظام مروري، حيث مرت عدة أشهر والجميع بآلية وبدون تفكير ملتزمون بهذا النظام المروري، حتى كاد يصبح ربط الحزام عادة لدى كل سائق والسبب كما أعتقد هو أن المرور طبَّق هذا النظام بحملة واسعة دعمها بعقوبات مباشرة وفورية! ولكن للأسف تبخرت تلك الجهود فالشوارع هذه الأيام تؤكد أن الأمور (سايبة) والدليل القاطع هو ان قلة من السائقين يربطون الحزام والميدان خير شاهد، لقد هدم المرور نجاحاً عظيماً تحقق له والسبب هو عدم تعزيز ذلك النجاح ولانه فرَّط في تطبيق أنظمته فقد فرَّط السائقون بربط الحزام!
وما زال المرور يمارس دوراً (مدرسياً) حيث يقف أفراده يوزعون نشرات توعوية على السائقين في الشوارع عليها دمغة بعض المعلنين!
فالسائقون وخصوصاً الشباب والمتهورين لا ينقصهم الوعي، فكفى بالموت واعظا فمشاهد الموت على شوارع المدن تتكرر يوميا ويشاهدها السائقون بأعينهم ثم (يحوقلون) ويضغطون على دواسات البنزين في اصرار على السرعة المميتة التي لم (يوفق) المرور في الحد من تخفيفها.. وللمقارنة فإن الوعي بأضرار التدخين لم يمنع المدخنين من التدخين وبشراهة، لهذا فإن الوعي على أهميته لا يصنع الانضباط المروري! إن إصبع المرور الذي يشير دائما إلى العنصر البشري على أنه أهم أسباب الحوادث المرورية يجب أن يتوجه قبل ذلك إلى المرور نفسه الذي عجز عن ارغام السائقين على احترام أنظمته، مما يجعلنا يوميا نعيش كارثة فقدان رجال وشباب هذا الوطن والسبب (الرئيسي) ليس السائق الذي أَمِن العقوبة الرادعة والذي وجد فرصة للسرعة المتهورة فخسر حياته أو تعرض لاصابات جسدية أو اعاقة دائمة بل للمرور الذي أخفق في منع السائق وأخفق أيضا في الاعتراف بمسؤوليته المبطنة عن بعض الحوادث والسبب: لأن إدارة المرور الموقرة حتى الآن لم تنجز أنظمة وقوانين مرورية صارمة يحترمها الجميع و(يخاف) عقوباتها المتهورون!!
|