قدمت القناة الأولى في التلفزة السعودية مساء يوم الاثنين الماضي، وثيقة تاريخية جديدة، تصلح أن تكون درساً سنوياً، يعطى للطلاب والطالبات في المدارس، ويعرض ضمن برامج ومناشط تلك التي يسمونها: (المراكز الصيفية، والمخيمات الدعوية) وتقدم - سمعية وبصرية، أو سمعية فقط - إلى أئمة المساجد، وخطباء الجمعة، خاصة أولئك الذين (يقولون)، إنهم حتى يوم الناس هذا، لا يشاهدون التلفزيون..!
* إن في أقوال العائدين التائبين من الشباب المغرر بهم على أيدي شياطين الإنس، ما يثبت صحة ما كنا نقول به منذ اثني عشر عاماً، من أن هناك من استهوته لعبة الإسلام المسيس، فراح يعطي ولاءه لطواغيت بجلابيب وعمائم، استطاعوا تكبيله بمفاهيم غالطة، وسجنه داخل أفكار شاذة، حتى أصبح حلقة من حلقات بعضها في بعض، تدور في فلك الطاغوت الأكبر (ابن لادن) ومن لف لفه من المرتزقة، تحت شعار الجهاد، الذي لا يقوم عندهم، إلا بتكفير الحكام، وتخوين المحكومين، فهؤلاء.. هم الأذناب الذين أخلصوا لسيدهم المُكفِّر الأكبر (ابن لادن)..! فانحصرت مهمتهم في الترويج لطروحاته، واصطياد العوام وأنصاف المتعلمين من الشباب، حتى دفعوا بالبعض منهم، إلى أتون الكراهات، ومحارق التفجيرات، الذي رأينا كيف ابتلعتهم هم، وتسببت في قتل أبرياء من رجال ونساء وأطفال.
* كيف تمكن هؤلاء الأشرار، من خدمة أغراض منظمة (القاعدة) الإرهابية، في دولة مثل المملكة العربية السعودية، تطبق شريعة الإسلام السمحة، ليس كأي بلد إسلامي آخر..؟!
* هم لم يجلسوا بطبيعة الحال في دورهم هكذا، فيأتيهم الأتباع راغبين ملبين طائعين، بل تحركوا في كل الاتجاهات، وعملوا انطلاقا من مواقعهم ووظائفهم العامة والخاصة، فنفذوا بذلك إلى عقول الشباب، حيث امتهنوا فريضة الجهاد بأساليب مغلوطة، وتحريفات مقصودة، وانحرفوا بولاء هؤلاء الأتباع، من أهلهم ووطنهم وحكومتهم بعد الله عز وجل، إلى طواغيت معاصرين من مثل: (ابن لادن- عزام- الظواهري- أبو قتادة- المقدسي- السروري- أبو عبدالرحمن- قطب) إلى غير ذلك من منظرين سياسيين لا أكثر؛ لهم أهداف وغايات خاصة بهم، في منظومة العمل الحزبي الخوانجي، رأوا أنها لا تتحقق لهم في المملكة بالذات، إلا بعباءة دينية، وخطاب إسلامي يتميز بالشحن النفسي والتثوير العقائدي... وقد كان لهم ما أرادوا مع كل أسف، من بعض شباب هذه البلاد المحروسة برعاية الله.
* هذه إضاءات ظهرت واضحة، في أقوال المنتمين إلى مظلة التكفير والإرهاب، في الحلقة التي عرضتها التلفزة، وفي المستقبل، سوف نقف بكل تأكيد، على مثل هذا أو أكثر منه.
* إن وزارة الداخلية، التي قدمت لنا هذه الوثيقة التاريخية، التي هي حجة دامغة، مطالبة بعد هذا اليوم، بتقديم المزيد من هذا التوثيق، حتى يعرف الناس في بلادنا، الحقيقة كما هي، لا كما يروج له بعض الذين في قلوبهم مرض، أولئك الذين يحيلون كل بلية عندنا، إلى أشباح مجهولة، أو إلى عدو خارجي يتمثل في هذا البلد أو ذاك... هناك اليوم حقيقة بوجه واحد لا أكثر، أعداؤنا هم في الداخل وفي الخارج، ونحن نعرف هؤلاء جميعاً، ونعرف أكثر، أن أعداءنا هنا أو هناك، هم من صنع أيدينا نحن، ونحن وحدنا الأقدر على إعادة الأمور إلى نصابها.
* الدكتور (سعود المصيبيح)، مدير العلاقات العامة والتوجيه بوزارة الداخلية، كشف في حديث لصحيفة الوطن يوم (22-12- 2003م) بعضاً من خفايا دعم الإرهاب في المملكة؛ استناداً إلى اعترافات عناصر من الشبكة نفسها، فقال في جزئية من هذا الحديث: (بأن الإرهابيين، كانوا يجمعون الأموال من تلك الصناديق التي كانت توضع في المساجد والجامعات والمدارس والأسواق، وتحمل صوراً مؤثرة لضحايا الحروب، لاستجداء عواطف أهل الخير..)!
* إن دعم الإرهاب، بل وتكوين أطره في البلاد تم بحرفية وحركية منظمة ومرتبة، استهدفت طلاب وطالبات التعليم العام والمعاهد والكليات والجامعات، وحتى المصلين في المساجد والجوامع، والمتسوقين والمتنزهين والسياح.. فهي حركية خبيثة، لم توفر وسيلة من وسائل التوصيل والتأثير إلا سخرتها لمصلحتها، وصوبت من خلالها سهامها المسمومة، لكل الخصوم الذين يعرفون حقيقتها، فقد عرفنا كتيبات وأشرطة مليئة بشبهات ومغالطات وافتراءات، تهدى.. بل تعطى بما يشبه القوة..! وأموال التبرعات والصدقات والزكوات، دعمت هذا الجهد التخريبي، ومولت شراء الذمم، وشراء الأسلحة، ودعم صندوق القاعدة، وإغناء جيوب الأبواق في خارج الوطن...!
* إن في قصص هؤلاء الفتية، الذين ظهروا على التلفزة مساء يوم الاثنين الفارط، لعبرة وعظة لكل ذي لب، فهل نعتبر، ونتعظ..؟!
* لعل وعسى.
fax:027361552 |