كان قلبي في تلك الليلة الرمادية يطرق أبواب جسدي بطريقة غريبة.. لم تستجب له أبداً فقد كان صوته عكس ما تعودنا عليه.. كان يخفق بطريقة مزعجة وأليمة.. لقد عاد صفر اليدين ليجد حتفه فوق أيدٍ حانية بكل قسوة الزمن.. أوه سيدي القارئ قمة الشعور بالموت أن يختنق قلبك بيد حانية تعود أن يتلمس حنانها وعطاءها دون الشعور بالألم.
غاية الحزن أن تموت بين يدي الأحبة.. أولئك الذين تغيرت ملامحهم في ليلة لم يكن لونها طبيعياً وأحداثها سقيمة لتشرق الشمس تجمع كل أشعتها على جسدي ليحترق مفعولاً به مع سبق الإصرار والترصد وليكن للأحبة كل ما يشاؤون فقلوبنا تحفظ لهم من الود والعرفان ما يجعلنا نقف معهم في ذلك الفناء الواسع ونسمع ذلك السيل العارم من الجراح الغائرة دون أن تكون ردود الفعل مباحة على الإطلاق.
أوه.. إن التعبير عن المواقف يجيء متأخراً جداً إننا نقصد ذلك التأخير وداً وإخلاصاً فقلوبنا تخشى من العبارات التي تأتي تحت وطأة الأحداث فتخدش شعور الأحبة.. دع عنك أيها القلب المكابد تلك المواقف التي تحسست بها أقدامك هل هي على الأرض فعرفت بعدها أنك جسم مستهدف تمارس عليها هواية الرمي والتصويب.. لا بأس بعدها إذا اهتزت كل أحشائك.. حزنا وألماً.. دعني أنا وأنت أيها المكابد نتحاور قليلاً لنضع الكثير من النقاط على قليل من الحروف.. دعني أريك الحياة بمنظار آخر عكس ما تراها أو اجعل الأمر يستقر بي إلى رؤيتها من خلالك أنت.. حتى ولو كنت ذلك القلب الصغير الذي يسكن أعماقي يرفرف كلما اعتصرته أيدي الأحبة ألما ويلطم كل ما حوله فيتداعى الأسى.
دعني وإن كنت لا أجيد حوار الصامتين أن أهمس في أذنيك الأيمن بأن الأمر أصبح أعظم مما تستطيع فلا تجعلني أدفع من أعصابي وراحتي ثمناً للحفاظ على كرامتي المخدوشة خلف خطى الأحبة.. عجبا نسميهم الأحبة وهم يتلذذون بتعذيبنا وإهدار كرامتنا. عجبا نحفظ لهم كل ما تحتويه قلوبنا وهم يقطنون الأماكن والأزقة يتربصون بنا الدوائر. وعجباً من هذا المكابد الصغير الذي يسكن أوردتي وشراييني لا يزال رغم تراجعه وهرمه ينبض مع كل نبضة إحساس بالإخلاص وحفظاً للعشرة!!
لحظة أيها القلب المفعم.. لقد حفرت أقدامك الأرض تحسساً!! عليك أن تؤمن بواقع الأحداث، وأنك ملاك يرفرف في الفضاء!
|