Tuesday 13th January,200411429العددالثلاثاء 21 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رحم الله أبي رحم الله أبي
عبدالله إبراهيم الحديثي

الحمد لله الذي خلقنا من تراب.. وجعل المآب، وقدر الموت على الرقاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أدى الرسالة وبلغ الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاد حتى احتواه التراب، ولله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار- قدر الموت على خلقه وجعل ذلك سنته التي تساوى فيه الجميع- فأموالنا وأهلونا من مواهب الله عز وجل الهنية وعواريه المستودعة نتمتع بها إلى أجل معدود ويقبضها في وقت موعود- أتردد كثيراً في الكتابة عن والدي فضيلة الشيخ إبراهيم راشد الحديثي، ويستعصي عليَّ القلم لأنني شاهد له من أهله - ولكن عذري هي تلك الجموع الغفيرة التي سارعت لأداء الصلاة عليه والاستصفاف لكيلو مترات على جنبات الطريق إلى المقبرة والذين توافدوا زرافات ووحدانا إلى داره رحمه الله رحمة واسعة، وللمشاعر الصادقة من الحب والدعاء المستجاب إن شاء الله الذي سمعناه من العشرات ممن تكبدوا المشاق وجاءوا إلى داره معزين وداعين - فقد ألف أهل هذه المنطقة، وقد أحبهم وأحبوه خلال خدماته بمنطقة عسير التي امتدت ما ينيف على نصف قرن قضاها رحمه الله في القضاء وإصلاح ذات البين، وخدمة الدعوة والدعاة ورعاية الأيتام، وحل المستعصى من المشاكل والقضايا العويصة التي كانت دون حلول، وكان مضرب المثل في تواضعه وعلمه وخلقه وإخلاصه وتعامله مع الجميع- ساهم وساعد في إنشاء ورعاية جمعية البر حتى أصبحت من أنجح الجمعيات في المملكة، ولها موارد ثابتة تعينها على قضاء حوائجها وأداء خدماتها - كما دعم إنشاء مدارس تحفيظ القرآن في المنطقة حتى انتشرت في كل مكان، وأصبح الاحتفال بحفظة كتاب الله سنويا يحرص على حضوره والمتابعة لنشاطاته - وكان مضرب المثل في العدل والوصل وعيادة المريض، واستقبال الزائر وكان الرجل وأخوه يختصمان فيقول أحدهما للأخ فلنذهب للحديثي، وأصبح مضرباً لقبول أحكامه لبعده رحمه الله عن الهوى، وفتح داره للقادم والزائر، وأصبح لديه وقت يستقبل فيه الزوار كل يوم لحضور القراءة والحديث، وعندما تقاعد رحمه الله بعد عمر مديد في اداء هذه الخدمات أصبح بيته ملتقى لطلبة العلم والباحثين فخصص لهم الوقت الكافي للبحث والدراسة، وكان يشاطرهم في بحث الكثير من المسائل افي أمهات الكتب، وتفرغ لرئاسة مجلس الأوقاف بمنطقة عسير، فساعد إخوانه الأعضاء على تنظيم هذه الأوقاف ومعرفة أماكنها وتحديد مواقعها، حتى تكون رافداً لأعمال البر والخير، وأن تصرف في مصارفها الشرعية- إن الحرج ليصيبني، وأنا أتحدث عن أقرب الناس لي، ولكن هذه الجموع الغفيرة التي أدت الصلاة عليه، وسارعت إلى داره هو شاهد على هذه المشاعر الفياضة والحب المتبادل والتقدير الجم لأفعاله وأعماله تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان ولله الشكر على ما أعطى، والصبر، إذا ابتلى، فالجزع لا يرد شيئا ولا يدفع حزناً - ولنا عزاء الخضر عليه السلام في رسول الله أسوة حسنة إذا قال: إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضاً عن كل فائت وخلفاً من كل هالك، قال الله فأنيبوا وإليه فأذعنوا ونظره إليكم في البلاء، فانظروا فإن المصاب من لم يجر - ولنا في المشاعر الصادقة والقلوب الحميمة التي فاضت بها هذه الجموع ما يخفف مصابنا - ولنا في هذه الألفة الكبيرة بين الحاكم والمحكوم ما يجعلنا أسرة وأبناءه وأهله وعشيرته نلهج بالثناء والشكر والعرفان لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الذي تابع حالته في مرضه، وقدم العزاء في مصابه، وصاحب السمو الملكي سمو ولي العهد الأمين الذي شمله برعايته - ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي أمر بتوفير الرعاية الصحية المناسبة له في منزله والمستشفى، ولصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز الذي تابع حالته، وصاحب السمو الملكي ا لأمير نايف بن عبدالعزيز الذي قدم العزاء، وكان دائم الاستفسار عنه، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي زاره في مرضه وعزى في وفاته، ولصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي نعاه وظل دائم الاستفسار والمتابعة لحالته الصحية وأدى عليه الصلاة، وتقبل فيه العزاء وكرمه في محياه ومماته، ولصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز ولكل أولئك الأحباء والأصدقاء والأقرباء والمعارف الذين غمرونا بمشاعرهم الفياضة وأخوتهم الصادقة فجزاهم الله جميعاً خير الجزاء. وأسبغ الله عليه شآبيب رحمته، وقبله في من عنده، وحشره مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا - وخلف الله علينا مصيبتنا بخير فإن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل فائت - فاللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها .. {انا لله وانا اليه راجعون}


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved