اعتباراً من 1/1/1425هـ وأقل من شهر ونيف، تبدأ بمشيئة الله خطوة كبيرة أقرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تلكم المتمثلة في قصر عمل البيع في بعض الأنشطة التجارية على السعوديين والتي أتت في تنظيمها وتطبيقها على ثلاث مراحل، وقد حظيت هذه الخطوة الجريئة في مضمونها بخمسة وعشرين نشاطاً، وعندما نقول عنها الجريئة، ذلك لأنها تحمل أكثر من معنى، الأول أن العدد المقر يعد كبيراً في الكم، والآخر أنه شامل في النوع، حيث إنه يشمل الكثير من الأنشطة التي يعتبر أغلبها من الأساسيات في احتياجنا المستمر، فهذا القرار قد منح توافر وظائف بالآلاف، والجميل في ذك أن غالبية هذه الأنشطة التجارية وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بمنتجات (الملابس الرجالية - العطور - الساعات- الهواتف الجوالة - قطع غيار السيارات) هي منتجات يقبل على اقتنائها الشباب والحرص الشديد على متابعة آخر الموضات منها، وهذا الأمر يشكل توجهاً محموداً، حيث إنه سوف يجمع فئة عمرية واحدة من خلال طرفين متشابهين إلى حد كبير، في الفكر والمنطق، وهما (المشتري والبائع) مما يحقق معه نجاحاً متوقعاً بإذن الله. ولا شك أن هذا الجهد الذي قدمته الوزارة سوف ينال مباركة كبيرة وساخنة، سواء من قيادة هذه البلاد، أو أولياء أمور الشباب من طالبي العمل، أو حتى الشباب أنفسهم المتعطش للعمل والعيش الكريم، إلا أن المطلب الملح والواجب الإتيان به، أنه من المفترض القيام بخطوات أخرى، كان لابد أن تنتهج من قبل الوزارة. يتمثل ذلك في وجوب إعطاء دورات تدريبية مجانية وقصيرة المدى بما لا يتجاوز شهراً واحداً، على غرار ما عمل مع الراغبين في مزاولة البيع في تجارة الذهب والمجوهرات، وبالإمكان أن تتعاون الغرف التجارية في هذا المجال، على أن تتضمن هذه الدورات إلقاء محاضرات دينية عن الأمانة وشرف المهنة، ومحاضرات اجتماعية عن أخلاقيات العمل والتعريف بقيمة العمل كقيمة دينية ووطنية، إضافة إلى تقنين ضوابط عقابية لمن يحدث مخالفة داخل بيئة العمل ذاتها أو يتسبب في تقصير أو إضعاف في إنتاجية العمل، سواء استنباطاً من نظام العمل نفسه، أو إيجاد محددات إدارية تسهم نحو إيجاد آليات تعين على الانضباط والمحافظة على العمل، والوزارة قادرة على إيجاد مثل تلك الضوابط لتخصصها واختصاصها في شؤون العمل والعمال، أما أبناؤنا الشباب فعليهم أن يدركوا أن هذه الخطوة ما كان ليصدر لها قرار وطني كهذا إلا لصالحهم، ولم يذكر في أصل القرار صفة (القصر) إلا أنه بمثابة احتكار وحق أولاً وأخيراً لأن يعملوا في تلك الأنشطة، وأنشطة أخرى قادمة سوف تقصر عليهم أيضاً.
ومن هذا المنطلق لابد لنا من القول لأبناء وطننا الأعزاء: إن الأمانة والجدية وإثبات النفس، أمور لابد من الإتيان بها، وتحقيقها على شكل أفعال لا أقوال، لأنكم في ميدان تحد أمام واقع منتظر، خصوصا بينكم وبين من يقول عنكم إنكم لم تكونوا بعد على مستوى الثقة، أو الخبرة، أو الصمود، كما أن أفعالكم القديرة، هي أجنحتكم التي سوف تحلقون بها فوق ميادين الجد والاجتهاد، فهلاّ وعدتمونا خيراً، وسعيتم إلى تحويل التنظير إلى واقع ملموس؟ نتمنى ذلك.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|