يكثر الحديث في منطقتنا العربية وفي العديد من الدول النامية عن الاصلاح والتغيير، ويحصر الكثير منهم عمليات الاصلاح باحلال الديمقراطية، وحقوق الإنسان وغيرها من المصطلحات والممارسات والقيم التي أصحبت عناوين لمجتمعات معينة، وهي بالتحديد المجتمعات الغربية، ومع أن الديمقراطية وحقوق الإنسان يظلان هدفين ومسعيين تعمل من أجلهما العديد من الشعوب، إلا أنهما ليسا الهم الوحيد والمقدم على باقي الهموم.
كما ان الاستعداد والتهيئة الاجتماعية ومدى قدرة شعب ما أو مجتمع معين على معايشة هذا النهج يختلف من شعب لآخر، وإذا كانت الديمقراطية قد ترسخت في بعض المجتمعات الغربية وأصبحت نهجاً لا يمكن ان تحيد عنه، وممارستها وتطبيقها يعدان امراً ميسوراً لامتلاك تلك المجتمعات للبنية الأساسية الاجتماعية والسياسية والسلوكية، ولهذا فإن تداول المصطلحات والحديث عنها دون وعي ودون معرفة مدى القدرة على تطبيق هذا النهج أو ذاك، فالديمقطراية مثلها مثل باقي القيم الأخرى لابُدَّ أن تستند الى بنية أساسية تساعد على تطبيق النهج والمسلك السياسي والاجتماعي المراد تطبيقه.
وكذلك لا يمكن ان نضمن التطبيق الأمثل لها، ما لم تسبقها هيئات ومؤسسات ومنظمات العمل المدني، فهذه الوحدات التي عادة ما تقنن وتفعل آليات العمل الديمقراطي، وكيفية ممارسة العملية الديمقراطية ما بين شرائح المجتمع الواحد، انطلاقاً من روابط مهنية أو فكرية، أو اجتماعية ثم تتوسع لتنصهر في بوتقة واحدة للمجتمع ككل سعياً للتحول الديمقراطي.
وبهذا فإن القفز والمطالبة بالاصلاحات الديمقراطية دون امتلاك وتفعيل آليات ومهمات منظمات المجتمع المدني، تعد مجرد صورة شكلية، ونوع من الديكور السياسي الذي يصبح أداة هدم لا أداة تطور.
|