كان رحمه الله من المقرئين لكتاب الله والمعلمين لأصول دين الله وأحكام العبادات، وكان رجلاً نقيَّا ورعاً تفرغ للاستفادة والإفادة. الوالد الشفوق والمربي العارف العلامة الشيخ محمد بن الشيخ سليمان بن ناصر السعوي - رحمه الله وغفر له ولوالديه - يعد هذا المعرف عنه بهذه الكلمات اليسيرة من ذوي النفوس الزاكية والهمم العالية والجهود الطيبة المباركة والأفعال الحسنة والخصال الحميدة والآداب السامية وهي صفات قلّ في المسلمين اكتمالها ومن وفقه الله للأخذ بها والالتزام بها، فإنه يحسن أن تذكر له وأن ينوه عن ملخص ما يقوم به من أعمال فهذا المعلم لا ينبغي أن تجهل مكانته في هذه البلدة وجهوده الكبيرة وفضله على من هو دونه في العلم والمعرفة والتعليم والوعظ والإرشاد.
وكان من الأعمال الصالحة والجهود الطيبة والأفعال الخيرة لهذا العلم المعرّف عنه بهذه الأسطر القليلة قيامه بإمامة المسجد المجاور لبيته الذي أطلق عليه مسجد «الزمعان» وقد تولى الإمامة فيه بعد وفاة سلفه الشيخ محمد بن حمد بن عودة السعوي رحمه الله الذي توفي عام 1367هـ وخلفه في الإمامة ومضى عليه فيها أكثر من خمس وخمسين سنة.
كان من أهم أعمال الفقيد الخيرية حرصه التام على التعليم والتفهيم والاتقان والتجويد والوعظ والتذكير والإرشاد والتوجيه والبيان والتبليغ والملاحظة والمتابعة.
ومن ذلك عنايته البالغة بالتعليم الذي لم يقتصر فيه على حلقة علم في مكان معلوم أو مجمع خاص حيث رتب جلسات للتعليم في المسجد الذي يؤم المصلين فيه إضافة إلى جلسات تعليم مستديمة في جامع المريدسية. وكان يحرص على التعليم لأهم العلوم الدينية الشرعية ويتضاعف اهتمامه وبالغ حرصه على حسن التنشئة الصالحة للأولاد منذ الصغر وذلك بتعليمهم القرآن الكريم والاعتناء بإتقان القراءة وتجويدها وحفظ سوره عن ظهر قلب بالإضافة إلى تعليمهم معرفة ربهم ودينهم بالادلة ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام الطهارة والصلاة وسائر علوم العبادات والأخلاق والآداب والمعاملات.
ولم يكن رحمه الله يقتصر على التعليم للطلاب في الجلسات التي قررها كل يوم وليلة عدا يوم الجمعة وأيام الأعياد، بل إنه يعمم في التعليم لعامة الناس بمن فيهم كبار السن عن طريق الوعظ في المساجد والمجالس والمناسبات.وكان يتخذ نهج الأدب مع العلماء والتقدير لهم والاحترام فلا يعاجل في الموعظة مادام أن في المجلس من هو أعلم منه حتى يتبرهن لديه أنه لن يتكلم أحد منهم فعندئذ يشرع في الموعظة لئلا يفوت الفائدة على المجتمعين فيتفرقوا دون حصيلة علمية يغنمونها ويستفيدون منها.
وكان أكثر ما يهتم به في الوعظ والتذكير الأصول الثلاثة ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم ومراتب الدين وأركان العبادة، وأركان كلمة التوحيد وشروطها وإيراد الادلة عليها وبيان المسائل الاربع التي هي العلم والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه وبيان أنواع الطواغيت ونواقض الإسلام وغيرها من العلوم المفيدة التي حفظها عن ظهر قلب لأن الله قد أخذ نور عينيه فلا يبصر بهما.
وكان على مقام كبير في الجد والاجتهاد والعزم والمضي والغيرة على دين الله والدعوة إلى الله والنصح لعباد الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى وبالجملة فهو يهتم بأمور صلاح المسلمين رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً واستقامتهم ومصالح دينهم ودنياهم وكان يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه ويكره لهم من الشر ما يكرهه لنفسه.وكان هذا المربي الناصح يقوم بتلك الأعمال الطيبة احتساباً منه ولا يأخذ عليها أجراً دنيوياً إنما يبتغي الأجر والمثوبة من الله المحسن الكريم الذي يحب المحسنين.
ولشيخنا هذا الذكر الحسن والدعاء الصالح من إخوانه المسلمين جزاء ما قدمه من خدمة في التعليم والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.أحسن الله إليه ورفع له الدرجات وحط عنه السيئات.توفي قبل فجر يوم الجمعة 25/10/1424هـ.اللهم صل وسلم وبارك على النبي الكريم
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|