في مثل هذا اليوم من عام 1954 أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر خلال خطاب له ألقاه في حفل عشاء أقامه مجلس العلاقات الخارجية على شرفه أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تحمي حلفاءها من خلال «قوة ردع الانتقام الجماعي». وقد أضاف الإعلان عن هذه السياسة دليل آخر عن قرار إدارة ايزنهاور للاعتماد بكثافة على الترسانة النووية للدولة كوسيلة رئيسة للدفاع ضد العنف الشيوعي، ومما يذكر أن دولز بدأ خطابه بمراجعة الاستراتيجية الشيوعية التي استنتج انها تهدف «لإفلاس» الولايات المتحدة من خلال الإفراط في التوسع في قوتها العسكرية.
وأوضح الوزير أنه ليس من الحكمة استراتيجيا واقتصاديا «إلزام القوات البرية الأمريكية بشكل دائم بالتواجد في آسيا لدعم دول أخرى بشكل مستمر أو أن تصبح ملزمة باستمرار بمصروفات عسكرية باهظة للغاية تؤدي إلى الإفلاس».
وبدلاً من ذلك أعرب الوزير عن اعتقاده بضرورة وضع سياسة جديدة لتحقيق أكبر قدر من الحماية بتكلفة معقولة وبالرغم من أن الوزير دولز لم يشر بشكل مباشر إلى الأسلحة النووية، إلا انه كان من الواضح أن السياسة الجديدة التي كان يتحدث عنها سوف تعتمد على «قوة انتقامية جماعية» لهذه الاسلحة رداً على الأعمال الحربية الشيوعية في المستقبل.
وكان الخطاب قد اعتبر تعبيراً عن اثنين من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية في ظل إدارة ايزنهاور ودولز، فأولاً، كان هناك اعتقاد خاص بدولز أن سياسة أمريكا الخارجية نحو التهديد الشيوعي كانت تفاعلية بشكل جبان أثناء الإدارة الديموقراطية السابقة للرئيس هاري ترومان.
وقد أكد دولز بشكل مستمر على الحاجة لتوجه أكثر فعالية وقوة لدحر اتساع رقعة النفوذ الشيوعي.
ثانياً، كان هناك اعتقاد من الرئيس آيزنهاور أن الانفاق على المساعدة العسكرية والخارجية يتعين وضعه تحت السيطرة وذلك لأن آيزنهاور كان متحفظاً مالياً واعتقد أن الاقتصاد والمجتمع الأمريكي لا يمكن ان يتحمل عبء ميزانيات الدفاع الباهظة.
وقد شكل الاعتماد بشكل أقوى على الأسلحة النووية بصفتها العمود الفقري لأمريكا الإجابةعلى كلا الاهتمامين- وذلك لأن الاسلحة الذرية أكثر فعالية من حيث تحديدالأعداء المحتملين، كما أنها وعلى المدى الطويل تعتبر أقل تكلفة بشكل كبير عن نفقات الجيش الكبير الدائم.
|