* الرياض - الجزيرة:
نقل رئيس اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين دهشة ستين مفكراً من الرجال والنساء من مختلف الأطياف الفكرية والثقافية والمذهبية في المجتمع السعودي اجتمعوا مؤخراً - في مكة المكرمة - إلى فخامة الرئيس الفرنسي جاك شيراك بسبب مشروع قانون منع حمل الرموز الدينية في المدارس العامة والمؤسسات الحكومية الفرنسية بما في ذلك الحجاب الاسلامي. وقال الشيخ الحصين في رسالته التي بعثها والمشاركين في اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري ان موجب الاندهاش جاء من كون فرنسا تفخر بأنها أول بلد يصدر عنها اعلان وثيقة حقوق الإنسان وانها رائدة للعلمانية في العالم وتعايشت مع مختلف الأديان لأكثر من قرنين واحترمت حرية الضمير والاعتقاد والتعبير وبين ان خلال تلك الفترة الطويلة لم يخطر ببال أحد ان حمل طالب أو طالبة في المدرسة رمزاً دينياً ينافي العلمانية أو يشكل تهديداً لها.
وقال.. إن الحجاب ليس رمزاً دينياً للمسلمات وإنما هو التزام ديني ينص عليه القرآن الكريم، وتشعر المسلمة ان التخلي عنه يؤذي ضميرها الديني والخلقي في وقت يمكن للطالب المسيحي أن يظل مسيحياً ملتزماً دون أن يحمل صليباً وكذا فإن الطالب اليهودي يظل يهودياً ملتزماً دون أن يرتدي القلنسوة.
وأوضح الشيخ الحصين في رسالة للرئيس جاك شيراك ان دولاً أخرى ليست أضعف إيمانا بالعلمانية من فرنسا وليست أقل منها التزاما بمبادئ الحرية وحقوق الإنسان لم تر ان حمل طالب رمزاً دينياً فضلا عن ممارسته لفريضة دينية ينافي مبادئ العلمانية أو يشكل تهديداً لها. ومضى رئيس مركز الحوار الوطني يقول في هذا الصدد:لقد برر مشروع القانون المشار إليه بأن ارتداء المسلمة للحجاب يعوق اندماج المسلمين في فرنسا في المجتمع الفرنسي، إن التاريخ يوضح ان هذا المبرر غير صحيح، فقبل خمسمائة سنة، جرت محاولة لدمج قسري للمسلمين في المجتمع الاسباني الكاثوليكي عن طريق الضغط على الإنسان ومصادرة حقه في حرية دينه، لكن تلك المحاولة لم تحقق هدفها إلا بعد قرون من المآسي الانسانية، وبعد الغاء محاكم التفتيش في عام 1835م لم نكن نظن أن يفكر أحد ان محاولة شبيهة يمكن ان تحقق الهدف المطلوب وهو اندماج الأقلية في الأغلبية. وبالعكس من ذلك، فإن التاريخ يقدم لنا تجربة ناجحة لاندماج ايجابي بين عناصر المجتمع الواحد، فقبل أربعة عشر قرناً حكم المسلمون اجزاءً من أوروبا وتركوا لغير المسلمين حق الاستقلال بقوانينهم الخاصة وحق الاستقلال بقضائهم وحق الاستثناء من القانون الجنائي العام للدولة، وكان معيار تطبيق الاستثناء عدم تجريم أي فعل يعتقد غير المسلمين أنه مباح في شرائعهم، وكانت النتيجة أنه لم يمض وقت طويل حتى تم الاندماج بين عناصر المجتمع بإرادة اختيارية في صورة يقل مثيلها في التاريخ».
وأكد الشيخ الحصين في ختام رسالته ان المشاركين وقد اجتمعوا لتعزيز قيم التسامح والحرية في المجتمع السعودي تطبيقا لمبادئ الإسلام، يأملون من حكومتكم ومن الجمعية الوطنية الفرنسية الالتزام بالمبادئ الخلقية للعلمانية الفرنسية ومبادئ الحرية والمساواة والاخاء التي كانت وما تزال جزءاً من التراث القومي الفرنسي، وأن يعاد في ضوء ذلك النظر في هذا المشروع.
|