هل نمتلك تعريفاً اقتصادياً محدداً وثابتاً للفقر..؟؟ من الممكن أن نوظفه لقياس حالة الفقر في المجتمع؟؟ وهل هناك تعريف محدد للفقراء؟؟ هل هم الذين دخلهم لا يتجاوز مبلغاً معيناً؟؟ أم هم الذين بلا دخل أو عائل؟ أم الذين يعيشون على الكفاف ولا يملكون سوى ضرورياتهم؟؟ المشهد يبدو ضبابياً وغائماً نوعاً ما، ولا سيما في ظل غياب إحصائية ثابتة ومحددة في هذا المجال، إضافة إلى تبدل الأحوال وتغيُّرها تبعاً لتبدل ظروف البشر (بين غمضة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال).
فالفقر ليس عاهة يولد به الإنسان وترافقه جميع مراحل العمر (على الرغم من أن بعض الأمثال الشعبية تقول: ... الفقر منبت) على سبيل التندر والفكاهة، لكن الفقر رغم آثامه وشروره التي هي أم الآثام ومنبعها، ليس بحالة تتداخل مع الجينات لجماعة محددة من البشر.
فجمعهم في مناطق معينة وفي منازل رخيصة ومنح من الممكن أن يحول تلك الأحياء إلى بؤر للجريمة والفساد، فالأفراد حين ينتقلون ينقلون وإياهم جميع تفاصيلهم جميع مفاهيمهم جميع علاقاتهم الاقتصادية وطرقهم في الحصول على المال وبالتالي يستمرون في دائرة الفقر السابقة.
إضافة إلى تلك الأحياء ستتحول إلى شكل من أشكال الحجر الصحي لأصحابها وإلى وصمة ستصاحبهم أينما حلّوا، على حين أن بثهم بداخل الأحياء وبجانب الأسواق والمجمعات الصناعية سيسهم بالتأكيد في تفكيك أحياء الفقر والجريمة التي تسبب الكثير من المتاعب الأمنية، بل ستساهم في إكساب الأفراد مفاهيم جديدة عن الحياة ومصادر الرزق غير تلك التي تعيد استيلاد عيوبهم.
بالتأكيد أن هناك حالات عاجلة ولا تنتظر وتحتاج لحلول ناجزة وسريعة ولكن في نفس الوقت هناك حالات لأفراد هم أنفسهم بحاجة إلى إعادة تأهيل إلى انخراط في سوق العمل بشكل إيجابي، فغالبية أصحاب الدخل المحدود، لا يملكون طموحاً أو لربما لديهم طموح منطفئ وباهت مع عدم الرغبة في المشاركة بسوق العمل بشكل جدي وثابت مع مفاهيم إيجابية تجاه العمل والرغبة في التقدم والتطور.
الفقر ليس مصيراً أبدياً ولكن أعتقد بأنه مرض يمكن علاجه بعدة سبل سواء تلك التي تتخذ على النطاق الاقتصادي العام، أو العلاجات النفسية والسلوكية للأفراد بحيث تجعلهم ينخرطون في سوق العمل بروح متفائلة ورغبة في الإضافة والتغيير.
|