Sunday 11th January,200411427العددالأحد 19 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

صور من الصحراء صور من الصحراء

غرائز الكرم في الصحراء والمدينة
إن غرائز الكرم والإيثار على النفس كثيرة راسخة في الأنفس الكريمة منذ الأزل ولا زالت سواء في الصحراء أو المدينة وأول ما يتبادر إلى الذهن من هذه الأسماء اسم الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله وأدخله جنات النعيم فقد أقام المضائف لتقديم الطعام بشكل مستمر أيام الفقر مثل «مضيف ثليم» ومضيف «خريمس» وغيرها الكثير ويطوف بالذهن كذلك أسماء مشهورة أخرى أمثال الشيخ جابر بن مبارك الصباح الملقب «جابر العيش وصاحب قصر دسمان نسبة إلى الدسم» وابن مهيد «مصوت بالعشا» وعبدالكريم الجربا «أبو خوذة» وحجرف الذويبي ومبارك بن عجاب الغيداني وابن فهيد الأسعدي وابن فهيد الشيباني وابن غازي «معشي الذيب» وابن عبيكه الرمالي ودغيم الضلماوي وشخير المضياني «أخو زانه» وغيرهم الكثير والذين سوف يكون لنا مع سيرتهم وقفات أخرى إن شاء الله في هذه الزاوية.
وهذه وقفة مع أسمين في مقدمة هذه الأسماء في قائمة الكرم والجود وقد اقترنا ببعضهما البعض في الوصف رغم تباعد المسافة الزمنية بينهما.
حاتم الطائي وقيران العنزي. الأول: صاحب السمراء في جبال طيء والذي قال لمملوكه ذات ليلة شاتية شديدة البرودة: أوقد النار في رأس الجبل ليهتدي إلينا الضيوف فإن جاءنا في هذه الليلة ضيف فأنت حر.
أما الثاني: فشهوده معاصرون وأحياء يرزقون وأول شهوده طلاقة محياه وبشاشته في الضيوف وكفه الندية الشاهدة على كرمه ومئات القصائد التي قيلت فيه منذ نصف قرن وإلى الآن:
قلت فيه من قصيدة طويلة:


كل سمع في جود حاتم وقيران
والناس كل تذكره في خصاله

وسمعت قبل ما يزيد عن العشرين عاما أحد المهتمين بالشعر والأدب «عيسى الصقار» يقول: لو لم يقال في قيران سوى بيت واحد لابن عبار لكفاه. فقلت ما هو هذا البيت فقال:


يا نادي الكفين لو كنت من طي
لا أقول لك من ساس حاتم سلاله

إنه أشهر من علم فوقه نار في الكرم والمروءة والشهامة وإغاثة الملهوف فليس ذلك بغريب عليه فهو من أسرة عريقة اشتهرت بمثل ما اشتهر هو به وتوارثته واقتنوا مربطا من مرابط الخيل الأصائل حتى أن أحد أجداده الفرسان لقب «الهذاب» أو أبو هذبات وذلك عندما هذب فوق فرسه في وجه قوم كثيرة وهو يحدو:


يا ما حلا ركب الأصيل
ياما حلا هذباتها
مع لابة ما هم قليل
على العدو عيلاتها

وأما قيران فقد نشأ في الصحراء والبادية بين قومه «الشملان» وبرز بين أقرانه بالهدوء ودماثة الخلق والكرم والإيثار على النفس منذ الصغر فقد روى لي والدي أطال الله عمره هذه القصة الطريفة عنه فقال: عندما كنا في الصحراء وكان طفلاً يرعى أغنام والده كان يقوم بين فترة وأخرى بمناداة من حوله في المرعى ويذبح لهم خروفاً وعندما يعود ويسأله والده عن سبب هذا النقص في الحلال يقول: أكلها الذئب. وعندما أصبح شاباً في مقتبل العمر ذهب من الصحراء إلى المدينة ودخل إحدى الوظائف وخدم وطنه وبنى بيتاً صغيراً في حجمه ولكنه كبير في صيته وأصبح مقصدا لقومه القادمين من البادية يقدم لهم الطعام وكل ما يملك من مال. ثم عين عمدة للحي الذي يسكن فيه «العنوز» وعرف واشتهر وسكن القصور ورزقه الله مالا وفيرا أنفقه في هوايته المفضلة الكرم وقد زرته في شهر رمضان الماضي في المستشفى بعد تعرضه لوعكة خفيفة ثم زرته بعد خروجه في أول أيام العيد لمعايدته فوجدته يتنقل بين بيوت أولاده وأحفاده الذين أصبح منهم الضابط والمهندس ورجل الأعمال وطالب الجامعة وكذلك يستعد للخروج إلى مزرعته الشاسعة ليتفقد أذواده الثلاثة من مزاين الإبل بعد أن استعاد عافيته الصحية والمادية ولله الحمد ومن باب الوفاء له ولأمثاله من الرجال الأخيار أصحاب المواقف المشرفة من القدامى والمعاصرين كتبت هذا الموضوع عنه و كذلك الأبيات التالية:


نطلب من المولى يحفظك ويرعاك
يا الله يا مطلوب حقق سؤالي
الشر يا راع المكارم تعداك
الله يفكك من صدوف الليالي
الحمد لله يوم بالعيد شفناك
متعافي وعندك جميع العيالي
عيالك اللي كلهم مثل شرواك
مثل الحرار بعاليات الجبالي
شوفك علينا واجب يوم جيناك
مع القرابة أنت يا شيخ غالي
ربعك معاك ودايم ما نسيناك
أنا وكثير الناس ماني لحالي
يا اللي على كل القبيلة حمياك
وصلت بحمياك رقم خيالي
تشهد على فعلك مكارم عطاياك
ويشهد على طيبك جميع الرجالي
ويشهد على جودك طلاقة محياك
تقابل العاني بطيب القبالي
ياما عطت من زايد الخير يمناك
مواتر وأموال وأيضا حلالي
لعلنا في كل الأيام نلقاك
يا اللي رقيت بنايفات المعالي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved