الصحافة حدائق تحوي زهوراً من الأقلام، والتي لا يسع القارئ إلا التجول عبر صفحاتها يشتم أريج تلك المقالة.. وينتشي بعبق تلك القصة.. ويطرب بعطر تلك القصيدة.
الصحافة أنهار متجددة من الأقلام التي تزودنا بمداد لا ينضب من الفكر والمعرفة. أقلام كل أمة هي تيجانها التي تزين رؤوسها وترفع قامتها الحضارية، فأساس البناء الحضاري هو ترسيخ الأقلام كأعمدة للمجتمعات المتقدمة.
«صحيفة الجزيرة» مائدة عليها جميع العناصر الغذائية تقدم ما لذ وطاب تمد العقل والفكر بالطاقة والنمو والحيوية، ففيها عدة مواضيع عبر صفحات مختلفة: «محليات».. «دوليات».. «التعليمية».. «المجتمع».. «الإسلامية».. «اقتصاد».. «ثقافة».. «فنون».. «الرياضة».. وكذلك المواضيع العلمية وكل ما يخص الكون وأسراره والجديد في الطب والعلم والتكنولوجيا عبر صفحاتها: «الصحية».. «عالم السيارات».. فهي على ذلك تقدم جرعة كبيرة من تذوق معطيات الفكر وإنجازاته، إلى جانب التحقيقات والحوارات الصحفية فعرَّفت برموز النهضة ومعالمها ومظاهرها في المملكة العربية السعودية. أيضاً التغطية الشاملة لكافة الأحداث والتطورات اليومية التي تشهدها الساحة العربية والإسلامية والعالمية، تتناول القضايا التي استجدت على السطح الثقافي وعبرت عن الرؤية السعودية لقضايا العصر، تواكب المتغيرات المتطورة لتلبي رغبة القارئ الملحة لتكون جميع الأحداث بين يديه كل صباح، فخاطبت أشواق القارئ العربي، وتخاطب الرأي العام العالمي وترصد أحداثه.. وهي في عمقها وجوهر رسالتها صورة مشرقة للرزانة والرصانة والنزوع إلى الوسطية والاعتدال والمرونة ومثالٌ للموضوعية.
انتقالة حضارية قد تحققت لـ«صحيفة الجزيرة» في الإعداد والتحرير والإخراج والطباعة واتساع نطاق انتشارها وتوزيعها يوما بعد يوم.. ويتكاثر قراؤها لأنها صحيفة الجامعي والثانوي والإعدادي والابتدائي وأيضاً صحيفة الدكتور في العموميات من تخصصه أو في تخصصه من العموم، مما جعل هذه المنشورة العربية أليفة في كل بيت ويد.
التقدم والتطوير شمل كل جوانبها المختلفة.. من ملاحق متعددة: «الإصدار الدولي» و«العالم الرقمي» و«الثقافية» و«مجلة الجزيرة» مكتسية جميعها ثوبا جميلا، وعلى صفحاتها آخر الأحداث السياسية في العالم، وآخر ما اخترعته العقلية البشرية، وعلى صفحات الثقافية وزعت الزهور وعطر الليل والأدب والشعر والثقافة والفن، ونضدت الحروف لتتبرعم الأفكار وتورق المفيد وتثمر الوعي في أحلى صيغة وأروع اخراج، كل ذلك مع أناقة طباعة الملاحق ومجانية توزيعها، فملحق «المجلة» مجلة مزركشة بكل ما اشتهت نفسي وطلب عقلي وتتلمس أصابعي..!
«صحيفة الجزيرة» مدرسة متميزة في الصحافة العربية انتهجت الأساليب الحديثة في التدريس بالحوار والتفاعل مع قرائها فصورت تفاعل المواطن مع الوطن واعطت المجال لذوي المواهب الإبداعية التي لم تظهر إلا فيها واهتمت بصقل المواهب الأدبية الشابة وتشجيعها لكي تبدأ التقدم في المسار الصحيح والدرب الواضح. وقد فتحت أبواب صفحاتها لقرائها فهنا صفحات: «عزيزتي الجزيرة».. «الرأي».. «مقالات».. كل ذلك دلالة على العناية بالرقي بالمجتمع وعلى رحابة صدرها في تفاعلها مع قرائها والعمل على استقطاب جيل جديد من الكتاب والأقلام والأدباء لتأخذ موقعها في صفوف الكفاءات والقدرات البيانية التي تتولى زمام قيادتها والتي لها باع طويل في امتلاك ناصية الكلمة، مما جعلها تتقدم برؤية جديدة فهي نتاج الكل للكل وهي المؤسسة الثقافية التي احتضنت كل من أبدى المواهب الأدبية، فكم من لآلئ إبداعية ما كانت لتومض ببريقها الصافي إلا لو كشف عنها الغطاء؟! وكم زهرة أينعت بلونها ثم ما لبثت ان ذبلت نضارتها في هواء الصحراء؟!.. ربما في سلة المهملات الكبيرة تلك الأقلام التي قتلت ولو وجدت من يشعلها لكان لها شأن في خدمة الأمة والوطن!
ختاماً من قارئ يطالع صحيفة «الجزيرة» كثيراً ويسهم بالكتابة فيها قليلاً، ويحرص على لقائها مع كل إشراقة شمس، ويعشق مصاحبة «المليحات» من الصحف السعودية أبعث بخالص التقدير وعواطف الامتنان إلى كل العاملين في صحيفتنا الغراء، وأسأل الله ان يوفقهم للخير دائماً والاستمرار في مد إشعاعها.. وأملي وقد بلغت «صحيفة الجزيرة» أشدها ان تواصل رسالتها للمزيد لنشر المعرفة وتوسيع آفاق التواصل، وسعيها وإصرارها على تجديد وتطوير حضورها أمام تحديات التكنولوجيا والثورة المعلوماتية، والاستمرار لبناء مستقبل تطورها ونشد على يدها ان يكون ذلك دأبها.
فؤاد أحمد البراهيم
ص.ب 11782 الأحساء 31982 |