تمر الأمم بأزمات ومحن تحتاج معها إلى توضيح المسار وهذا من مهمة المثقفين والمؤلفين والكتاب حيث انهم ضمير الأمة ولسانها الذي يدافع عنها وهم الذين يتولَّون الإيضاح والبيان.. فهم خط الدفاع الأول وخاصة حين يستهدف الهجوم ديننا وعقيدتنا.. حيث أننا نواجه حاليا هجوماً وحشياً ضارياً على القيم والمبادىء الإسلامية التي انطلقت من هذه الجزيرة.. نواجه هجوماً علينا في عقر دارنا لم يترك شيئاً من مبادئنا وديننا إلا تعرَّض له.. إن هؤلاء الكتاب مطلوب منهم (الإدلاء بشهادتهم) فهم شهود الله في أرضه أمام هؤلاء الأعداء الذين لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمَّة.. وصمونا بكل الأوصاف ورموا علينا أقذع التهم..
ونحن الآن في موقف البيان والتبيين.. من كتَّابنا الذين تولوا هذه المهمة (الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي عضو مجلس الشورى ورئيس تحرير المجلة العربية) ومن جهوده الرائعة والمتميزة تأليفه لكتاب بعنوان (رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا) ومثل (أبي بدر) يتحدث بعمق وبطلاقة عن سماحة الإسلام والثوابت وقد تلقيت منه هدية نسخة من هذا الكتاب وقال الأستاذ حمد في إهدائه (يسرني أن أهدي إليك كتابي: رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا) وهو محاولة متواضعة للإسهام في رد بعض الإشكاليات والتهم لدى الآخر حول سماحة إسلامنا وانفتاح وطننا وبخاصة بعد الحملات الظالمة التي توجهت ولا تزال نحو وطننا وثوابتنا ووحدتنا).
وبحق فإن مثل هذا الكتاب: انتظرته طويلاً.. فهو ما يجب ان يكتب ويؤلف وهو ما يجب أن ينشر (لدى الآخر) وبلغات متعددة.. لقد جاء هذا الكتاب في وقت نحن في أشد الحاجة اليه.. خصوصا أنه تحدث عن مواضيع هامة هي صلب الحديث وهي صلب الاتهام (النتن) والسهام التي توجه ليل نهار.. حين يتهم أحد (زوراً وبهتاناً) بأنه لص.. فما عليه إلا أن يوضح الدلائل التي تثبت عكس هذا الاتهام.. وهذا الزور والبهتان الذي نواجهه هو تزوير للحقائق.. تزوير كبير لم نواجه له مثيلاً.. تصَّدى له (أبو بدر) بقلمه السيال وأسلوبه السلس السهل الممتنع..
وقد قدم للكتاب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (وزير الداخلية) ويقول سموه في المقدمة (إن هذا الكتاب على اختصاره نأمل أن يكون مساهمة مباركة في دفع «التهم» التي طالت بلادنا وأبناءها مثل اتهام بلادنا بالإرهاب بسبب مناهج تعليمنا أو بسبب الخير الذي ينبع من بلادنا).. وهذان الموضوعان هما صلب الموضوع أي أ. المناهج، ب الخير النابع من البلاد.. وقد أفرد لها الكتاب موضوعين (فصلين) ضمن عدة مواضيع ولكنني سأتحدث عن هذين الفصلين لأهميتهما المتناهية. يقول مؤلف الكتاب في فصل بعنوان (العمل الخيري الإسلامي والإتهام بالإرهاب): (هل بلغ الأمر بالغرب وصناع القرار فيه ووسائل اعلامه أن يسعى إلى إيقاف جداول الخير عن المحتاجين إليه في العالم الإسلامي والعالم بأسره!. هل اطعام جائع أو انقاذ مريض أو كسوة عار يمكن أن يوصف أو يوصم بالإرهاب!. هل بلغ الخوف بالغرب أن يسكن بالرعب حتى من (دولار) يدفع من أجل مسح دمعة يتيم أو نزع آهة بائس أو تخفيف أنةمريض.. إنني لأعجب من انقلاب المفاهيم!! أين حقوق الإنسان التي ينادي لها ومن أجلها الغرب والشرق وأهل الغرب خاصة!.. هل حقوق الإنسان مقصورة على أن يسكن الغربي في قصر؛ والآخر المسلم أو من العالم الثالث يسكن في قبر، وهل حقوق الإنسان تقتضي أن يأكل الإنسان الغربي أو الشرقي (الكافيا) ولا يجد فقير مسلم في هذه الدنيا رغيفاً يسد به خواء الأمعاء) أنتهى.
وأقول نعم هذه حقوق الإنسان لديهم.. وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.. ونحن
لم يبق شيئاً من الدنيا بأيدينا
إلا بقية دمع في مآقينا..! |
والله لو استطاع هؤلاء لمنعونا نسمة الهواء التي نتنفسها.. ولمنعونا حبة الأرز التي نأكلها..!!
ولحاصروا حتى الشعير الذي تأكله ماشيتنا..!!
ولو استطاعوا لمنعوا الأنهار من أن تتدفق إلينا..!!
ولا تعجبوا من هؤلاء ومحاربتهم للأعمال الخيرية بدعاوى باطلة.. وها هي المنظمات (التنصيرية) تملأ الآفاق.. وتنفق عليها الدول مئات المليارات سنويا.. ولم نقل أن هذه المليارات أعدت للقضاء على المسلمين..!! إن هذا الغرب لا يهدف إلا لتجويع المسلمين وإعاقة نشر الإسلام ليكون المجال مفتوحا للمبشرين وعباد الصَّليب ليقوموا بإطعام هؤلاء الجوعى من المسلمين والفقراء ليتم لهم ارتدادهم عن الإسلام وإتباع الصَّليب..!! ليس هناك ما يبرر هذا الهجوم الشرس على العمل الخيري الإسلامي إلا هذا.. والا فإن من يريد الانتحار بنفسه فليس بحاجة الى طعام.. بل إن الانتحار سيكون هو وسيلته الوحيدة إذا قطع عنه الغذاء فليتنبه هذا الغرب الغافل المغفَّل لهذا..!!
وفي فصل آخر من هذا الكتاب بعنوان (مناهجنا: المتَّهمة البريئة) يتحدث الأستاذ حمد القاضي عن الفرية والكذبة الكبرى التي طالت مناهجنا بدعوى إنها تعلِّم الإرهاب.. وقد تناست أمريكا أنها أذاقت المسلمين صنوفا من العذاب والويلات وجرَّبت عليهم شتى أنواع الأسلحة من خلال ربيبتها (إسرائيل)..
وتناست أنه حتى الحيوانات ستكرهها إذا فعلت معها هذا..!!
يقول الأستاذ حمد القاضي في الصفحة 81 من كتابه هذا: (لم أجد أكثر إفتراء من هذه التهمة الجائرة التي وصفها المسؤول عن المناهج وزير التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية «بأنها حملة ظالمة..». ثم ساق عدداً من النقاط التي تبين عظم هذه التهمة وجرم هذه الفرية منها:
1 - إن نتاج هذه المناهج التعليمية في المملكة العربية السعودية بخاصة والبلاد العربية والإسلامية بعامة هم الذين يحاورون الغرب ويدعون إلى التعايش معهم.
2- لو صح الصاق تهمة التطرف بمناهجنا فماذا يقولون عن مناهجهم ونحن نرى الشذوذ والإرهاب والتطرف من أفراد مجتمعاتهم.
3- هل يعقل أن تكون مناهجنا في المملكة العربية السعودية بخاصة منها تطرف ودعوة للإرهاب وهي التي إنطلقت من تعاليم دين دعا بنصوص دستوره كما تبين في الصفحات الماضية.. إلى البر والإحسان إلى الآخرين). انتهى.
وأقول: هل كل هذا السَّيل الجارف من التهم والافتراء هو بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. فماذا يقولون إذاً عن توني ماكفي الذي فجر مركز التجارة العالمي.. هل هو نتاج مناهج الغرب.. وماذا يقولون عن منظمة باسك الإنفصالية وعن الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي يقوم بعمليات إرهابية (لم توصم حتى الآن بالإرهاب)..!!
يا للعجب من هذا الغرب الغافل حتى أذنيه والذي يغوص في الرَّمل كالنَّعامة حين تخفي رأسها في الرمال خوفاً من الصيّاد..!!
إذا كان أن من قام بتفجيرات 11 سبتمبر مسلمون.. فلماذا لم يقوموا بهذا ضد الصين أو اليابان أو كوريا.. مع أنهم وثنيون..!! إنني أعتقد أن أمريكا لا تعرف السبب.. ولا تريد أن تعرف السبب.. أو أنها تتعامى عنه وترمي مناهجنا وعقيدتنا بالتهمة ولحاجة في نفس يعقوب.. ولكن الحق يعلو.
وفي زمان الحروب والفتن تخرج الأفاعي السامَّة من جمهورها.. وتنفث العقارب سمومها تخرج من بين الركام وتستغل غبار الحروب للدغ.. والماء العكر للاصطياد.. في هذه المرَّة كانت فريستهم فكرنا وعقيدتنا.. مناهجنا وأصالتنا.. بدأنا نسمع ونقرأ في الآونة الأخيرة عن المناهج وأنها تعلم «الإرهاب».. إنني لم أقرأ في حياتي كتاباً أو منهجاً عنوانه «كيف تصبح إرهابياً».. من يقرأ هذه الآراء.. ويسمع هذه الأصوات النشاز يعتقد أن مناهجنا تعلم «الإرهاب».. وخطوات التحضير للجريمة وكيفية تنفيذها..!! ومن الطريف إنني سمعت قبل هذا اليوم خبرا عن قيام منظمة «باسك الإنفصالية» بتفجيرين في سواحل أسبانيا وفي فنادق يؤمها السياح.. ولم أسمع كلمة «إرهاب» عن مثل هذا العمل ولاحظوا تسمية المنظمة ب «الإنفصالية».. يقول أحد الداعين إلى نسف مناهجنا «لابد أن ننسف المناهج نسفاً».. إنهم لا يستطيعون التصريح بأن ذلك هو المناهج الإسلامية ولكنهم يقولون «المناهج».. ولكن هؤلاء يبغونها عوجاً ويريدون منها أن نرتدَّ ردَّة جاهلية يسرق بعضنا البعض ويضرب بعضنا رقاب بعض.. ويريدون منَّا أن نميل ميلاً عظيماً.. إن الحرية مطلوبة وفي الرأي مرغوبة ولكن حين يكون هدفها الدين والأصالة والثوابت فعند ذلك تكون كالمدفع وكالرصاص الطائش الذي يصطاد دون هدف هي «تهريج» يطلق على عواهنه.. وإفتئات وإفتراء من أناس ملأ الحقد صدورهم وشربوا تعاليم الغرب وخدعتهم حضارته.. بدأ هؤلاء ينهشون نهشاً مقيتاً.. ويطلقون كلاماً بغيضاً على مناهجنا لا يطلقه حتى أعداؤنا.. من يسمع هذه الأصوات يصدِّق أن مناهجنا قنابل موقوته.. تدعو الى قتل الآخرين.. والأمر المحير فعلاً هو أنهم يرددون كل ما يسمعونه ويقرأونه في صحف أعدائنا.. بحرب نفسيِّة..
إن هذه الحرب النفسية أشد من الحرب العسكرية.. ان التقليل من قدرة العربي أو المسلم أشد من الصاروخ ومن الدبابة.. أشد من طائرات (بي 52) القاذفة العملاقة. إن الاستهانة بالعقول والاستهتار بها إلى هذه الدرجة المتدنية من الإنحطاط.. هي ردَّة جاهلية.. إن الأدهى من هذا الاستخفاف بعقولنا.. هو أن تصدقها وأن ترددها مثل الببغاوات.. لماذا نصدِّق أي شيء يصدر عن صحيفة غربية أو قناة تلفزيونية أو وكالة أنباء دون ان نرفض أي شيء لماذا نقبل كل خبر.. وكل تحليل بنسبة 100%.. لماذا لا نضع ولا إحتمال أن مثل هذا قد يكون خبراً خاطئاً أو (مدسوساً).. لماذا نحن نغرق في التصديق لكل الأكاذيب التي تحشد ضدنا في هذه الحرب النفسية المركزة لماذا لا نضع احتمالاً ولو بسيطاً جداً لذلك.. أم أننا أصبنا بعقدة اتهامنا ب (نظرية المؤامرة).. إن مثل هذا الخوف ينتفي حين نرى الحقائق حين نرى الشمس لا نقول لا: هذه قمر.. خذوا مثالاً على ذلك: كيف كذب علينا اليهود بقصَّة: الحرب النازية.. وحرق (6 ملايين يهودي) في أفران.. من تنطلي عليه هذه الفرية الكبرى.. فهو كمن لا يصدِّق أنه يرى الشمس بعينه.. ولا يشاهد القمر أمامه.. أكاذيب اليهود التي يحيكونها ضدَّنا هذه الأيام هي شبيهة بهذه الكذبة.. ولكنها كذبات أكبر حجماً.. كذبات حيكت بليل ودبرت بإحكام.. حتى لا يعرف أحد الحقيقة.. من الزيف والخداع.. تناقضات في الأخبار لم يعرف بمثلها العالم.. تناقضات في التصاريح.. تثبت أن المسألة كلها كذب تحيكه عصابات اليهود ضد المسلمين والأمَّة الإسلامية.. حتى ربطوا كل إرهاب وكلمة إرهاب بالمسلمين.. مع العلم أنهم أول من مارس الإرهاب وأول من قتل المدنيين.. ها هي «عصابات شتيرن» شاهدة على التاريخ وها هي مذابحهم في فلسطين التي لا ينساها إلا مكابر.. مذبحة «دير ياسين» ومذبحة «صبرا وشاتيلا».. إضافة الى المذابح اليومية.. اليهود هم أول من قام بعمليات إرهابية في أوروبا نفسها.. وفي فلسطين.. ولكن الإعلام الغربي يريد أن يتعامى على الحقائق ويريد أن يجعل من الضحية جلاداً ومن الجلاَّد ضحيَّة.. ولكن المؤلم هو لماذا نردد هذه الأكاذيب لماذا نحاول أن نزرع مثل هذه المصطلحات في أجيالنا.. لماذا نلصق «الإرهاب» بالمسلمين والورعين والمتقين.. حتى إنه عند نطق كلمة «إرهابي» يتبادر إلى أذهاننا ذلك المسلم التقي النقي الملتزم.. أنظروا ايها السادة الى التاريخ.. كيف عامل الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود في المدينة وبين ظهراني المسلمين.. كيف عامل صلاح الدين الأيوبي أعداء المسلمين الذين احتلوا بيت المقدس.. وخاضت خيلهم حتى الركب في دماء المسلمين.. ومورس ضدَّهم شتى صنوف الإرهاب.. نريد أن نبرز تاريخ المسلمين الناصع.. نريد ابراز سماحتهم وفضح هذه الإدعاءات والإفتراءات المستمرة ضد المسلمين.. نريد أن نفضح بني صهيون الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم.. قال تعالى: { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}.
|