لاشك في أن الله سبحانه بحكمته وعظمته، اختار منذ خلق الإنسان، هذا المكان الطيب الطاهر في مكة المكرمة، ليشرفه بخصوصية لم يفز بشرفها أي مكان في العالم حين اختصه بأن يكون مقراً لبيت الله الحرام، ومحلاً لالتقاء وتجمّع المسلمين والمسلمات من كل بقاع الدنيا، من الذين منّ الله عليهم فوهبهم الاستطاعة التي تؤهلهم لشرف تلبيبة نداء الله فيقصدون هذا البيت العتيق.
وفي قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96)
(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 96 - 97]. ونحن إذ نبتدر هذا القول الحكيم في قوله تعالى: {إنَّ أّوَّلّ بّيًتُ وٍضٌعّ لٌلنَّاسٌ} نطمئن معه إلى قول من قال بأن أول من بنى هذا البيت هم ملائكة الرحمن، ذلك لأن لفط (الناس) يطلق على آدم وذريته، ومعنى ذلك أن هذا البيت العتيق وضع قبل أو مع أول الناس في الأرض وهو آدم عليه السلام
وقيل إن هذه الآية جاءت رداً من الله على اليهود، حين قالوا إن بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة، لكونه في الأرض المقدسة ومهبط الأنبياء.
فبيّن الله سبحانه، بهذه الآية، أن البيت الحرام بمكة المكرمة (البيت العتيق)، منبهاً لهم وللناس جميعاً بأن هذا أول بيت وضع للناس وأشرف بيت جعل للعبادة (هدى للعالمين)..
|