أصبحت كلمة «ني هاو Ne haw» والتي تعني مرحبا بالصينية احدى الكلمات المتداولة بشكل واسع في اروقة البورصات واسواق المال العالمية نظرا لكثرة الطلب على اسهم وسندات الشركات الصينية أو الاجنبية العاملة هناك.
كما اضحت هذه اللغة احدى اللغات التي تجتذب الالاف من الطلاب هنا في امريكا لدراستها حيث يقدر عدد الطلبة الملتحقين بقاعات تدريس هذه اللغة اكثر من ستة الاف طالب سنويا، وتقول احدى الطالبات حينما سئلت عن سبب التحاقها بدراسة اللغة الصينية «إن المال هناك وفرص العمل هناك» حسب تحقيق نشرته احدى الصحف الأمريكية مؤخراً.
ورغم ان هذه اللغة كانت إلى وقت قريب لغة محلية لا تجاوز حدود بلدها إلا انها ونظرا لإثراء الاقتصاد الصيني الذي نما بمعدل 9% خلال العشر سنوات الماضية جاوزت حدود المحلية وسحبت البساط من تحت اقدام اللغة اليابانية التي كانت تجتذب شباب العالم لتعلمها بحثا عن فرص وظيفية افضل.
وقد ذكر لي احد الزملاء ممن قضى سنوات دراسية طويلة في الصين ان العربي المتمكن من اللغة الصينية يطلب ما يشاء من اجر ليعمل مترجما ووسيطا بين الالاف من التجار العرب المتوافدين على هذا البلد وتجار ومندوبي مبيعات الشركات الصينية، ورغم صعوبة هذه اللغة التي تشبه الرسوم في تكوينها حيث تعني صورة الشجيرة الصغيرة شجرة والشجيرتان ترمزان إلى الحقل فيما تعني الثلاث شجيرات الغابة الكثيفة الا ان صعوبتها لم تقف عائقا امام الملايين لتعلمها حيث من المتوقع ان تصبح خلال العشرين عاما القادمة اللغة العالمية الثانية بعد الانجليزية اذا ما بقي تدفق الاموال الاجنبية إلى هذا البلد عند مستوى ال 50 بليون دولار سنويا كما هو الحال خلال السنوات الاخيرة.
ولست اسوق هذه الحروف الا اعجابا بنمو هذا البلد الذي حمل العالم على تعلم لغته وتحسرا على حال لغتنا العربية التي ما فتئنا نغني مع شاعرها الكبير تحسراً «وسعت كتاب الله لفظا وغاية وما ضقت عن آي به وعظات» دون أن نقدم لها ما تستحق من الرعاية والعناية من خلال تركيزنا على تطوير أنفسنا اقتصاديا وتكنلوجيا لنصدر للعام انتاجنا مقرونا بلغتنا، وبقيت جهودنا القاصرة على محاولة تعريب بعض المصطلحات المستوردة التي لم نفلح فيها كثيراً أيضا وبقيت نكتة «الشاطر والمشطور وما بينهما طازج» تتداول على نحو واسع لوصف عجز مجمع اللغة العربية عن اعطاء اسم عربي بسيط «للساندوتش» وحيث بقيت لغة السيوف والفتوح معطلة فلا قوة الا للاقتصاد ولا سيطرة الا للمال ولا هيمنة الا للعلم والبحث والاستكشاف في وسط عالم مادي تقدر فيه قيمة الشخص «بكم يملك» وتقدر قيمة الدول والمجتمعات «بكم تنتج» وما هو «رصيدها من النقد الاجنبي».
|