ربما لا نجد منصفاً يرى بأن الانتخابات أياً كان نوعها وإطارها تمثل غاية في حد ذاتها إذ إن الغاية الأسمى حسبما يراها المنصفون تتمثل في توسيع دائرة المشاركة الشعبية بما يحقق الأداء الأفضل والاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة. وبالتالي فإن تجربة الانتخابات التي سيتم تنفيذها في حدود المجالس البلدية تعتبر بالنسبة لنا كمواطنين تجربة جديدة لا بد أن نستغلها الاستغلال الأفضل حتى لا تكون مجرد شعار شكلي لا يضيف الى منظومة العمل الاداري ولا يقدم خطوة باتجاه التصحيح والاصلاح المنشود خاصة ونحن نرى معظم تجارب الدول النامية التي سبقتنا في هذا المجال تعاني من كل أطياف الفساد وأصناف الخداع.
وفي هذا السياق نجد ان من الأولى لنا ونحن نتهيأ لتنفيذ التجربة التي قد تكون أساساً لتجارب سابقة أن نسارع في وضع خطة اعلامية ذات رسالة اعلامية محددة تستهدف تنمية وتطوير ثقافة الانتخابات لدى أفراد الشارع السعودي ليتخلص من شوائب الانتماءات القبلية والمذهبية والإقليمية وليرتقي الى مستوى الحدث عندما يرغب في اتخاذ قراره بالتصويت لصالح أحد المرشحين. لا بد أن نسعى ومن الآن لتنوير الشارع السعودي وتزويده بالآلية الملائمة التي تمكنه من التمييز بين البرامج المختلفة التي يقدمها المرشحون ومدى قدرة هذه البرامج على تطوير البيئة المحلية وتحقيق الأهداف التي يتطلع لها أفراد المجتمع المحيط. وفي هذا الشأن نجد أن من الضروري أن يكون الشارع السعودي وبشكل خاص فئة الشباب على دراية كاملة باحتياجاتها الاقتصادية والمجتمعية حتى تستطيع أن تتخذ قرارها بالتصويت للمرشح الذي يحقق لها هذه الاحتياجات وحتى تتمكن من محاسبة من تختار على تقصيره في أداء مهامه تجاه من أسهم في إيصاله الى موقعه الاداري.
وإذا أردنا بالفعل الوصول الى انتخابات تثمر عن اختيار الأفضل بغض النظر عن متغير القبيلة والفكر والإقليم فلا بد أن نحرص من الآن على تطوير خاصية الاختيار لدى فئة الشباب التي يفترض أن تحدد ماذا تريد ومن هو المرشح الذي يتمتع بنزاهة ادارية ومالية عالية ويسهم بفاعلية في تطوير الأداء البلدي وفي تنمية مصادر دخلها الحالي والمستقبلي ويحقق لها فرص عمل أكثر وغير ذلك من متطلبات وهموم هذه الفئة المؤثرة والهامة.
يا سادة.. لا نريد انتخابات تفرز لنا نمطاً جديداً من أنماط المشيخة القبلية وتكرس هاجس القبيلة وعنصرية الاقليم ولا نريد انتخابات شكلية تضيف عبئاً ادارياً ومالياً على الموازنة العامة ولا تحقق إلا ما تحققه الانتخابات السائدة في الكثير من الدول العربية والنامية، ولكن نريد انتخابات مميزة يكون محورها السعي لتحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطنين والحرص على حماية مكونات هذا الوطن من كل داء اداري أو فكري لا يخدم سوى مصلحة المتربصين.. فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم.
|